6 أسباب للحنين إلى البراء أشرف

أحمد أسامة

” أرجو لو يكون رحيلي، سهلا، سلسا، بسرعة دون ألم يخصني أو يخص الذين سيملكون وقتا وقلبا للتألم على رحيلي وأريد أن يسامحني بعض الأشخاص، ويحبني بعضهم، ويكرهني بعضهم، على أن تكون الأفعال السابقة حقيقية جدا، لا زيف فيها ولا ادعاء”..

ربما لم يكن البراء أشرف يدرك حين كتابته هذه الكلمات أنها ستدخل حيز التنفيذ بالفعل بعد عدة أيام عندما توفاه الله، حيث تبارى المحبون والكارهون لإظهار ردود أفعالهم علنا؛ وبِغض النظر عن مواقفهم تلك، إلا إنهم قد لا يدركون أنهم قد حققوا للبراء أمنيته الأخيرة كما ذكرها في الفقرة السابقة وأن هذا ما يسعده حقا.

 

البراء أشرف يكتب: ماذا حدث للبراء أشرف؟

 

في ذكرى رحيله الثانية 6/9/2015، لا يستطيع أحد إنكار ما حققه البراء أشرف على مدى سنوات عمره الثلاثين من إنجازات ونجاحات في الوسط الإعلامي مرورا بالمدونات الإلكترونية ومجال صناعة الأفلام الوثائقية. وكان مقال “6 أسباب للحنين إلى روبي”، تميمة حظه، وبسببه ذاع صيته حتى وصل إلى الفنانة روبي وتحدثت عنه في لقائها مع الإعلامية إسعاد يونس في برنامجها صاحبة السعادة، وكيف أن هذا المقال مثَّل لها دفعة معنوية هائلة في فترة كانت تعد غير متزنة بالنسبة إليها وأبدت أسفها لعدم مقدرتها على الاتصال به وشكره. وعلى نفس المنوال أكتب 6 أسباب للحنين إلى البراء أشرف.

 

1- مواجهة الأزمات بالكتابة

تميز البراء بأسلوب كتابي ممتع للغاية ومتميز جمع ما بين السخرية والكوميديا السوداء والسهل الممتنع المغرق في الجدية، ففي وسط الأزمة المثارة تجده ينتقدها بالسخرية ويحلل تفاصيلها بالسخرية، كما كان تناوله يعتبر فنًا في حد ذاته، فتجده يسلط الضوء على تفاصيل غير مرئية للعيان ويقوم بتحليلها لتجد أن تلك التفصيلة أصبحت كيانا منفصلا بذاته لا تقل أهمية عن أهمية الموضوع الأصلي.

 

البراء أشرف يكتب: صرت كبيراً

 

2- الشخصية المثيرة للجدل

شخصية البراء أشرف كانت وما زالت محل جدل شديد في الأوساط الشبابية والإعلامية، فنظرا لتأثره بأكثر من خلفية اجتماعية وسياسية واختلاطه بأكثر من تيار، أدى ذلك إلى تكوين شخصية مختلفة ثرية بتنوعها وتفاصيلها، لها مواقف ووجهات نظر خاصة وفريدة من نوعها، مما جعله عرضة للنقد الشديد من الجميع والإطراء كذلك في نفس الوقت، إلا أنه لم يكن يعبأ بكل ذلك.

 

البراء أشرف يكتب: الكنبة اللي ورا!

 

3- الأزمات الشخصية

لم يكن البراء خجولا فيما يتعلق بأموره الشخصية أو حريصا على إخفاء ما يواجهه من صعوبات، بل كان متصالحا مع نفسه إلى أقصي حد وكان لا يجد حرجا في الحديث عن المتاعب التي يتعرض لها بسبب اسمه الذي كان بسببه يحسبه البعض على تيار معين، أو المشاكل الأخرى المتعلقة بزيادة وزنه وسمنته التي كان يرى فيها السبب الأمثل لعدم تعرضه لاستيقافات الشرطة له في الكمائن نظرا للعرف السائد بأن الشخص ذو الوجه الطفولي والبدين لا يمكن أن يكون شريرا، بل وصل به الأمر إلى نشر كتابه الوحيد مستوحيا اسمه من (البدين)، كناية عن نفسه.

 

البراء أشرف يكتب: بقاء

 

4- نقاشاته مع مليكة

استلهم البراء سلسلة مقالات نشر بعضها عن الأسئلة التي كانت توجهها إليه ابنته الكبرى “مليكة”، ونقاشاته معها والتي كان يرى أنها أسئلة وجودية لا تقبل إجاباتها القسمة على اثنين، فدائما ما تكون أسئلتها مركزة شديدة الحساسية تحتاج إلى تركيز شديد قبل الإجابة عليها، وكان يرى أنها أسئلة توحي بذكاء ابنته ومعرفتها للإجابة دون الحاجة إلى إجابته، بل كان يرى أنها كانت تتعمد سؤاله لتلهو وتتسلى بردود أفعاله أثناء إجابته لها.

 

البراء أشرف يكتب: بيان ختامي

 

5- رأيه في عمله

كان البراء أشرف يرتبط بعمله ارتباطا من نوع خاص، فعلى الرغم من حبه الشديد له واقتناعه بأن مجال الأفلام الوثائقية هو مجال الأفكار الخصبة، إلا أنه كان مقتنعا بأن ذلك العمل أثر بشكل كبير جدا على حياته الشخصية وعلاقاته وأنه لا يستطيع المواءمة بين الاثنين نظرا لاستغراقه في عمله بكامل كيانه وقلبه مما حدى به إلى كتابة مقال عن ذلك خصيصا أسماه “عن عملي الذي دمر حياتي”، ولاقى استحسان القراء، وعلى الرغم من ذلك استمر البراء في عمله دون ملل أو تعب وكلل ذلك بإنشاء شركته الخاصة “هاند ميد ستوديوز” لصناعة الأفلام الوثائقية.

 

البراء أشرف يكتب: مطاوع يتحدث عن نفسه

 

6- أحلامه وطموحاته

شكلت أحلام البراء أشرف هدفا وطموحات للكثير من القراء فقد كان حالما إلى أقصى درجه ليس هناك سقف لتلك الأحلام أو حدود مهما كانت هذه الأحلام في نظر البعض طائشة أو صبيانية ومهما كانت العراقيل والعواقب، خصوصا بعد رحيل محمد يسري سلامة المفاجئ أيضا، فبدى جليا ظهوره كمبدع حقيقي ورفضه لجميع المعتقدات السائدة، كما كان جليا في مقالته الشهيرة “المبولة”، لدرجة أنه تمنى الموت قبل أحبته في أحد مقالاته حتى لايشعر بالآلام إذا ما فقد أحدا منهم.

 

خلف رحيل البراء أشرف فراغا كبيرا لدى الجميع، حيث افتقدنا المتعة والإبداع؛ وحتى الآن لم يظهر على الساحة الإعلامية من يثبت أنه جدير بخلافته، حتى إن رحيله بات أشبه بمعضلة تسليم ورقة الإجابة قبل انتهاء الوقت المحدد، فورقته كانت متعددة الصفحات والجميع في ترقب وانتظار لما كان سيكتبه، فهل لرحيله معنى أن أفكاره نضبت فمات؟، أم أن الموت مارس لعبته المفضلة باختطاف أفضل من فينا؟؟

البراء أشرف يكتب: حرف الواو