أحمد سلهوب يكتب: الأكشاك وإذاعة القرآن

لجأت الدولة المصرية ممثلة في مجمع البحوث الإسلامية إلى إنشاء أكشاك الفتاوى ببعض محطات مترو الأنفاق في محاولة منها لتصحيح مفاهيم الدين المغلوطة وتصحيح الصورة الذهنية عن الدين الإسلامي الحنيف ولتذليل عقبات المحتاجين للفتاوى خاصة فئة الشباب.

فقابل البعض الفكرة بإحسان وآخرون قابلوها بمزيد من الريبة، مخافة أن تكون النواة الأولى لتأسيس ما يسمى هيئة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” على غرار الحاصل في الأراضي السعودية.

تلك الخطوة في اعتقادي ضرورة ملحة فرضها الواقع لا سيما بعد أن زادت وتيرة الفتاوى الدينية من غير أهل الاختصاص، وهذا ما يفضي لعواقب وخيمة تؤتي بثمار سلبية على التماسك المجتمعي المصري، خاصة مع تغول وانتشار وسائل الاتصال الحديثة التي باتت متنفساً حقيقياً لما يصول ويجول في العقول.

ومن وقائع القتل التي حصلت نتجية لترسيخ فكرة الإقصاء والقتل وعدم الإدراك الحقيقي لمقاصد الشريعة وفهم علوم اللغة الغربية ، ما شهدته مدينة الإسكندرية الساحلية منذ حوالي ثلاثة أشهر، حيث قتل مصري مسلم مواطنه المسيحي لمجرد أنه يبيع الخمر وذبحه بسكين، واتضح فيما بعد أن القاتل جاهل بالقراءة أصلا، واستمد فكره من أحد شيوخ الفكر الضيق.

ولكن نقول أن الأكشاك لوحدها ليست كفيلة ورادعة للفكر المتطرف في ظل عالم متنامي ومتسارع، فهي فكرة قديمة قدم حياة الإنسان المصري في بدايات القرن العشرين.

فهناك طفرة هائلة في وسائل التكنولوجيا الحديثة تختصر عامل الزمن والوقت لابد من استغلالها من قبل المؤسسة الدينية في مصر وتقديم حلول سريعة تواكب العصر، وآلا يقتصر حلولها داخليا فقط بل خارجيا لمجابهة ظاهرة الإسلامو فوبيا في أوروبا.

والسؤال هنا لماذا لا يلجأ الأزهر الشريف وكل المؤسسات المنضوية تحت مظلته إلى إنشاء تطبيقات خاصة به بعدة لغات لتوضيح سماحة الإسلام، لوأد الفكر المتطرف في مهده وتغذية الأذهان بلبن مصفى من الغلو بالتزامن مع تلك الأكشاك التي أثارت جدلاً في غير محله، وماهي المعوقات التي تمنع الأزهر الشريف من إنشاء محطات تلفزة خاصة به على كافة الأقمار الإصطناعية وتدشين برامج جديدة لمناقشة قضايا العصر.

كما نود الإشارة هنا إلى الدور البناء لإذاعة القرآن الكريم المصرية من حيث نوعية المضمون، والتقدم الذي قطعت فيه شوطا كبيرا لمسايرة العصر خاصة قضايا الشباب والأسرة وغيرها، وأبرز برامجها الآن “دقيقة فقهية”، ولكن أيضا على الدولة النهوض بها بشكل متزايد لا متكاسل، لعدة أسباب أبرزها اندلاع “الحروب السيبرانية أو حروب الإنترنت”، والتي انتصرت فيها الجماعات المتطرفة كداعش وغيرها على عتاة الاستخبارات العالمية، ونجحت في استقطاب شباب جدد وغزت أوروربا بفكرها وعملياتها الوحشية.

وفي النهاية لا بد من تفعيل مجددا قضية المراجعات الفقهية في السجون المصرية، وأن تبذل السلطات المعنية جهودا خارقة في تفعيلها لأن السجون لو غصت بعمليات التعذيب لا الإصلاح وشرح قضايا الدين فهي تربة خصبة أيضا لنشأة العنف المميت، ونذكر بأن في السويد سجون أغلقت بفضل الإرشاد وفي البرازيل يقضي الجاني نصف العقوبة في حالة قراءة عدد معين من الكتب.