منار قدري تكتب: الانحدار الإعلاني في ظل غياب الفكرة وسطو النجوم

ونجمة السما بعيدة… هكذا قال العندليب في وصف الحبيبة ذات البريق والقدر الغالي، وأعتقد أن لقب “نجم”  جاء أيضا لوصف كبار الفنانين الذين يتمتعون بشعبية كبيرة وحب في قلوب المعجبين. وربما أيضا جاء التشبيه لأنهم مثل النجوم إذا وجدوا على الأرض احترقوا وذهب بريقهم. ولكن الآن أصبحنا في بلد قررت النجوم ترك أماكنهم والنزول لمزاحمة خلق الله في أرزقهم. وفي ظل هذا التزاحم غابت الفكرة وغاب المعنى الإعلاني وغابت الوجوه والأصوات الجديدة التي كانت تلجأ للإعلانات كبداية سلم المجد الذي أصبح الآن هو الباب الأمامي لدخول كبار الفنانين.

لم أعد أرى مذيعين في القنوات الشهيرة للبرامج الاجتماعية والمنوعات تقريبا غير مفيدة شيحة والشيف الشربيني، بقدر ما أرى عدد الممثلين والفنانين الذين احتلوا أماكن الشباب المذيعين وأماكن الضيوف ليس هذا فقط ولكن أيضا احتلوا أماكن الشباب الموهوبين في التقديم الإذاعي والتليفزيوني والإعلانات!! ومما لا شك فيه أن “محدش يقول للرزق لأ” ولكن هناك شيء اسمه الاختيارات التي تميز الفنان عن غيره وتصنع نجاحه.

هناك قاعدة شهيرة تقول إن الخطأ في تطبيق النظريات لا يعد فشلا في النظريات وإنما فشل في التطبيق. لقد درسنا في علم التسويق أن توظيف عنصر المشاهير داخل اللوحة الإعلانية دائما يكون يكون بهدف؛ إما الإغواء للارتقاء بأسلوب الحياة مثل ارتداء ماركة شهيرة للساعات أو النظارات أو السيارات أو غيرها مع اختيار النجم حسب جماهيريته بحيث لا يخاف العملاء المستهدفين من الإقدام على شراء هذا المنتج وذلك تصورا منهم أنه غالي الثمن، كما حدث في إعلان اتصالات للنجم محمد رمضان فقد جاء الإعلان رسالة واضحة أن الباقات تخاطب الجميع الجدع والشهم والصايع والمحترم المثقف آخر ديك في مصر، أو بهدف التحفيز لفعل شيء مثل الإقلاع عن الإدمان من خلال قصة نجاح لاعب كرة قدم محبوب تُعرض للشباب أنه بإمكان الفرصة أن تكون مثله، أو العمل الخيري، ولكن حتى استخدام الفنانين -إلا من رحمه ربه-في إعلانات الخير، أصبح منفرا وليس محفزا، مما يأتي به الإعلان من كم التبذير الذي يدعو للخير وأن تكلفة إيجار المعدات وديكور المواقع والأزياء تكفي التبرع ما لا يقل عن 3 أشهر لأي مكان من هذه الأماكن التي تريد الدعم بشكل حقيقي. الآن أصبح وجود الفنان في الإعلان يؤكد عدم وجود فكرة، ومدى الفقر الإبداعي. اعطوا الفرص لمستحقيها وإن لم تريدوا فـ على السادة الكرياتيف والمبدعين بالدراسة، لتعزيز الموهبة إن وجدت، حتى لا تغيب المعايير الأساسية للإعلان.