عندما انطفأت الشمس واختفى أحمد مالك

سما جابر

لمن لم يقرأ الرواية الأصلية أو يشاهد الفيلم الذي أُنتج عام 1962، ربما لم يتوقع الحدث المؤلم الذي وقع في نهاية الحلقة الرابعة عشر من مسلسل “لا تطفئ الشمس” ومحاولة انتحار الفنان أحمد مالك “آدم” بعدما علم بخبر وفاة حبيبته “حبيبة” التي قدمتها مي الغيطي.

لم يتوقع هؤلاء أن الشاب المليء بالحيوية والنشاط والبهجة والتفاؤل، الذي يحاول إسعاد نفسه والآخرين بأي وسيلة دون الاكتراث إذا كانت الوسيلة صحيحة أم خاطئة؛ إقدامه على تلك الخطوة التي تقلب أحداث المسلسل وتوتر وتصدم المشاهدين.

“أنا أنضف واحد فيكم.. عشان أنا مش كذاب”.. كانت هذه الكلمات الأخيرة التي اختتم بها مالك دوره وقرر بعدها الانتحار… كان أصدق شخص في أسرته فعلًا، كان متسقًا مع ذاته، يفعل ما يرضيه دون النظر لأي اعتبارات، لم يكذب على نفسه أو حبيبته، بل اعترف لها في أحد المرات بخيانته لها لأنه لا يريد إخفاء أي شيء عنها.

وجد المشاهدون عبر هذا المسلسل تحول كبير من أحمد مالك المراهق الذي ظهر مع غادة عبد الرازق في مسلسلي “مع سبق الإصرار” و”حكاية حياة”، إلى أحمد مالك “الرجل”، الممثل المبدع، الناضج فنيًا، الذي تضحك معه من قلبك عندما يقرر “الغلاسة” على أحد إخوته أو حبيبته، وتدمع عيناك من الفرحة عندما يجذب إخوته ويقرروا جميعهم الرقص على أغنية “رايح أجيب الديب من ديله”، ويتقطع قلبك معه أيضًا عندما يعلم بوفاة حبيبة ويقرر مواجهة أسرته بحقيقة كل واحد منهم ثم الانتحار!

لم يخذل “مالك” آراء من توسموا فيه خيرًا منذ ظهوره في مسلسل “الجماعة” عام 2010، على يد كل من الكاتب وحيد حامد والمخرج محمد ياسين، وأدائه لدور حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان في طفولته، حيث أدى الدور بلباقة وطلاقة وتمكن، بجانب إتقانه التام للغة العربية الذي لفت نظر الجمهور إليه وقتها بشكل كبير، ليتنبأ البعض له أنه سيصبح ممثلًا محترفًا وفنانًا مؤثرًا وقد كان بالفعل.

لم يكن “الجماعة” هو العمل الأول الذي أظهر لنا ممثل متميز، لكن قبلها بعامين ظهر “مالك” من خلال فيلم “مفيش فايدة” مع الفنان مصطفى قمر، مجسدًا شخصية الطفل شبيه الفنان إدوارد وهو طفل، كما ظهر وهو في عُمر الـ10 سنوات في عدد من الإعلانات، لكن الجمهور تقبله طفلًا وشابًا فيما بعد، فلم تظلمه أدواره وهو طفل ولم تؤثر على الجمهور مثلما حدث مع عدد من الفنانين، الذين نفر الجمهور منهم بعدما كبروا وبدأوا في تقديم أعمال تتماشى مع عمرهم لكنها لم تلائم ذوق المشاهد الذي اعتاد على متابعة الفنان “الطفل”.


لكن تألق أحمد مالك الحقيقي لم يكن من خلال “الجماعة” فقط، بل ما تلا المسلسل من أعمال، حيث قدم شخصية سعد داود في مسلسل “الشوارع الخلفية”، الشاب الثائر الذي مات برصاص الإنجليز في إحدى المظاهرات ضدهم، كما كان دوره في مسلسل “مع سبق الإصرار” هو الأبرز الذي قدم من خلاله شخصية الشاب المتلعثم الذي أدمن المخدرات ويتسبب في وضع والدته التي جسدت دورها الفنانة غادة عبد الرازق في العديد من المشكلات، كما شاركها في مسلسل “حكاية حياة” بدور “أدهم” الشاب الذي يسكن في بناية بجوار والدته التي تقترب منه دون أن تخبره بحقيقة الأمر، ثم تنشأ بينهما علاقة حب من طرفه للتوالى الأحداث.

أدوار الفنان الشاب في السينما لم تقل “عظمة” وجرأة عن أدواره في التلفزيون، حيث تألق من خلال العديد من الأدوار مثل شخصية علي منصور الحفني، في فيلم “الجزيرة 2″، مجسدًا شخصية نجل أحمد السقا “منصور الحفني”، الذي تربى مع عمه بعيدًا عن والده المسجون، والذي يقع في عدة أزمات بعد خروج والده من السجن، كما أدى دور سيكو في فيلم “ريجاتا” الذي أثار الجدل منذ عرضه، كما شارك في أفلام أخرى أثارت إعجاب متابعيه مثل “أهواك” و”الجيل الرابع” و”اشتباك” إلى قدم دور كريم في فيلم “هيبتا” الذي نجح من خلاله في تكوين ثنائي متميز مع الفنانة الشابة جميلة عوض التي شاركته في دور شقيقته في “لا تطفئ الشمس”.

لكن حتى الآن اجتمع عدد كبير من متابعي أحمد مالك ومسلسل “لا تطفئ الشمس” على أن دور “آدم” هو أفضل الأدوار التي قدمها في مشواره، كما أنه لا زال البعض ينتظر أن تحدث المعجزة ويظهر “مالك” في الحلقات القادمة وهو حي يُرزق.

Image may contain: one or more people