"المرأة في غرف الأخبار" بين طموحها المهني وتقاليد المجتمع - E3lam.Com

فاتن الوكيل

أقيم مساء أمس الثلاثاء، المنتدى الأول للنساء في غرف الأخبار، في فندق ماريوت القاهرة، والذي جمع كبار الإعلاميين التنفيذيين، ورؤساء التحرير، والصحافيين، وخبراء الإعلام، في مصر، لمناقشة التوازن بين الجنسين داخل غرف الأخبار والمؤسسات الإعلامية.

وقد انقسم المنتدى إلى جلستين، الأولى حملت عنوان “التكافؤ بين الجنسين داخل غرف الأخبار في مصر”، بينما حملت الجلسة الأخرى عنوان “نساء مبتكرات في الإعلام”، وقدمت نماذج نسائية خضن تجاربهن الصحفية بأنفسهن.

الجلسة الأولى، أدارتها الإعلامية منى سلمان، وشارك فيها عاصم البصال، العضو المنتدب لشركة مباشر ميديا، والكاتب الصحفي علاء ثابت، رئيس التحرير السابق لصحيفة الأهرام المسائي، وعماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق، وفتحية الدخاخني، مدير الموقع الإلكتروني للمصري اليوم، والإعلامية لينا الغضبان، والتي تعمل حاليا مدربة إعلامية وأستاذة للصحافة التلفزيونية في الجامعة الأمريكية.

أكد البصال في بداية النقاش أن المرأة لعبت أدوارا كثيرة في مجال الصحافة والإعلام، مشيرا إلى أهمية وجود معايير ثابتة لضمان التكافؤ بين المرأة والرجل في غرف الأخبار، موضحا أهمية التعامل مع “جودة المنتج الصحفي”، وليس ساعات العمل خلال اليوم، والالتزام بمواعيد الحضور والانصراف، وهو ما يعتبر ميثاق صحفي يتم العمل به داخل غرف الأخبار لتحقيق هذا التكافؤ.

أما علاء ثابت، فقال إن العدد الأكبر داخل كليات الإعلام يكون للنساء، مؤكدا أن مقاييس تقدم الدول حاليا لا تعتمد فقط على الجوانب المادية ولكن تعتمد على تمكين المرأة، مشيرا إلى نماذج نسائية أثرت بقوة داخل المجال الصحفي، مثل رينيه تقلا والتي كانت صاحبة قرار نقل مقر مؤسسة الأهرام من الإسكندرية إلى القاهرة.

أضاف أن التمييز ضد المرأة في غرف الأخبار يظهر خاصة في المناصب القيادية، حيث تستبعد المرأة عادة، عندما تكون هناك منافسة بينها وبين الرجل على أحد هذه المناصب، واعتبر أن هذه المشكلة عالمية وليست مصرية فقط.

أوضح أن المجتمع ينظر لعمل المرأة في الصحافة بنظرة سلبية، وأعطى “ثابت” مثالا على ذلك، حيث قال إلى عام 2003، قررت الأهرام تعيين العشرة الأوائل على كلية الإعلام، داخل المؤسسة، وبالمصادفة كان جميعهن من النساء، مؤكدا رفضهن جميعا لهذا العرض، بسبب نظرة المجتمع لعمل المرأة في الصحافة.

عماد الدين حسين، أكد على عدم وجود قواعد منافسة عادلة داخل المجال الصحفي بين المرأة والرجل، ودعا إلى مناقشة جدية للرحلة التي تقوم بها الفتاة منذ دخولها كلية الإعلام وحتى مشاركتها في العمل الصحفي الفعلي، حيث تكون الغلبة العددية للمرأة داخل مدرجات الجامعة، لكنها تكون أقل عددا داخل صالات التحرير.

أوضح عدم إمكانية فرض ظروف عمل ما على المرأة من دون معالجة هذا الخلل المجتعي الذي يفرض عليها أعباء كثيرة، مشيرا إلى عدم حل هذه المشكلة إلا بمعالجة هذا الخلل.

أما فتحية الدخاخني فقالت إن القائمين على المهنة ينظرون إلى تغطية المرأة لمناطق النزاع والحروب على أنه “عمل استثنائي”، في الوقت الذي يفترض أن يكون فيه أمرا طبيعيا، كما رفضت فكرة تخصيص أقسام صحفية تُناسب عمل المرأة وظروفها المجتمعية، معتبرة ذلك تمييزا أيضا.

أضافت أن الخطأ هو إلقاء حمل المنزل على المرأة وحدها، وهو ما يخلف صراعا نفسيا داخلها، كما رفضت تعميم سلوكيات بعض الصحافيات اللاتي يتركن عملهن الصحفي في أوقات معينة من اليوم لمراعاة أسرهن، وتعميم ذلك على باقي الصحافيات، وتابعت أن المرأة في الصحافة مطالبة دائما بتقديم المزيد، وأن نجاح الرجل في المهنة هو نجاح لجميع الرجال، بينما ينظر إلى نجاح المرأة على أنه حالة فردية.

الإعلامية لينا الغضبان دعت النساء إلى الالتزام بالصراحة مع أنفسهن، وأن تتخلى النساء عن المطالبة بالتمييز لصالحهن داخل غرف الأخبار، وعدم تحميل رب العمل ظروفها الشخصية، مؤكدة أنها عملت في البداية كمراسلة صحفية وتلفزيونية وعندما أصبحت أما، اتجهت إلى عمل صحفي آخر يناسب ظروفها.

أكدت على أنها لم تشهد أي تمييز خلال فترة عملها في التلفزيون المصري الرسمي، وأن المرأة هناك تتدرج في جميع المناصب القيادية دون تمييز ضدها،  لكنها أشارت إلى أن ذلك غير مرتبط  بالضرورة بتقديم مادة إعلامية جيدة على الشاشة.

انتقلت بعد ذلك إلى الإشارة لوضع المحافظات الأخرى خاصة الصعيد، موضحة أن فرصة تفوق المرأة في المحافظات أكبر من الرجال، وهو ما سنشهده في حال الاهتمام بالصحافة المحلية، مؤكدة أن بعض الموضوعات مثل المواريث والختان ستتمكن المرأة وحدها من تناولها صحفيا في هذه المجتمعات المحافظة.

الجلسة الثانية في المنتدى، والتي حملت عنوان “نساء مبتكرات في الإعلام”، فأدارتها الإعلامية ريهام سالم، وشاركت فيها كل من دعاء جابر، الصحافية بموقع “ولاد البلد”، ومؤسسة صفحة “اسكندراني”، وناميس عرنوس، مديرة المنصة الإلكترونية “احكي”.

استعرضت كل منهن تجربتها الصحفية والتحديات التي تواجهها، حيث قالت ناميس عرنوس، أنها أرادت من خلال “احكي” كسر قالب المواقع النسائية، التي تعتمد فقط على تسليط الضوء على الموضة والطبيخ، وبالفعل بدأت عملها في 2016، وأرادت من خلال “احكي” تغيير وجهة نظر المجتمع تجاه المرأة وعملها، من خلال تقديم نماذج نسائية مؤثرة في المجتمع، كما أوضحت أهمية وجود خطة عمل لضمان استمرار تجربتها مع “احكي”.

أما دعاء جابر، فأشارت إلى معاناة اعتبار الصحافيين في المحافظات الأخرى، مجرد مراسلين، وأشارت إلى أن أحد مشاهد التمييز ضد المرأة يظهر من خلال تقسيم العمل وقت الانتخابات، حيث يُكلف الرجل بتغطية اللجان التي ربما تشهد اضطرابات، بينما تستبعد المرأة، مؤكدة أن النساء قادرات مثل الرجل  على تغطية هذه الأحداث، وهو بالفعل ما أثببته في الموقع، من خلال أخذ المبادرة، وعندها تمكنت من تغيير رؤية المديرين لقدرات المرأة داخل المؤسسة.