أحمد فرغلي رضوان يكتب: The circle ..سؤال سينمائي عن خصوصية حياتنا

هل يوجد شيئا مغريا للجمهور أكثر من أن يذهب الى السينما ليشاهد فيلما لواحد من أكثر نجوم هوليوود موهبة “توم هانكس” بالطبع لا، فمن المؤكد سنشاهد عملا سينمائيا على الأقل جيدا ولكن للأسف خابت توقعاتي ومعي الجمهور القليل في دار العرض والذي ظل يتململ في مكانه طوال مدة الفيلم والذي لا يقدم الجديد حول قضايا طرحت من قبل عن التأثير الشرير لتكنولوجيا المعلومات على حياة البشر، ربما كانت فكرة الفيلم جيدة ولكن السيناريو لم يلائم متطلبات ما يجب من أحداث مثيرة لتنفيذها باستثناء دقائق قليلة في الثلث الأخير من أحداث الفيلم تجعلك تنجذب لهذا العمل والذي يعتبر من أقل أعمال توم هانكس فنيا! رغم انه المفترض الأن أكثر خبرة عن الماضي، ومن الممكن جدا الربط بين مؤسسة the circle وشركة Apple وتوم هانكس وستيف جوبز.

وخلال أحداث الفيلم فشل السيناريو أن يقدم تفسيرا لكثير من مواقف الفيلم المختلفة مثلا فجأة نجد الكاميرات الخاصة بالدائرة تنتشر في جميع أنحاء العالم وجاء الفيلم متواضعا في كل عناصره من تصوير ولوكشن وإخراج أيضا وحتى التمثيل لهانكس كان عاديا “يعتبر غلطة الشاطر” بالنسبة له وكان حضوره أقل من البطلة “ايما واتسون” والتي كان أداءها جيدا خلال فترات قليلة خاصة مشاهدها الإنسانية مع والديها.
إمبراطورية الشر !

 

الفيلم يفتح نقاشا كبيرا حول فكرة ملحة الأن عن خصوصيتنا الإنسانية وسط التحولات التكنولوجية وتدخلاتها الرهيبة في حياتنا اليومية وجعلها حياة عامة متاحة في أحيانا كثيرة وما ممكن ان يسببه ذلك من كشف لخبايا النفوس البشرية ومشاعرها بشكل مؤذي أحيانا، الفيلم مستوحى من رواية نشرت عام 2013 بنفس الاسم للكاتب “ديف إيجرز” والذي قام بمشاركة المخرج “جيمس بونسولدت” كتابة السيناريو ، وتدور أحداثها حول شابة “ماي هولاند” والتي تلعب دورها “ايما واتسون” تعيش مع والديها وتكافح معهما لإيجاد نفقة علاج الأب بعد أن عجز التأمين عن توفيرها! ويدفعها القدر للعمل بشركة “The Circle” وهي شركة مريبة ممكن إعتبارها “إمبراطورية للشر” تعمل في خدمة توفير رفاهية المعلومات للبشر وهدفها “الخفي” إقتحام خصوصية حياة البشر والقضاء عليها وتعرية العالم أمام بعضه البعض تحت هدف “عالم أكثر شفافية” لنعيش حياة مثالية خالية من الأسرار! وبالطبع هذه التيمة الدرامية كان ممكن جدا أن تخلق متعة وإثارة أكبر مما شاهدنا طوال أحداث الفيلم.

ويتم إستغلال الفتاة البريئة “ماي” هي وأسرتها كتطبيق عملي لهذا الإختراع الجديد والأقرب لنموذج برامج الواقع التي شاهدناها عبر محطات التليفزيون وبالطبع هو اختراع “شرير” للبشرية وعبر عن ذلك الأمر بنظراته في أفضل مشاهد الفيلم مدير الشركة “توم هانكس” في نهاية الأحداث عندما تواجهه “ايما واتسون” وذلك بعد معالجة سطحية وسرد ممل طوال أحداث الفيلم لفكرة العمل !

 

من المؤكد لا يمكن قبول هذا التطور التكنولوجي من جانب أي شخص حيث يجد نفسه وتصرفاته على الملأ امام العالم! وربما كانت “الشفافية” مهمه في أماكن عمل معينة وحساسة تخص حقوق المواطنين ولكن ليست مهمة في الحياة الخاصة للأشخاص، في النهاية الفيلم يعيد فتح باب الجدل حول سيطرة عصر المعلومات وممكن فهم أن الفيلم رسالة تحذيرية وأخلاقية للعالم من سيطرة عصر التكنولوجية على نواحي حياة البشر وجعلهم “عبيدا” لها بتطور يثير الإنزعاج! نعايشه بمواقع التواصل الإجتماعي والهواتف الذكية بعد جمعها لقدر هائل من المعلومات عن حياة مليارات البشر، تحتفظ بها هذه المواقع الأن مما جعل أحدهم وهو مارك زوكينبرج “مؤسس فيسبوك” يفكر في الترشح للرئاسة في 2020 وهو ما أزعج المتابعين بسبب ما يتوفر له من معلومات لا يمكن توفرها لأي شخص أخر!