وجه الشبه بين كيم كاردشيان وفيفي عبده

(1)

أستغرب عندما يصف أحد الأشخاص الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي بالسلاح ذو الحدين.

لا يوجد سلاح حقيقي له حدين بخلاف امواس الحلاقة، لكن الحراب والسكاكين والسيوف وحتى شوك الطعام، لها حد واحد في نهايتها. اما لو كان المقصود هو أنه يمكن استخدام الإنترنت لأغراض جيدة أو سيئة، فيمكننا أن نصف جميع الأشياء على كوكب الأرض بنفس المصطلح “سلاح ذو حدين”، بداية من ملح الطعام الذي يمكن لو زاد مقداره أن يجعل المذاق سيء ويتسبب في إرتفاع ضغط الدم، مرورًا بكافة الأشياء والأفعال، فالسباحة في النهر رياضة مفيدة قد تنتهي بالسقوط في دوامة والغرق، إذًا ملح الطعام والسباحة أسلحة ذات حدين.

كما اتسائل عندما يتحدث البعض عن “قوة مواقع التواصل الإجتماعي” في التغيير. هل يعني هؤلاء أن لدى تويتر وإنستجرام القدرة على تشكيل الرأى العام؟

الإجابة لدى موقع فيسبوك الذي نشر منذ أسابيع دراسة تحليلية موجهة للمُعلنين، تشرح سلوكيات مستخدميه في الوطن العربي خلال شهر رمضان، الدراسة جاء فيها جملة “القرارات تُصنع على فيسبوك”، وهي حقيقة لايمكن إنكارها، كما لايجب أن تظل أمر واقع.

إذا لنتفق أن كل الأشياء يمكن أن تكون مفيدة أو مضرة، ومواقع التواصل الإجتماعي لاتختلف عن ذلك في شيء، وفيسبوك هو مصدر القوة الأبرز في السوشيال ميديا.

(2)

احتل خبر قيام محمد النني لاعب وسط نادي أرسنال بحظر إحدى معجباته على موقع تويتر إهتمام عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وتداولت صفحات فيسبوك العديد من الصور المنسوبة للفتاة التي تعرف نفسها انها بريطانية في الثامنة عشر من عمرها وتحب نادي أرسنال وتعتبر محمد النني لاعبها المفضل حول العالم.

الغريب هو قيام شريحة كبيرة من مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي بتوجيه عبارات الإهانة والسب للنني لقيامه بحظر حساب المعجبة ، وبصرف النظر عن أن ما ادعته الفتاة عن قيام النني بحظر حسابها من متابعته على تويتر، هو حق مشروع له، لكن ما لا يعرفه هؤلاء الساخطين هو أن الفتاة التي تدعى كريستين، تضع على حسابها صور لعارضة أزياء بإعتبارها صورها الشخصية، وهو مايرجح كونها شخصية لاوجود لها، مع الأخذ في الإعتبار أنها قبل “واقعة البلوك” كانت لا تتابع على تويتر سوى 3 حسابات من بينها حساب أرسنال وحساب محمد النني.

الأمر برمته سخيف ولا يستحق الإهتمام الذي حصل عليه، وبالتأكيد لا يبرر كم التعليقات العدائية التي تم توجيهها إلى النني.

(3)

ريهام الجوهري، شابة لديها ما يقرب من الربع مليون متابع لحسابها على موقع فيسبوك، قامت بطرح سؤال موجه للفتيات عن أغرب جمل التحكم التي تعرضن لها من أشخاص إرتبطن بهم. خلال ساعات كان للسؤال مئات الإجابات، بالرغم من طرافة بعضها إلا أن أغلبها كشف عن وجود أشخاص أصحاب عقليات مضطربة وأفكار متطرفة يعيشوا وسطنا دون أن ندري.

قصص عديدة حكت عن حالات من السيطرة التامة من شخص على فتاة لدرجة منعها من التلفت حولها أو إرتداء الوان معينة، ووضع قيود لعلاقاتها بأفراد أسرتها، ومنعها من الخروج من المنزل أو التعامل مع صديقاتها إلا وفق قائمة من الشروط التعسفية، إنها قصص رعب واقعية، هؤلاء المتطرفين عاطفيًا متواجدين بيننا، قد يكون أحدهم صديقك المقربك، أو جارك اللطيف أو زميلك المرح في العمل، وقد يكون انت.

التعليقات تم تداولها في صور نشرتها العديد من صفحات فيسبوك، العديدين إستنكروا ما قرأوه من قصص، بالتأكيد لا يمكننا الجزم أن جميعها قصص صحيحة، فالبعض يلجأ لاختلاق القصص للحصول على الإهتمام على فيسبوك، لكن ذلك لا يمنع أننا يمكننا إعتبار تلك القصص مؤشر يفسر العديد من الأمور، من بينها إرتفاع معدلات الطلاق بين الشباب حديثي الزواج.

(4)

مقطع فيديو مأساوي تحول على يد بعض أصحاب التعليقات السلبية على يوتيوب إلى جريمة شرف، المقطع كان لفيديو يظهر قيام مذيعة الأخبار الهندية “سوبريت كاور” بقراءة خبر عن حادث مروري راح ضحيته زوجها دون أن يبدو عليها أي تأثر.

مقطع الفيديو تم إعادة تحميله أكثر من مرة على عدة قنوات يوتيوب، وبرغم مأسوية القصة وتعاطف الملايين مع المذيعة، إلا أن التعليقات على بعض مقاطع الفيديو المتداولة للمذيعة وهي تقرأ الخبر، تضمنت مجموعة من أكثر الجمل العدائية التي لا يمكن أن تصدر من شخص عاقل في مثل هذا الموقف.

مجموعة من المعلقين شككوا في رباطة جأش المذيعة، ورجحوا أنها قرأت الخبر بدون تأثر بسبب عدم حبها لزوجها وإرتياحها لفكرة وفاته، بينما ذهب البعض لفكرة أنه بالتأكيد طليقها وليس زوجها، وعبرت مجموعة غاضبة اخرى عن شكها في كون المذيعة فرحت لخبر وفاة زوجها حيث أن ذلك يعني أنها سترث ثروته وإستطاعتها الزواج من شخص أخر تحبه، بينما إكتفى مجموعة من المعلقين بإرتداء ثوب الواعظين وترجيح أنها متبلدة المشاعر بسبب غياب الدين عن حياتها.

(5)

في يوم واحد وقعت حادثتين، الأولى إيقاف شبكة mbc للمذيعة رنا هويدي مقدمة برنامج “حديث المساء” على خلفية تغريدات مسيئة إلى السعودية منسوبة إليها على موقع تويتر يعود تاريخها إلى فترة ما قبل إنضمامها إلى القناة، مزيد من التفاصيل من هنا، وكذلك قيام شبكة dmc بإحالة فريق عمل برنامج “8 الصبح” المسئول عن ظهور شخص إدعى أنه المطرب سيف مجدي، ولم يتم كشف ذلك إلا بعد قيام سيف مجدي نفسه بتحميل فيديو للفقرة على صفحته على موقع فيسبوك، وإعلانه أنه ليس الشخص الذي ظهر في البرنامج، مزيد من التفاصيل من هنا. 

بعيدًا عن التفاصيل والأشخاص، الموقفين نموذج للتأثير والنفوذ الذي أصبحت تمتلكه مواقع التواصل الإجتماعي، وأصبح لدى المشاهد أداة ضغط أخرى بخلاف الريموت كنترول.

(6)

يتداول مستخدمي موقع فيسبوك صورة لتعليق كتبته فيفي عبده على إحدى صور الأمريكية كيم كاردشيان المنشورة على حسابها بموقع إنستجرام، تقوم فيه بتعريف نفسها كممثلة مشهورة وراقصة شرقية مصرية، وتثني على جمال كيم كاردشيان.

كيم كاردشيان وفيفي عبده تتشابهان كثيرًا في كون شهرتهما الحالية مبنية على عدم فعل أى شيء.

فيفي عبده صنعت شهرتها في الماضي كراقصة، بينما في الوقت الحاضر هي شخصية عامة لها الاف المتابعين على موقع انستجرام وسناب شات لفيديوهاتها التي تحتوي دائمًا على تعليقات طريفة جعلتها محبوبة لدى جيل الشباب الذي لم يتعرف إليها كراقصة ويسخر من أعمالها كممثلة، شهرة فيفي عبده كشخصية إنترنت هو ما جعلها تصبح الواجهة الإعلانية لأخر حملات شبكة فودافون برفقة الجني الأحمر.

اما كيم كاردشيان، فلا يوجد تعريف واضح لما تفعله لكي تظل تحت الاضواء، هي فقط تمتلك عقلية تسويقية جيدة كما تمتلك هاتف بكاميرا وحسابات على كافة منصات التواصل الاجتماعي، يتابعها ملايين من المهتمين بمظهرها الخارجي، وهو ما جعلها أشبه بواجهة لعرض منتجات دور الازياء وشركات مستحضرات التجميل.

لكن لولا وجود مواقع التواصل الإجتماعي لظلت كيم كاردشيان مجرد شخصية تليفزيون واقع تقتصر شهرتها على متابعي شبكة E! التي تعرض برنامجها.

(7)

تلك كانت نماذج لقصص حدثت خلال شهر أبريل.

وسائل الإعلام دائمة التطور، في البداية كان شخص يقوم بذلك الدور، وينقل الخبر من مدينة إلى أخرى على حصانه، وقد يستغرق ذلك شهور أو اعوام، ثم تطور الأمر عبر السنين حتى وصلنا إلى مرحلة الصحافة الورقية ثم الراديو ثم التليفزيون ثم الإنترنت والمواقع الإخبارية، ومؤخرًا أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي هي وسيلة الإعلام الجديدة.

كل وسائل الإعلام تتطور لتواكب العصر، تقنيات الصحافة الورقية والراديو والتليفزيون تطورت، وبالتأكيد ستتطور مواقع التواصل الإجتماعي وتغيب منصات عن المشهد وتظهر أخرى تؤدي خدمات أفضل للمستخدمين.

لكن الأهم هو أن يظل المتلقي هو المسيطر، فكما يمكنه تفضيل صحيفة عن أخرى، وتغيير محطة الراديو أو التليفزيون، يجب أن يكون لدى مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي القدرة على إعمال العقل قبل التفاعل مع الأخبار والإنسياق خلفها، قبل أن تتحول تلك المواقع إلى وسيلة لقطع كل سبل التواصل الإجتماعي.