د.محمد صلاح البدري يكتب: الملل الذي سيدمر العالم!!

في حوار تلفزيوني علي قناة “السي إن إن” الامريكية -عقب ظهور نتيجة الإنتخابات الأمريكية – مع أحد المواطنين الأمريكيين الذين قاموا بإنتخاب “دونالد ترامب” .. كان السؤال يدور حول سبب إختياره “الشاذ” من وجهة نظر المراسل ..بل و الإعلام الأمريكي كله .. فكان رد المواطن الأمريكي بسيطاً للغاية:

“أشعر بالملل منذ فترة .. وأعتقد أن إختيار “ترامب” سيجعل الحياة مختلفة بعض الشيء” !!

بقدر ما كان المواطن الأمريكي يجيب في بساطة شديدة.. بقدر ما أصابت الإجابة المراسل بصدمة ظهرت واضحة علي تعبيرات وجهه المحتقن!

لقد إنتخبه ذلك المواطن بنفس المنطق الذي يقرر به القيام برحلة شاطئية في إجازته الأسبوعية.. وبنفس العقلية التي تجعل البعض الآخر يخوض مغامرة مثيرة لكسر الملل..او دخول بيت الرعب في مدينة الملاهي!

إنه الملل .. آفة الشعوب الغربية مجتمعة ..إنه رغبة الفرد في كسر روتين ما أو الشعور بالضيق من شئ ما، مما يجعل الفرد أكثر استعدادا لإتخاذ المجازفات لكسر حدته ..!

إنه الحافز القوي الذي يجعلك تحاول كسر الروتين اليومي .. و القفز علي القواعد المعروفة و التقاليد المحددة.. ذلك الملل الذي يدفع بعض مواطني العالم الغربي إلي الإنتحار أحياناً.. و يدفع مواطني العالم الثالث إلي مشاهدة مذيعي “التوك شو” مساءاً كل ليلة!

لا شك أن الرئيس الأمريكي الجديد لا يتمتع بأي مؤهلات يصلح بها أن يتولي منصبه سوي أنه “وجه جديد علي الساحة السياسية”، إنه “صبي لم يختبر بعد” كما يقول الإنجليز ..

إنه مرتفع الصوت .. سليط اللسان ..لا يعرف أحد كيف سيتعامل مع أوساط الدبلوماسية الأمريكية ” المنشية” والصارمة .. تماماً كما لو كنت تلهو.. فتقرر أن تجعل “ريفياً ” يجلس بين النبلاء ليتناول طعامه بالشوكة والسكين !

كما أنه مثير للجدل منذ أكثر من عقد بين أوساط النميمة الأمريكية.. فأخباره المالية والإقتصادية تختلط بتقليعاته الغريبة و تصريحاته الأغرب التي لا تنتهي .. واخبار ابنته و زوجته مادة ثرية لبرامج ET و The Insider منذ فترة طويلة !

إنها المغامرة التي قرر المواطن الأمريكي -الذي يشعر بالملل – أن يخوضها .. و أن يخوضها معه العالم كله..غير عابئ بما قد يطول بلاده من أضرار لوجود ذلك العنصري علي مقعد الرئيس .. و دون أن يستوعب أن ترامب قد يخلق وضعاً عالمياً جديداً بأفكاره و تصريحاته التي تصب كلها نحو فكر نازي أو ما يشبهه كثيراً!

لقد قدم لنا الناخب الامريكي لأول مرة في تاريخه الديموقراطي أحد رجال أعمال “الاعلام الامريكي” الذين لا يفهمون سوي لغة المال.. والذين لا يتورع أحد منهم عن الإقدام علي أي تصرف من شأنه أن يرفع نسب المشاهدة.. أو يثير الجدل في الصحافة ليزداد شهرة .. كما قدموا معه سيدة أولي تحمل في تاريخها أنها تصدرت يوماً أغلفة مجلات معينة ك porn star .. أو موديل “مثير للغرائز” إن أردنا ترجمة مهذبة!، حتي أن الأقدار قد تحمل لنا أن يجد البعض صورتها علي غلاف إحدي مجلات المراهقة التي تحمل علامة الأرنب الذي يرتدي ربطة العنق ..والتي كان يحتفظ بها في المرحلة الثانوية ..بعيداً عن عيني أبويه!!
سيغير “ترامب” وجه التاريخ الأمريكي بكل تأكيد.. مهما ظن البعض أن الولايات المتحدة دولة مؤسسية لا تتأثر بشخص الرئيس.. ومهما تخيل البعض الأخر أن إنتخابه “تحصيل حاصل”

ربما نتأثر بهذا التغيير في الشرق الأوسط سلباً أو حتي إيجاباً.. ولكن المؤكد .. أن الناخب الأمريكي الذي أجبرنا علي خوض تلك المغامرة سيتميز – ولأربع سنوات قادمة- أنه لن يشعر بالملل .. لن يشعر به أبداً!!