إسلام وهبان يكتب: حنين لماضي حنان ماضي

عندما تستمع إلى أغاني الفنانة حنان ماضي، وبمجرد أن تبحث عن أغانيها عبر “يوتيوب” تنهال أمامك العديد من أغاني المطربة صاحبة الصوت الدافيء، مستدرجةً روحك إلى عالم موازٍ من الذكريات والمشاعر التي تشكلت وتعلقت بكلمات ومعاني أغانيها.

حنان ماضي الطفلة التي حلمت بالعزف على البيانو ولدت في القاهرة عام 1966، وأقنعها والدها – عازف الكمان في فرقة “أم كلثوم” محمد ماضي – بالعزف على آلة “الكمان”، لم تكن تعلم أنها ستعزف على أوتار قلوب أجيال عشقت صوتها، فبعد التحاقها بالمعهد العالي للموسيقى “كونسرفتوار” وتميزها في العزف على “الكمان”، وسفرها لمعظم دول أوروبا مع اوركسترا المعهد كعازفة “كمان”، تعرفت على رفيق دربها الموسيقار ياسر عبد الرحمن – الذي تزوجها بعد ذلك- وكان يعزف هو الآخر على آلة الكمان وعملا سوياًفي فرقة الموسيقار عمر خيرت ونفذا معه ألبوماته الموسيقية مثل (العرافة والعطور الساحرة)، وكل أعماله الموسيقي التي اشتهرت خلال الثمانينيات والتسعينيات.

بعد عملها مع الموسيقار عمر خيرت لم تكن تعلم أن القدر يخبء لها الكثير، فأثناء تسجيل تترات مسلسل “اللقاء الثاني”، كانت “حنان” موجودة في الاستديو كعازفة كمان، وبسبب تأخر علي الحجار علي بدء التسجيل، طلب منها عمر خيرت أن تسجل أغنية التتر “زي الهوا” بصوتها لحين وصول “الحجار”،وسجلت الأغنية بصوتها، وعندما حضر “الحجار” وسمع صوتها، طلب أن تصاحبه الغناء في التتر، من هنا كان تتر “اللقاء الثاني” هو اللقاء الأول للجمهور بصوت حنان ماضي الذي يصل لأعماق الروح دون استئذان، وكانت أغنية “زي الهوا” هي التوصيف الأنسب لصوت وهب كثير من القلوب مساحات كبيرة للتعبير عن المشاعر والأحاسيس.

الموسيقار ياسر عبد الرحمن لعب دور الشخصية المحورية في حياة حنان ماضي، فبعد نجاحها في أول تجربة غنائية مع الفنان علي الحجار؛ وجد “عبد الرحمن” في صوت زوجته السبيل لتحقيق حلمه وتقديم موسيقى مختلفة تعبر إلى القلوب مباشرةً، فقام بإنتاج أول ألبوم لها “عصفور في ليل المطر” عام 1989، والذي احتوى على 8 أغنيات لحن منها أغنيتين اشهرهما أغنية “عصفور في ليل المطر” والتي كانت من كلمات جمال الشاعر وألحان ياسر عبد الرحمن، وفي هذه الأغنية تدخلك صاحبة الصوت الساحر إلى عالم خاص مليء بالأحاسيس. وتجسد كل كلمة في “كوبليهات” الأغنية، فصوتها يصرخ مستغيثاً تارة، ويستكين تارة في تناغم رهيب مع الموسيقى والألحان.

بعد النجاح الهائل الذي حققه أول ألبوم لحنان ماضي، توالت ألبوماتها مع شريك النجاح ياسر عبد الرحمن الذي لحن لها كل أغاني ألبوماتها التالية مثل ألبوم “ليلة عشق 1992” والذي أحدث اثر هائل في قلوب العاشقين؛ خاصة عندما كتب الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم – المعروف بشعره السياسي الساخر – أهم أغنياته الرومانسية “ليلة عشق”، والتي مزجت بين الرومانسية والجنون في الحب.

بعد ذلك توالت ألبومات حنان ماضي التي اتسمت بالرومانسية الممتزجة بالشجن، ففي عام 1996؛ أنتجت شركة صوت الدلتا ألبوم “إحساس”، ثم غنت “ماضي” أخر ألبوماتها “شباك قديم” عام 1999 والذي احتوى على 8 أغنيات أهمها “مافيش في الأغاني” التي كتب كلماتها الشاعر الكبير فؤاد حداد، كذلك أغنية “شدي الضفاير” التي كتبتها الشاعرة كوثر مصطفى، وارتبطت بها الكثير من الفتيات حيث وصفت بشدة حال الكثير منهن وما تشعر به كل فتاة عند وقوعها في الحب. لكن بعد انفصالها عن رفيق دربها ياسر عبد الرحمن، توقفت صاحبة الصوت الحاني عن غناء ألبومات، وأرجعت ذلك لتغير شكل الغناء وتدنيه في مصر، كما أن أغنياتها لا يستطيع أحد أن يلحنها كما فعل “عبد الرحمن”.

https://www.youtube.com/watch?v=8inkYyx9Gc0

اكتفت “ماضي” بعد ذلك بأغاني تترات المسلسلات حيث سبقت لها تجربة أخرى مع الفنان على الحجار في تتر النهاية لمسلسل “المال والبنون”، الذي علقت كلمات مؤلفها “سيد حجاب” بأذان أجيال من المصريين خاصةً كوبليه (بحلم وافتح عنيا … على جنة للإنسانية.. الناس سوا بيعشوها.. بطيبة وبصفو نية)، كذلك قدمت العديد من تترات المسلسلات منفردة مثل (البحار مُندي – قصة الأمس –أسيا – ألف ليلة وليلة)، كما قدمت ثلاثة  أدعية دينية خلال رمضان2014، الدعاء الأول يحمل اسم “الله صلي”، وهو من التراث الصوفي، الدعاء الثاني باسم “حبيبي يا الله” كلمات وألحان الفنان هيثم نبيل، أما الدعاء الثالث فيحمل اسم “يا عالم بالحال”، وهو من كلمات وألحان حسن زكي.

https://www.youtube.com/watch?v=eOzAOJNcBIk

الفنانة القدرية التي أكدت في كثير من اللقاءات أنها لم تخطط مطلقاً لمشوارها الفني؛ جمعها القدر للعمل مع كبار الشعراء أمثال فؤاد حداد والفاجومي وسيد حجاب والأبنودي، الأمر الذي جعلها تبتعد عن سوق الغناء الذي امتلأ بالأغاني السريعة في زمن “التيكواي” والتي اعتمدت على المؤثرات الصوتية أكثر من صوت الفنان، فضلا عن الأغاني الشعبية والمهرجانات، لكن فاجأتنا في عام 2014 بدويتو غنائي مع المطرب علي الألفيبصوته المميز من خلال أغنية “إلى البنت اللي سهرانة” حيث رأت فيها نفس تجربتها الأولى مع علي الحجار، وبعد أن جذبتها كلمات الشاعر الشاب عمرو حسن،قاموا بطرح كليب لها على موقع “يوتيوب”، ونالت الأغنية إعجاب الكثير خاصةً فئة الشباب، حيث اعتبرها الكثير امتداد لـ”شدي الضفاير” وتوصيف دقيق لحال كثير من الفتيات وما يعانونه في المجتمع.

أخيرا هل تعد عودة حنان ماضي بأغانيها وصوتها الذي يشبه “الكمنجة” وموسيقاها الفريدة بداية لفترة غنائية مميزة في سوق الغناء المصري، أم أن من لعب معهم الزهر قد افسدوا الذوق العام للحد الذي لم يعد للغناء صاحب!

https://www.youtube.com/watch?v=E-9ri9WU7-0