محمد فتحي يكتب: مصر والسعودية.. الدببة إلي زوال وتبقي الأوطان

نقلاً عن “أخبار اليوم”

 

من  المؤسف أن يتطور الخلاف السياسي بين القاهرة والرياض،والذي كان يمكن أن يظل حبيس الغرف المغلقة، خاضعاً لقواعد الدبلوماسية وفن الممكن الذي هو أحد أبسط تعريفات السياسة، مراعياً علاقات تاريخية واستراتيجية لا يمكن القفز فوقها، من المؤسف أن يتطور إلي وصلات (ردح) إعلامية، ومعارك سوشيال ميديا تزكي الفتنة بين شعبين عظيمين، ودولتين كبيرتين، في وقت صعب يحتاج فيه الجميع إلي تضافر الجهود، وعبور أي خلافات في ملفات بعينها إلي مساحة مشتركة تبني ولا تهدم، بينما الموقف الحالي أن هناك (دولاً) تمسك بـ(كيس الفيشار) لتتابع التلاسن الإعلامي بين الجانبين بإعجاب لأنه يخدم مصالحها وتحالفاتها، في الوقت الذي لا يفطن فيه (حوارتجية) السياسة والإعلام إلي أن (منظرهم) سيكون (زي الزفت) حين تمر الأزمة العابرة، وستمر، وحين يتذكر الجميع أننا في أمس الحاجة لتوحيد القوي لا خلخلتها وإنهاكنا في خلافات لا طائل منها..

صلوا بينا علي سيدنا النبي : لا مصر (شحاتة)، ولن تكون، وقطع لسان من يقول عليها ذلك أياً كان، واللهم احفظ أرضها وشعبها من كل سوء، ولا السعودية (بتاعة رز) و(بدو) و(حاضنة للإرهاب) واللهم سلم أرضها وشعبها من كل شر، ولا السياسة مماحكة وكلام مصاطب ووصلات ردح إعلامية، مصر حضارة وتاريخ وقوة لا قبل لأحد بها حتي في أحلك لحظات ضعفها (الاقتصادي)، تظل واقفة صامدة شامخة قوية يخطب ودها ولا تطلب ود أحد، إلا وفق ما تقتضيه إرادتها ومصلحتها، مصر بدونها تضيع المنطقة، تضيع فعلاً، تؤكل حية، تنهش من كلاب السكك، تصبح مسرح صراعات دوليا وما (سوريا)، التي يعتبرها البعض سبب الخلاف، ببعيدة عن الأمر، والمملكة العربية السعودية عمق استراتيجي عربي قوي، وإرادة قوية في دور يدعم ولا ينتقص، يساند ولا يكون حجر عثرة، وليس معني ما يقرأ بين السطور من إنذارات بعواصف سياسية دولية ضدها، سنساندها فيها، و(صراعات) أجنحة تدور في الكواليس ونسمع صداها أحياناً وينالنا منه (رذاذ) أو (شظايا)، نحافظ فيه علي الأصول ونراعي فيه العلاقات بحق، إن المملكة لايمكن أن تترنح بسبب موقف سياسي مصري، كما أن مصر لن تترك السعودية مثلما لم تترك السعودية مصر، ليس فقط بحسابات التاريخ وكسوة الكعبة التي كنا نرسلها والبعثات التعليمية التي علمت أجيالاً والمساندات التي لم تكتب في التاريخ ويعرفها حكماء السياسة، ولا بحسابات البترول الذي استخدمته المملكة في مساعدة مصر إبان حرب أكتوبر، والموقف القوي الداعم لمصر 30 يونيو وما بعدها وما الراحل سعود الفيصل عميد الدبلوماسية العربية بالرجل الذي ينسي في هذا الصدد، وإنما أيضاً بحسابات السياسة لا حب فيها ولا كره ولا صداقة، وإنما مصلحة.. فقط مصلحة.

مصر تفكر في مصلحتها، ويجب عليها ذلك ومن حقها، بل من العار ألا تفعل، والسعودية تفكر في مصلحتها، ويجب عليها ذلك ومن حقها، ومن العار أيضاً ألا تفعل، وإذا كان الحديث عن معونات فهذا من مصلحة المانح قبل أن يكون الممنوح، ورد لديون الماضي المستمر بإرثها التاريخي والحضاري، أما إذا كان الحديث عن إيقاف (اتفاقيات) رداً علي موقف سياسي، فيجب أن نتعامل مع الأمر بحسن نية خصوصاً وأن الظروف (الاقتصادية) للسعودية أيضاً ليست في أفضل أحوالها، في حين إذا كان الحديث عن تحالفات سياسية واستراتيجية فلم يعرف العالم عبر التاريخ درجة تطابق سياسية بين الدول بنسبة مائة في المائة، ذلك لأن الاتفاق في السياسة لا يعني الثبات علي الأمر، وعدم مراجعته بين الحين والآخر، والتسليم المطلق بكل شئ، كما أن الاختلاف لا يعني تحويل الأمر لخناقة شوارع شارك فيها، من الطرفين، إعلاميون (دببة) معروف هواهم السياسي، يقدمون أنفسهم للنظامين بوصفهم حماة الحمي، ومن السهل أن تشاهدهم علي موائد عديدة، بينما لا يطبقون في النهاية سوي أجنداتهم، ويضبطون بوصلتهم علي صاحب السلطة الذي يسعون لإرضائه ولو لم يطلب، ولو لم يأمر، ولو راجعت مواقفهم خلال العام الماضي فقط لاكتشفت أننا نتحدث عن حفنة متلونين وطبالين ورقاصين يعيشون في كباريه سياسي وليس واقعاً سياسياً يدركون أبعاده ويحاولون التعامل مع قضايا أوطانهم فيه بشرف.

المنح في عالم السياسة لا يعني أبداً أن تكون متبوعاً، وإلا لأصبحت السياسة مثل التجارة، بيع وشراء، أو عرض وطلب. ومصر وسياستها ليست رخيصة، وكذلك السعودية.

مصر لم تمانع، ولم تشتك، ولم تهاجم تحالفات سعودية تركية، علي الرغم من الموقف التركي (الوقح) من مصر ثورة وسلطة، ولا أعتقد أن السعودية (الرسمية) بحكماء السياسة فيها، وليس الهواة الذين يخرجون بتصريحات إعلامية بدلاً من مراعاة (أصول) الدبلوماسية يجب أن (تغضب) من الموقف المصري لأنه في النهاية من مصلحة مصر، ولأن الأمر في النهاية انتهي بفيتو روسي !!!

أمي العظيمة مصر أم الدنيا، والعزيزة الغالية السعودية : استهدوا بالله كدة وماتشمتوش (الكلاب) فينا !!