دليل الصحفي المصري لمتابعة الشأن العربي - E3lam.Com

إيمان مندور

 
“أشقاء يجمعهم نفس البيت لكن طبائعهم مختلفة بشدة وربما تحوّل الاختلاف إلى تنافر شديد في بعض الأحيان”، هكذا يمكن توصيف مجتمعنا العربي بدوله المتنوعة، فقد أصبح كل من يتابع الشأن العربي ككل؛ يجد نفسه في حيرة شديدة تجاه ما يمكن أن نسميه بـ”الخلل أو فقدان التوازن الحضاري والثقافي” بين هذه الدول المتجاورة، فإحداها متقدمة والأخرى متناحرة والثالثة متزمتة والرابعة منفتحة والخامسة يتم تجاهلها و…و…إلخ؛ لكن يجمعهم في النهاية لقب واحد وهو “المجتمع العربي”.

لذا نرصد في هذا الموضوع عدة ملاحظات  قد تفيد أي زميل صحفي يتجه لمتابعة الملف العربي إجمالاً فيما بعد، أو المجتمع الخليجي على وجه التحديد.

 
مصر والسعودية: وجهان لعملة واحدة

 
ليستا متشابهتان في العادات والثقافة بكل تأكيد؛ فهذا مجتمع وهذا نقيضه، لكن أكثر الأشياء التي يتشابهان فيها حد التطابق؛ أنهما “خارج إطار الزمن”، لذا تابع ما شئت من أخبار دول العالم على اختلافها؛ لكن ستجد نفسك توقفت رغماً عنك أمام بعض القضايا التي تشغل الرأي العام في هذين المجتمعين على وجه الخصوص، وكأنهما تركا العالم يمضي في طريقه للأمام وتوقفتا على جانب الطريق لتبحثا حل القضايا الخطيرة لديهم والتي تخطاها العالم منذ عقود.

 

فلا تتعجب عندما تجد نفسك كمحرر إخباري تكتب خبراً في عام 2016 مفاده أنه بدأت حملة من قِبل نساء المملكة السعودية تطالب بإسقاط ولاية الرجال عنهن، موضحاً أن تلك الولاية تعني أن المرأة السعودية لا يمكنها السفر أو العمل أو  استئجار شقة أو رفع دعاوى قضائية أو حتى مجرد الحصول على رعاية صحية في بعض الأحيان؛ إلا بموافقة وليّها.

 

ويستمر التعجب والاندهاش كذلك لدينا في مصر، فبالرغم أنه من المفترض أننا كمصريين تعوّدنا على أجواء الأخبار المحلية الغريبة “العجيبة”، إلا أننا مازلنا نمتلك مؤهلات وقدرات تمكننا من رفع سقف التعجب لدينا في كل مرة؛ رغم هذا الكم من الأحداث اللامنطقية التي تحيط بنا.

 

مثل الخبر الذي تناقلته كافة الصحف ووسائل الإعلام منذ عدة أيام، بشأن بث التليفزيون المصري الرسمي للقاء قديم لرئيس الجمهورية مع قناة أمريكية أثناء حضوره الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، باعتبار أنه قد أُجري أمس أثناء تواجد الرئيس بنويورك لإلقاء كلمة مصر بالجمعية العامة الحالية للأمم المتحدة.

 

بالطبع في مثل هذا الموقف “السخيف العجيب” الذي يعني عدم الاهتمام والاكتراث حتى لأهم قيادات الدولة؛ تحضرني أشهر جملة ساخرة لدى فتيات جيلنا الحالي “ما إنت لو مهتم كنت عرفت لوحدك!”، فصدقاّ لو كان العاملون في التلفزيون الرسمي للدولة قد اهتموا بعملهم؛ لما جعلوا أمراً “سخيفاً” كهذا يثير دهشتنا قبل أن يثير سخرية العالم؛ من أن الإعلام الرسمي للدولة لا يهتم بمتابعة أخبار وتحركات قياداتها.

 

الإمارات: مفيهاش أخبار

 
لا تشغل نفسك بمتابعة الشأن الإماراتي محاولاً التقاط أخبار تشبه ما يحدث لدينا من مشاكل وكوارث، فهؤلاء القوم أخبارهم كلها عبارة عن انجازات وافتتاحات لمشاريع كبرى واحتفالات بأشياء هي الأولى من نوعها في العالم و…و.. إلى آخره من الموضوعات التي لا تلفت انتباهنا هنا كمصريين.

 
يكفي أن أخبرك أن أبرز الأحداث “الساخنة” التي شهدتها دولة الإمارات المتحدة والتي أصبحت حديث الرأي العام هناك خلال الفترة الماضية؛ أن حاكم دبي محمد بن راشد قد تفقد بعض المؤسسات الحكومية في زيارة مفاجئة في الساعة السابعة صباحاً واكتشف غياب بعض المديرين عن التواجد بمكاتبهم مما دفعه إلى تحويلهم للتحقيق، إلى هنا انتهى الخبر ولا تسألني لماذا أضحى تأخر بعض الموظفين عن موعد عملهم حديثاً للرأي العام في دولة مجاورة لا تدرك الفجوة الزمنية بيننا وبينها.

 
صحافة المغرب العربي: مش هتعرف تقراها

 
بالتأكيد نعلم جميعاً أن الاحتلال الفرنسي قد خلف آثاراً سيئة على اللغة العربية في دول المغرب العربي، لكني لم أعد أدري هل بعض الكلمات الموجودة لديهم نتيجة التأثر باللغة الفرنسية أم أن هذه لهجتهم هنالك، فماذا أفهم أنا من عنوان خبر بأحد المواقع المغربية يقول “بالفيديو..لبناني تقوفز على لجنة تحكيم برنامج المواهب فألمانيا وها آش دار ليهوم“، أو خبر ثاني بعنوان “الزهر هو لي حصلهوم. الصبليون كيديرو تحقيق فقنصليتهوم بالرباط بسباب بيع الفيزات للمغاربة بالملايين“.. ما هذا!!

 
لبنان: شقاء الدولة الجميلة

 
رغم أن وتيرة الأحداث في لبنان تتصاعد باستمرار ما بين خلافات وانقسامات ومنازعات، إلا أن متابعة الشأن اللبناني لا تكون حادة وصاخبة مثل بعض الدول الأخرى، والتي تثير ضجة كبيرة تجاه بعض الأحداث الداخلية لديها؛ رغم أنها من حيث الخطورة أقل من الأوضاع البنانية بمراحل.

 

ولكي تستطيع متابعة الشأن اللبناني عن كثب، لا بد أن تعي وتدرك جيداً الاختلافات ما بين الطوائف والأحزاب داخل هذا المجتمع، فهو من أكثر المجتمعات العربية تنوعاً من حيث الطوائف والفصائل المختلفة، أيضاً ستدرك أن المتابعات الإخبارية لديهم رغم عمقها وأهميتها إلا أنها لا تخلو من حس فني جمالي؛ يخفف وطأة الأحداث وحدّتها، فأخبار الفن والأخبار اللطيفة لديهم؛ تنال نفس أهمية الأحداث السياسية الساخنة.. في الحقيقة هو توازن جيد يصب في صالح القارئ أولاً وآخراً.