نبراس حميد يكتب : بناء العلامة التجارية للقنوات التلفزيونية الاخبارية وعملية التغيير(1)

كان ظهور الشريط الأخباري في القنوات الاخبارية لأول مرة في الولايات المتحدة في برنامج توداي شو على قناة إن بي سي في عام 1952. وبعد بضعة أشهر فقط، تخلت القناة عن الفكرة. وأعيد تقديم شريط الأخبار في ثمانينيات القرن الماضي على القنوات الإخبارية التلفزيونية المحلية للإعلان عن إغلاق المدارس او لتحذير المشاهدين في حالة الظروف الجوية الخطرة. ولكن في 11 سبتمبر عام 2001، أصبح شريط الأخبار لاعبا اساسيا دائما على القنوات الإخبارية التلفزيونية.

كان تدفق الاخبار والاستفسارات في يوم الهجوم على مركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع الامريكية “البنتاجون” بشكل كثيف جدا كل دقيقة، وأصبح من الصعب على الصحفيين او مقدمين الاخبار طرح كل هذا الكم من المعلومات في وقت واحد، وهنا برزت الحاجة لايجاد شئ او حل يساعد في توفير مساحة على الشاشة لاستيعاب وتحديث كل هذه الاخبار والمعلومات وايضا الاستجابة لتساؤلات المشاهدين ولم يكن هناك بديلا افضل من استخدام شريط الأخبار.

ويعد شريط الأخبار حلا مبتكرا لحاجة ملحة جدا في ذلك الوقت كما اعتبر ولا زال عنصرا هاما من عناصر الرسومات على الشاشة (On Screen Graphics) من ضمن مكونات العلامة التجارية للقنوات الإخبارية التلفزيونية.

ومنذ ذلك الحين اصبح استخدام شريط الأخبار امرا شائعا لغاية يومينا هذا، لدرجة انه لا يمكن ان تشاهد قناة اخبارية لا تستخدم هذا الشريط.

ولكن، هل شريط الأخبار ما زال فعالا ليومنا هذا ويحقق نفس الغرض او الفائدة التي تم عمله لاجلها؟ وماذا تعلمنا من استخدامه؟

اليوم، وفي عالم وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، يتم تناقل الأخبار خلال لحظات من اي مكان والى كل مكان. عند وقوع الكوارث أو الأزمات او الاخبار المهمة فان اول مكان نلجأ اليه لمعرفة الحدث وتطوراته السريعة هو وسائل التواصل الاجتماعي، وليس القنوات الإخبارية التلفزيونية او بقراءة الاحداث من على شرائط الاخبار. وبالتالي هل شريط الأخبار مازال فعالا؟

على ما يبدو أن قنوات التلفزيون الاخبارية توقفت عن دراسة ما إذا كانت أساليب مثل شريط الأخبار ماتزال تؤدي وظيفتها ام لا مقارنة مع الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في نقل المعلومات.

شريط الاخبار مثال واحد من امثلة عدة قد يصف الحالة التي وصلت اليها القنوات التلفزيونية الاخبارية بابقائها على الكثير من اساليب العمل والتي لم تعد تخدم حاجة المشاهد في الوقت الراهن او حتى في المستقبل. الاصرار على ابقاء الكثير من العادات واساليب العمل والتي يمكن ان تصنف على انها اصبحت من التقاليد الموروثة، بالتاكيد من الصعب جدا تغيير الوسائل التقليدية من غيرالتفكير في بدائل خلاقة ومبتكرة والتي يمكن أن تخدم أفضل في هذا الوقت.

شريط الأخبار مجرد مثال واحد للأشياء التي توظفها قنوات التلفزيون الاخبارية دون تفكير. ومن خلال تغيير طريقة تفكيرنا في تصميم وبناء العلامة التجارية للأخبار، فاننا سنكون قادرين على التوصل إلى حلول جديدة ومبتكرة لعرض الأخبار بطريقة أكثر فعالية وجذابة بنفس الوقت وهذا ما يساعد في خلق الحاجة عند المشاهدين للعودة الى متابعة القنوات التليفزيونية الاخبارية.

وبالتالي ستقودنا هذه الحلول المبتكرة الجديدة الى تغيير الوسائل التقليدية المستخدمة في عرض نشرات الاخبار مما يتيح للصحفيين التفكير بشكل مختلف واكثر ابداعا في طريقة نقل الخبر وعرضه. وهنا تكمن اهمية العلامة التجارية (Branding) ومكوناتها في عملية التغيير المطلوبة حيث يمكن اعتبارها المحرك الذي يقود الى التغيير في كيفية اعداد وتقديم النشرات الاخبارية للتلفزيون.

كما ذكرنا في مقالات سابقة، فان التكنولوجيا المستخدمة من تقديم نشرات الأخبار في التلفزيون قد تطورت بشكل كبير مقارنة بما كانت عليه قبل ١٠ الى ١٥ عاما ، هذا التطور تم استغلاله بصورة رئيسية في تسهيل العمل الصحفي وسرعة نقل الخبر وتقديمه على الشاشة وهو يعتبر مؤشر جيد ولكن الان علينا التفكير بطريقة مختلف حول كيفية استغلا هذا التطور والتكنلوجيا المتاحة لنا لخلق اسليب جديدة ومبتكرة تعدم المتطلبات الجديدة والتي يجب ان تاخذ بعين الاعتبار.

هنا يجدر الاشارة الى ان مطورو التكنولوجيا والشركات المتخصصة استثمرت كثيرا في إيجاد الحلول التقنية التي تساعد على سلاسة وسهولة سير العمل وضمان أنظمة سريعة وفعالة قادرة على توفير احتياجاتنا. في المقابل استثمرت محطات البث كثيرا في شراء هذه التقنيات بيد ان استثماراتها كانت بدرجة أقل في البحوث ودراسة المفاهيم الجديدة وبحوث لمعرفة ما يريده جمهورها فعلا.

وقبل أن نناقش ما الذي يجب أن نقوم بتغييره أو استبداله،علينا أن نفكر أولا في كيفية الوصول ومعرفة ما يريده الجمهور حقا او بمعنى اخر ما هي الحاجة التي يمكن خلقها عند المشاهدين في نشرات الأخبار في التلفزيون، وكيفية ايصالها بطريقة فعالة وجذابة. كيف لنا ان نستعد للمشاكل والقضايا التي قد نواجهها في عملية التغيير هذه بخطط ومفاهيم لحلول اكثر ابداعا.