يوسف زيدان: لم أهاجم السعودية - E3lam.Com

أكد الروائي يوسف زيدان، في حواره مع موقع قناة “الحرة”، أنه لم يهاجم السعودية بالاسم خلال ندوته في مدينة طنجة المغربية الأسبوع الماضي.

وأضاف أنه تحدث عن أصل العرب وقال إن “قلب الجزيرة لم يكن منطقة حضارة، بل كان سكنا لسراق الإبل، وهذه حقيقة تاريخية معروفة، ولكن هذا الحديث كان عن هذه القبائل قبل الإسلام”.

وعبر عن تذمره من الإعلام بسبب “تزييف” تصريحاته، مشيرا إلى أنه يتعرض لكثير من المضايقات ويدفع الثمن بسبب مواقفه الفكرية.

في سياق حديثه عن التنظيمات المتشددة، دعا زيدان إلى تغيير الخطاب الديني لمحاربة التشدد في العالم العربي، مؤكدا أن هذا شأن أكاديمي محض ولا يجب أن يكون أداة للدعاية السياسية.

زيدان تحدث أيضا عن “أعداء مصر”، وعن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجماعة الإخوان المسلمين.

نص الحوار:

أثار الإعلام قضية “هجومك” على السعودية، واعتمد على فيديو وصفت فيه سكان الجزيرة العربية بـ”سراق الإبل”. هل فعلا كنت تقصد السعودية أم الخليج إجمالا؟

كنت أتحدث عن طبيعة الثقافة العربية وتشكلاتها وآفاقها المستقبلية، والمشكلات التي تعاني منها، وغيرها من الموضوعات التي تم تناسيها بالكامل ولم تشر إليها أية وسيلة إعلام. أما ما أثير حوله هذا من صخب فارغ فقد جاء في خضم حديثي عن عدم القطيعة مع الثقافة العربية باعتبارها هي الوعاء الحاوي لمختلف الأفكار، وهناك اتجاه يدعو إلى القطيعة مع التراث وهو ما أواجهه أو لا أرضى عنه، أو أتخذ موقفا مناقضا له.

في هذا السياق، سألني شخص عن الثقافة العربية وأصلها، فقلت إن العرب جاءوا من اليمن، وأنه بعد انهيار سد مأرب (في حدود سنة ألف قبل الميلاد) اتجهت القبائل العربية إلى العراق والشام واستوطنت المنطقة وأقامت ممالك كبيرة هناك.

أما قلب الجزيرة فلم يكن منطقة حضارة، بل كان سكنا لسراق الإبل، وهذه حقيقة تاريخية معروفة، ولكن هذا الحديث كان عن هذه القبائل قبل الإسلام.

تم تحريف الكلام عن سياقه وأصبح وكأن كلامي هجوم على السعودية وعلى دول الخليج، وهذا بعيد تماما عما قلته. الغريب في الأمر أن حديثي في الفيديو، حتى وإن كان مقتطعا، من سياقه لا يوجد به غير ما قلته لك.

في تصريحات سابقة لك، قلت إن هناك دولة أخطر على مصر من قطر، البعض فهم أنك قصدت السعودية. هل هذا صحيح؟

لا، أنا لست مسؤولا عن كيف يفكر الآخرون، لكل حديث سياق يجب أن يُفهم فيه، هذا كان سياقا آخر كنت أتحدث فيه عن أسباب ظهور طفرة جماعة داعش (وبالمناسبة فداعش هي موضوع أول فصل من كتابي الأخير “شجون عربية”)، وكان الحوار في أحد البرامج حول كيفية نشأة هذه الجماعة، لكن في المغرب كان الحديث عن طبيعة الثقافة العربية، ومفهوم الحضارة ومنطقة قلب الجزيرة قبل الإسلام، ما الذي أتي بهذا إلى ذاك؟

ضمن نشاطك الفكري الأخير في المغرب أثير الجدل بسبب تدخينك خلال إحدى الندوات. ما الذي حدث بالضبط؟

الموضوع كما وصفته سحابة صيف. الندوة كانت في فندق بقاعة مفتوحة ومسموح فيها التدخين، وكنت قد حضرت أكثر من ندوة في القاعة ذاتها، وسألت منظم المهرجان إذا كان التدخين مسموحا فيها، فقال نعم.

وفي اليوم الثاني كان يدير اللقاء الدكتور حسن أوريد أستاذ الفلسفة السياسية والمتحدث الرسمي السابق باسم ملك المغرب وهو شخصية معروفة، وسألته عن التدخين وأحضروا لي مطفأة سجائر، والمنصة بينها وبين الكراسي التي يجلس عليها الجمهور مساحة كافية.

وفي اليوم الثالث كان الأمر يتم على المنوال نفسه، وبعد حديثي أشعلت سيجارة، ففوجئت بالذي يدير الجلسة يتصرف بانفعال شديد، ورددت عليه بابتسامه، ولكنه أخذ الميكروفون من المنصة وظل يزعق، وطبعا ابتسمت وقلت بالنص: “سأدخن في القاعة المجاورة”، وقام البعض ورائي لتوقيع بعض الكتب، وقلت فور عودتي إن هذه سحابة صيف ومرت ودعونا نكمل المناقشة.

استغربت جدا أن الحادثة فجأة ومن دون مبرر منتشرة في الكثير من الصحف الإلكترونية، وتحدث حالة من الصخب غير المفهوم، ولهذا كتبت أمس تبيانا مختصرا لتوضيح الأمر.

في سياق أنشطتك الفكرية، لماذا توقفت عن عقد ندواتك الشهرية في مصر؟

في الوقت الذي شعرت فيه أن مصر تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد من أجل تدعيم القشرة الرقيقة الثقافية أو الذهنية للعقل الجمعي.

كنت أبذل جهدا مضاعفا، ومعروف أن هذا كله يتم تطوعا وبلا أجر، ومع هذا تواجهني صعوبات أو عوائق كان منها مسألة تحريف وتغيير الحديث الذي أقوله، أو التقاط عبارة من سياق طويل وإبرازها بشكل فاجع أمام القراء في الصحف، فتكون النتيجة أن يُهدر الجهد الذي أقوم به من أجل السفر من مدينة إلى مدينة لعقد لقاءات ثقافية. وأحيانا يترتب عن الأمر رفع دعاوى قضائية.

كنت المثقف الوحيد الذي ينزل ويتحدث مباشرة مع الشباب، ألا ترى أن تراجعك استسلام؟

لا لا، هذا ليس استسلاما، هذا إشعار بسوء الحال، أنا لم أنقطع عن الشباب إطلاقا وما زلت أتواصل معهم عبر لقاءات المسابقات الأسبوعية والشهرية والمناقشات عبر فيسبوك، وكتابة المقالات، ولكن العمل الثقافي في هذه الفترة مسألة صعبة وليست ميسورة، ولهذا أسير في مسارات متوازية، منها المحاضرات ومنها المناقشات على فيسبوك ومنها كتابة المقالات ومنها الكتب التي تنشر. إنْ تعطل منها مسار، فهذا لا يوقف الحركة بكاملها.

نعود إلى الصالونات، كيف يمكنني أن ألقى محاضرة عامة؟ حالي كمن يمشي على الأشواك أو في حقل ديناميت، فالرقابة والتقييد في أعلى مستوياته، مع هذا احتملت ذلك سنين، ووصلت في الأشهر الأخيرة إلى مأزق آخر وهو عدم وجود مكان لإجراء هذه اللقاءات.

ففي الوقت الذي تجد فيه معظم الأماكن الثقافية مغلقة أو مهملة أو تشكو الفراغ، أجد نفسي لا أستطيع إيجاد مكان، وأشياء غريبة بحيث ينبغي عليك التقاط الإشارة الداعية إلى التوقف بصرف النظر عن الذي يقف وراء ذلك، هل هي مقصودة أم لا؟

النتيجة واحدة في النهاية هي أنني لا أجد مكانا ألقي فيه محاضراتي.

موضوع آخر ربما يكون له علاقة بهذا الأمر، صرحت أن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان، وقلت إنك ستدفع الثمن باهظا بسبب هذه التصريحات. هل بدأت تدفع الثمن؟

منذ سنوات وأنا أدفع أثمانا باهظة لمواقف أخذتها وأنا مقتنع بها، ولكن لم تكن تنال الرضا من هذا النظام أو ذلك.

في مسألة الجزيرتين، عبرت عن قناعتي وما أراه صوابا وبالتالي كنت أتوقع مثل هذه الأمور أو غيرها، ولا أظنها ستكف حتى لو سكت تماما عن التفاعل مع قرائي، وحتى لو توقفت عن الكتابة، سأظل على نحو ما ملاحقا. ربما لأن الواقع المحتدم لا يحتمل التنوع في الآراء، وربما لأن هناك وهما عند من بيدهم الأمر في بلادنا العربية، بأنني شديد التأثير على الشباب ويبالغون في ذلك، أو لأن كتبي تلقى رواجا كبيرا، وهذا شيء غير معتاد في بلادنا.

لا أدري ما السبب بالضبط، ولكني في النهاية أتعامل مع الظاهرة في تجليها الأخير ولا أشغل نفسي كثير في ما وراء هذا الفعل أو ذاك. أتعامل مع الفعل نفسه، أما تفسيره فقد نختلف فيه. وأنا لا أحب اللجوء إلى التفسير التآمري للوقائع ما دامت سياقاتها واضحة فلا داع لفهمها على قاعدة المؤامرات.

نحن نعاني من حالة ضعف ثقافي عام، ليس فقط في ما يجري معي ولكن في الأداء الثقافي العام، الحكومي والفردي. فمصر منذ فترة لم تعد تصدر فيها كتب مهمة ولا تقام فيها أنشطة حقيقية بمعنى أن يكون لدينا متحدث لديه فكرة، وجمهور عريض يناقش هذه الفكرة. فعند حدوث شيء كهذا يواجه بحالة متشنجة من الغضب وليس معي فقط. فنوال السعداوي مثلا ظلت سنوات صامتة، ثم عادت منذ شهرين في لقاء شهري في مكتبة مصر، فعقدت لقاء الشهر الماضي ولقاء منذ يومين، ماذا كانت النتيجة؟

خرج محامي قدم بلاغا للنائب العام يتهمها فيه بالإلحاد، وكانت قد أعربت عن نيتها أن تكون هناك صفحة على فيسبوك لتشارك فيها آراءها وتناقش ما تطرحه، ففهم هذا المحامي أن هناك مركزا فعليا تجتمع فيه السعداوي بمعجبيها فصرح للصحف بأنه قدم البلاغ في الدكتورة نوال السعداوي وأن هذا المركز يجب إغلاقه وإن لم تغلقه الحكومة ستغلقه، وسيقطع يديها ورجليها. هذا كلام يجب أن يحاسب عليه هذا الشخص.

عودة إلى موضوع الجزيرتين، كيف تقيّم موقف الحكومة المصرية بعد الحكم القضائي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود؟

أنا قلت رأيي من قبل، وعند صدور الحكم قلت رأيي بشكل واضح وأكدت أن الجزيرتين مصريتان قبل الحكم وبعده واستغرقت يومين قبل أن أعرب عن رأيي هذا، وكتبت ذلك بلغة واضحة ومحددة وبعدها بشهرين أو ثلاثة صدر الحكم.

لم أكن أنتظر مثل هذا الحكم، فأنا أعرف من قبل ومن بعد أنهما مصريتان.

ولماذا برأيك تسبح الحكومة المصرية ضد التيار في هذا الموضوع؟

هذا شيء تُسأل فيه الحكومة المصرية، أنا قلت رأيي كشخص مهتم بهذا الوطن وبثقافته، وأنا لست مسؤولا عن آراء الآخرين.

بالحديث عن موضوع تجديد الخطاب الديني، كان هناك خطاب للرئيس السيسي دعا فيه إلى ثورة داخل الإسلام. هل توافق هذه الدعوات التي لاقت ترحيبا في الإعلام الغربي؟

أنا عرضت هذه المسألة وتحدثت فيها علانية، وقلت إن هذه مسؤولية المثقفين وليس السياسيين، وليس من شأن الحكومة أو الدولة الدعوة إلى ثورة دينية، هذا تعبير خاطئ، الثورة لا تأتي من قمة السلطة، الثورة تكون على السلطة ولا تأتي منها، وعرضت هذا المدخل وقلت رأيي بوضوح، وحتى للرئيس نفسه، وقد استمع لما قلته وأعلنته أيضا في لقاء تلفزيوني على الملأ.

رأيي معروف أن مصر لديها مشكلات ومآزق كثيرة ليس من بينها الحالة الدينية، فعلينا أن نتجاوز الخوض في هذه الموضوعات، لأن العقل الجمعي ليس جاهزا لمناقشتها، علينا أن نتبصر واقعنا ونجد حلولا للمشكلات الاقتصادية والسياسية وصورة مصر والعرب في العالم، وقضايا من هذا النوع. أما الاشتباك مع المسائل الدينية ومع الجماعات ذات التوجه الديني، فهذا ليست مسؤولية الدولة.

هل توافق من يقول إن المناهج الدراسية في الأزهر وبقية المدارس المصرية تنتج أجيالا مؤهلة لاعتناق التطرف؟

بالتأكيد، لابد من إعادة النظر في هذه المناهج وتطويرها. الحكومة ليست هي المنوطة بمناقشة الحالة الدينية للمواطنين. المناهج التي تدرّس في الأزهر يضعها أساتذة، هؤلاء المفترض أنهم متخصصون، وهناك متخصصون آخرون يستطيعون أن يوجهوا الأنظار إلى العيوب في هذه المناهج.

هذا أمر يجب أن يتم بشكل أكاديمي رصين. ويعتاد المتخصصون على المناقشة الأكاديمية لهذه الأمور، وهو ما فعلته مثلا في قضية علم الحديث النبوي أو موقفي من ابن تيميه، وما فعتلته في سائر الآراء التي طرحتها. أما أن يتحول الأمر إلى خطاب سياسي عام دعائي، فهذا لا أوافق عليه ولا أجد نفسي مقتنعا به.

انتقدتَ الأزهر بسبب موقفه من داعش، برأيك لماذا ترفض المؤسسة الدينية في مصر تكفير هذا التنظيم؟

الأزهر قال إنهم (داعش) أهل قبلة. وأنا رأيي إذا كان هؤلاء قد خرجوا عن دائرة الإنسانية – ودائرة الإسلام هي دائرة داخل الدائرة الإنسانية – بارتكابهم أفعالا ضد الإنسانية، فالإدانة لهم شديدة العموم من حيث انتمائهم للبشر أصلا، فكيف نقول إنهم داخل دائرة الإسلام إذا كانوا يستخدمون الإسلام أسوأ استعمال، ويستخدمون رايته لارتكاب فظائع ضد الإنسانية.

أعتقد من خرج من دائرة الإنسانية فقد خرج عن دائرة أي دين.

برأيك هل هناك وصفة ناجحة لمحاربة التطرف داخل المجتمعات العربية؟

طبعا، هناك وصفة ناجحة وكنت قد كتبتها عام 1997 ونشرتها في خاتمة كتابي “اللاهوت العربي وأصول العنف الديني” الصادر عام 2010، وكان أعلى الكتب العربية توزيعا في العالم العربي كله، وهذا يعني أن الكتاب قُرئ جيدا ورسالته من المفروض أنها وصلت.

في هذا الجزء من الكتاب طرحت ما أراه سبيلا للقضاء على مثل هذه الظواهر التي نسميها “داعشية” إجمالا بصرف النظر عن التسميات المتشابهة (فكما نعلم أن في سورية الآن حوالي 72 جماعة تحارب باسم الإسلام على اختلاف أسمائها) وهذا كان بحثا قدمته في مؤتمر طشقند أتحدث فيه حديثا واضحا عن أن هذه الظاهرة لابد من التعامل معها على عدة محاور:

أول هذه المحاور هو “الفهم والتفهم”، أي فهم كيف تتكون مثل هذه الجماعات وكيف تفكر وكيف تعمل. المحور الثاني هو التعاون الدولي، لأن هذه الأفكار هي عابره للحدود وبالتالي لا يمكن مقاومتها داخل نطاق سياسي محدود. وهناك تفاصيل كثيرة لا أستطيع أن ألخصها لك الآن لكنها مكتوبة بوضوح وبشكل أراه كافيا للتعامل مع الظاهرة، ولكن يبقى التنفيذ، وهذا ليس بيدي.

نذهب لموضوع آخر، تشير في كثير من محاضراتك إلى أن إسرائيل ليست عدوا أساسيا لمصر؟

هي ليست العدو الأول بالنسبة لمصر، الواقع يقول هذا. إسرائيل هي عدو رسمي تقليدي بالنسبة لمصر باعتبار الحروب التي نشأت بينهما. بعد توقيع اتفاقيه السلام لم نجد أي عمل عدائي من إسرائيل.

البعض يرى، استنادا إلى نظرية المؤامرة، أن إسرائيل هي التي تعبث في الظلام. هذا كلام ملقى على عواهنه.

الواقع الفعلي أن إسرائيل عدو عاقل، فمثلا عندما وجدوا أن الإرهاب يتحرك بقوة داخل شبه جزيرة سيناء، لم تتمسك إسرائيل ببنود اتفاقيه كامب ديفيد، وسمحت للجيش المصري بإدخال أسلحة ثقيلة على غير ما تنص عليه المعاهدة، فهذا يعني أنهم متعقلون. بينما هناك دول تُحدث أذى لمصر، ورغم ذلك نسميهم أشقاء. ما هذا المنطق؟

تقصد قطر؟

أقصد من يفعل هذا وهم معروفون، ولا يخفى هذا على أحد. كيف يمكن أن يكون الصديق الشقيق مؤذيا والعدو متفهما، إذن يجب إعادة النظر في هذه المسألة.

وقد طرحت بعض هذه الأمور في آخر محاضرة قبل التوقف في مسألة “مفهوم الصديق والعدو” وما كتبه أرسطو عن الصداقة ومفهومها عند العرب وغيرها من الأمور كي نصل إلى وعي حقيقي بمن هو العدو ومن هو الصديق والشقيق.

وما رأيك في ما فعله لاعب الجودو المصري بعدم مصافحته منافسه الإسرائيلي في أولمبياد ريو؟

كتبت رأيي في هذا الموضوع وقلت إن ما حدث يعبر عن بؤس الحال العربي. هو يعرف أنها لعبة ويعرف أن منافسه إسرائيلي ويعرف أنه المصنف الخامس عالميا وأن المصري مصنف رقم 17. كل هذه المقدمات إن أراد كان يمكن أن تجعله يعتذر على المواجهة، ولكن ما حدث أظهرنا بشكل مخزي أمام العالم.

حتى في الدين وفي الإسلام “وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها”، والمصافحة هي نوع من التحية، فمن يمد إليك يده مصافحا، عليك أن تصافحه. لكن هذه العشوائية في الموافقة على الدخول في المنافسة ويوافق على خوض المباراة ثم أمام الكاميرات يظهرنا، نحن العرب، بمظهر المتخلف. هذا أمر لا يجوز ولا يجب علينا.

كيف تقيم أداء الرئيس عبد الفتاح السيسي؟

هذا حديث يطول، وأنا عندي منهج محدد لتقييم أداء أي شخص في أي سلطة، وهو بمنتهى البساطة، أن نرى اللحظة التي استلم فيها أي مسؤول الحكم والمؤشرات الخاصة بها، واللحظة التي يترك فيها الحكم ومؤشراتها، وعلى هذا النسق نحدد تقييمنا لهذا الشخص أو ذلك سواء مع الرئيس السيسي أو غيره. هذا ما أطبقه في تقييم أداء أي رئيس مصري. هذا هو المعيار الذي أحتكم إليه لأبتعد عن المعايير الشخصية.

الرئيس السيسي لا يزال في منتصف مدته، ولا أستطيع أن أصدر حكما نهائيا عليه. أما في ما يخصني أنا كفرد، أنا أفضل الابتعاد عن دائرة السلطة بمعنى ألا أكون مسؤولا عما تفعله.

سأذكر لك اسمين وأود منك التعليق عليهما.

السعودية:

بلد عربي له ما له وعليه ما عليه.

الإخوان المسلمون:

أراهم مجموعة مصرية الأصل نبتت بشكل طبيعي نتيجة لظروف كانت موجودة في مصر وكان حكمهم سيئا جدا ومترديا، ولكن هذا ليس مصوغا ومبررا للبطش بكل من يميل إلى هذا الاتجاه، ولهذا في غمرة مواجهتي للإخوان أثناء حكمهم، وفي صباح 30 حزيران/ يونيو كنت لأول ولآخر مرة أخاطب الجماهير في الشارع قلت لهم: نحن اليوم نخرج لإزاحة رئيس فاشل، وليس للانتقام من جماعة الإخوان المسلمين، أو لمواجهة شباب الإخوان لأنهم شباب مصري ينبغي أن ننظر إليهم من هذه الزاوية، وعندما صدرت أحكام قضائية غير منطقية ضد الإخوان عارضت ذلك علانية وقلت أنني ضد هذه الأحكام، وكان من بينها إصدار 450 حكما بالإعدام في أول جلسة، ومن بينها حكم بالسجن ضد فتيات في الإسكندرية بتهمة إلقاء الأحجار على بعض المحلات، عارضت هذا بسبب صغر سن هؤلاء الفتيات، وقد تم تغيير الحكم لاحقا.

يرى بعض النقاد أن رواية “عزازيل” هي أفضل ما أنتج يوسف زيدان على الإطلاق، وأن باقي أعماله الروائية لم تصل لمستوى “عزازيل”. برأيك لماذا حققت عزازيل كل هذا النجاح وهي لا تزال تطبع وتترجم حتى الآن؟

هذا رأيهم، فباقي الأعمال أيضا ما زالت تطبع وتترجم، فمثلا أنا أرى أن رواية “النبطي” أكثر عمقا من “عزازيل”، ولغتها أعلى لأنها تتحرك في المنطقة العربية، ولكن هناك اختلاف في الظروف.

“عزازيل” صدرت عام 2008 في غمره التوهج الذي مهد لثورة يناير 2011 وكان من بين مظاهر هذا التوهج الإقبال غير المسبوق على القراءة.

“النبطي” صدرت في الشهر الأخير من 2010 وحتى لحظة اندلاع الثورة في أقل من شهر، كانت قد وزعت 25 ألف نسخة أصلية، بالإضافة إلى النسخ المزورة. وتوقفت عملية الطباعة حوالي عامين، بسبب الظروف التي مرت بها البلاد. ومع هذا، الرواية طبع من الرواية إلى حدود الساعة 15 طبعة.

أستطيع أن أؤكد أن “النبطي” كبنية رواية ولغة لا تقل عن “عزازيل”، لكن “عزازيل” كانت محظوظة في وقت صدورها وبفوزها بجائزة البوكر.