محمد عبد الرحمن يكتب: توابع زلزال الإيكونوميست

 نقلًا عن مجلة 7 أيام

هل يمكن وصف تقرير مجلة الإيكونوميست الأخير عن مصر بالزلزال حقا؟ في رأيي أنه أصبح كذلك بعد ردة الفعل المبالغ فيها والتي سارت في اتجاهات غير مناسبة من جانب الدوائر الرسمية والإعلامية هنا في القاهرة.

ظهر الأمر وكأن سيارة نقل ثقيل تسير أسفل منزلنا وتتعمد إحداث الضجيج لكننا أقنعنا أنفسنا بأن هناك زلزالا يستحق الهلع والرد بعنف بدلا من أن ننتبه لماذا مرت السيارة بهذه الطريقة وكيف كان يمكن تفادي مرورها من الأصل أو على الأقل الحد من الصخب الصادر عنها.

لازالنا نتعامل مع الانتقادات الداخلية وكأن جميعها يصدر عن خونة وعملاء ومحبطين، فيما التعامل مع الانتقادات الخارجية وكأنها لا تخرج إلا من متربصين ممولين يريدون شرا بمصر وأهلها.

نعم، الصحف الغربية معظمها ضد مصر ونظامها منذ يوليو 2013، من بينها من يتخذ هذا الموقف على أساس أفكاره عن الديموقراطية والمدنية دون أن يجرب تفهم دوافع ما فعله الجيش بطلب من الشعب في 30 يونيو 2013، ومنهم أيضا من يتعامل مع أجهزة ومراكز صناعة قرار ودول تريد أن تظهر مصر تحت الضغط الدائم، لنقل أنها نصف مؤامرة ونصف وجهة نظر، لكن أين تقع مسئوليتنا عن النصف الثاني على الأقل، هنا تكمن المشكلة.

الذين ينتفضون غضبا ضد هذا النوع من التقارير، يختصرون الوطنية والخوف على البلد في تصريحات لبرامج وصحف محلية، لا يلتفتون لحجم تأثير تلك التقارير على الاقتصاد المصري والعين التي يرى بها المستثمر الغربي فرص الوجود على أرض المحروسة.

هؤلاء لا يتوقفون أمام الثغرات التي فتحناها بأنفسنا أمام من يقومون بهذا الهجوم، فتحولت الثغرات إلى أنفاق بات من الصعب اغلاقها بل تزيد الطين بلة كل يوم خصوصا على مستوى الاقتصاد وتحديدا قضية سعر الدولار.

بلد تعاني من أزمة اقتصادية، وبدلا من أن تفكر في قرارات سياسية ومالية تقلل من حالة الإحباط وترفع الروح المعنوية للمصريين أولا وللمستثمرين ثانيا تستسهل وتغلق شركات الصرافة، ثم نلقي كل العبء على تقرير الإيكونوميست؟

جميل أن ترد وزارة الخارجية على تقرير المجلة الذي يطالب بأن يعلن الرئيس السيسي منذ الآن عدم ترشحه للرئاسة في 2018، لكن الأجمل أن تقتنع وزارة الخارجية أن هذا ليس دورها لأن تلك مجلة مهما بلغ تأثيرها تظل مجلة، والرد عليها يكون من وسائل إعلام مصرية قادرة على النفاذ إلى الدوائر الغربية، أو وسائل إعلام غربية مستعدة لتبني وجهة النظر المصرية، وبما أنه ليس لدينا الأولى ونحتاج أموال طائلة لتوفير الثانية فإن بيان الخارجية مع خالص الاحترام لا فائدة من ورائه سوى ظهور مصر وكأنها الدولة التي تهتز بسبب تقرير صحفي أيا كان مضمونه وحجم المجلة التي نشرته.

نهاجم الإيكونوميست بشكل عام وننسى معلومة مهمة للغاية حول الاحباط الإماراتي من النظام المصري، هل فكرنا في أن نسأل الأشقاء في الإمارات لماذا هم محبطون؟ هل طلبنا منهم نفيا للمعلومة، أم أن ما نشرته الإيكونوميست كفرا بواحا لا يجب أن نفكر فيه ونناقش كيف أهدرنا فرصا عظيمة في السنوات الثلاثة الأخيرة كانت كفيلة بأن تجعل حالنا الآن أفضل ولو قليلا مما نحن عليه؟.

الغضب وحده لا يكفي، ترويج نظرية المؤامرة بات لا يقنع أحدا، حتى لو كنا نعلم أن من يكتبون عن مصر في الصحف الغربية لا يفعلون ذلك لوجه المهنية والكرة الأرضية، في مقالي في هذا المكان الأسبوع الماضي تكلمت عن “بسمة أمل” في سوق الميديا المصرية بعد متغيرات رأيتها إيجابية، لكن مصر بشكل عام تحتاج إلى “بسمات أمل” لن تأتي فقط من المشروعات العمرانية الجديدة التي يجب على الملايين انتظار نتائجها بعد سنوات طويلة.

المثل الشعبي المصري يقول “احييني انهاردة وموتني بكرة” والناس تريد أن تحيا اليوم ويحيا أولادهم بكرة، وهذا لن يحدث طالما أن قطار النظام يسير في نفس الخط غير مهتم بما يقوله الواقفون على جانبي الطريق.

عندما نستمع إلى أنفسنا، نحاول أن نغير ونجرب، نتخلص من قوانين ظلمت الكثيرين، نستبعد شخصيات أصابت وجه مصر بتشوهات لا تليق بأم الدنيا، ساعتها ستكون تقارير الإيكونوميست وغيرها مجرد ضجيج بلا طحن لا يستحق حتى عناء الالتفات إليه.

نرشح لك

محمد عبد الرحمن يكتب: بسمة أمل

[ads1]