د.محمد صلاح البدري يكتب: أغلبية زائفة..!

لا أعرف إن كان الكثيرون يعرفون مصطلحات علم الإحصاء أم لا.. و لذا أعتقد أنني سأحتاج لشرح معني بعض المصطلحات ببعض التفصيل..!

المشكلة في دراسة الطب أنها تجعلك تنتمي لمجموعة من المصطلحات والعلوم البعيدة كل البعد عن المجتمع المحيط بك.. و تبتعد في نفس الوقت عن العديد من العلوم الإنسانية التي أعتبرها أساسية في التعايش و التعامل مع من حولك..
فالرجل يتحول إلي male و الأنثي تصبح female ..

الأمر ينتهي أن تنعزل تماماً داخل مجتمعك الضيق الذي يشمل أقرانك من دارسي الطب .. و تفترض بهذا أنك قد وصلت لقمة العلم .. بل إن البعض يترفع عن النقاش في العديد من الشئون لا لإقتناعه بأنه لا يفقه شيئاً فيها.. وإنما ليقين يحمله بداخله أنه لا وقت لديه ليضيعه مع هؤلاء الجهلة!!

الأمر لا يتعلق بدارسي الطب من قريب أو بعيد .. و إنما هي سفسطائية لا معني لها سوي أنني أنتمي لنفس تلك الشريحة التي ذكرتها!

الفكرة هذه المرة هي التي دارت بذهني حين تأملت الشبكة العنكبوتية لمواقع التواصل الإجتماعي .. وقتها تسائلت إن كان يمكن إجراء إستفتاء ما .. أو قياس رأياً عاماً من خلال تلك الشبكات بصورة احصائية سليمة؟!..

الإجابة هي لا للأسف ..بل إنها مستحيلة أيضاً..!

بلي..لستم أغلبية كما كنت تظن..وكما يبدو من تعليقات أصدقاؤك علي صفحتك الشخصية..و لا يري الجميع أن “الأسطورة” كان أفضل مسلسلات رمضان.. و الأهلي لم يكن سيئاً اليوم إلي هذه الدرجة كما استنتجت من آراء متابعينك .. ولا حتي أحمد موسي يحتاج إلي العلاج بمصحة نفسية كما تؤمن منذ بداية مشاهدتك له..

تلك هي الحقيقة التي ربما تصدمك للوهلة الاولي .. و لكنها تظل الحقيقة وإن كانت مؤلمة!

في البداية ينبغي أن نعرف أنه لإجراء إستفتاء صحيح أو البحث لمعرفة رأي عام بصورة حقيقية ينبغي أن تجري إستبيانك المرغوب في وسط إحصائي سليم .. أي أنه ينبغي أن تحرص علي تمثيل كل شرائح المجتمع بصورة متكاملة و متساوية..فهل يحدث ذلك علي صفحات التواصل الاجتماعي؟!

الإجابة محبطة للغاية .. فتركيبة تلك النوعية من الشبكات تجعل حدوث ذلك مستحيل لعدة أسباب .. أولها أن نسبة مستخدمي تلك الشبكة تحديداً دون غيرها متباينة .. مما يجعل العينة الاحصائية نفسها تصبح “غير متناسبة” أو non- parametric بتعريفها العلمي .. فعلي سبيل المثال .. ينبغي ان تحدد أعداد متساوية أو متقاربة من المراحل العمرية التي ستشارك في الإستفتاء .. فكيف ستفعلها علي تلك الشبكة الزرقاء الشهيرة؟!

الأمر الثاني يعد الأخطر .. فتلك الشبكات تم تصميمها بشكل محوري .. أنت محور الكون .. أنت من تضيف أصدقاؤك و معارفك و من ترغب في أن تري كلماتهم و تشاركهم آراؤهم فقط.. الآراء الأخري غير ممثلة .. و بالتالي فسيجد من يشجع الأهلي أقرانه .. و سيجد البعض من لم يزل يشجع الزمالك ايضاً.. !

الطريف أن كل منهما سيتخيل أن العالم لا يوجد به من يشجع سوي فريقه .. لأنه ببساطة لم يضف الي قائمته سوي من يشجع ذات الفريق!!

هنا يحدث الخطأ الإحصائي الأشهر .. والذي يسمونه bias ..أو “التحيز” .. فالعينة الممثلة غير سوية .. و إختيار الأصوات خضع لعامل مشترك هام.. فكلهم أصدقاؤك أنت.. لهم نفس اهتماماتك .. بل و يقطنون في مكان قريب منك .. أو حتي في مستوي إجتماعي متقارب !

باختصار إذا كنت تمتلك رأياً سياسياً معيناً ستظن أن رأيك دائما هو الأصح .. و أن الكل يتبني نفس الفكرة و يملك نفس الرؤية .. و اذا كنت قد أعجبك مسلسلاً أو فيلماً ما .. ربما تشعر “زيفاً” أنه قد أعجب الجميع .. بينما تنسي او تتناسي أنك قد استطلعت رأي المجموعة التي جمعتها حولك.. و التي غالباً ما ستحمل نفس أفكارك و تمر بنفس المقدمات التي ستؤدي بكل تأكيد الي نفس النتائج!

انها الحقيقة المرة التي أعتقد أنها قد تجعلك تعيد نظرتك للأمور بالكامل .. فالأغلبية التي ظننت يوماً أنك تنتمي اليها قد تكتشف الآن..أنها أغلبية زائفة!

نرشح لك

[ads1]

د.محمد صلاح البدري يكتب: مأمون.. و الإجابة على الأسئلة!

هذا ما فعلته C.A.T في عامها الأول

إعلامية مصرية تغير اسمها!!

ايهما أفضل فيلم “كابتن مصر” ام فيلم “جحيم في الهند” ؟ اضغط هنـــا

بنر الابلكيشن