وليد خيري يكتب: صناعة الأسطورة في مسلسل الأسطورة

وليد خيري
وليد خيري

النجاح الأسطوري الشعبي لمسلسل الاسطورة بطولة النجم محمد رمضان والذي عرض حصريا على شاشات mbc يستلزم طرح بعض الاسئلة عن ذلك النجاح الظاهرة فحين تكتشف أن أحد مشاهد المسلسل وهي المشاجرة التي يتغلب فيها رفاعي الدسوقي”محمد رمضان” على عصام النمر”محمد عبد الحافظ قد حقق أكثر من 10 ملايين مشاهدة على موقع يوتيوب، بالإضافة إلى عودة تجمعات المصريين على المقاهي لمتابعة حلقات المسلسل وكأنها مبارايات كرة القدم التي يعشقونها أو أن يقدم البعض تعازي حارة حقيقية لوفاة ومقتل رفاعي الدسوقي كاسرين بذلك حائط الإيهام البريختي بين التمثيل والواقع، وذلك تستطيع أن تتلمسه بسهولة إذا تابعت حلقات المسلسل مع البسطاء ستجد أنهم لا يتعاملون مع الدراما بكونها تجسيدا بقدر ما هي حقيقة فيتعاملوا مع الموت الدرامي وكأنه فعلا موت حقيقي حيث تنفلت منهم عبارات الكراهية لمن يكدر صفو بطلهم، ذلك لأن البطل الشعبي يحقق ما يعجزون عن تحقيقه ويرفع الظلم عن كاهلهم بقوة يعجزون أن يأتوا بمثلها، لذلك الدراما الشعبية والبطل الشعبي هي المدد لكل العاجزين والقاصرين عن تحقيق غاية أحلامهم حتى لو جاءت في شكل انتقام. ناصر الدسوقي الشقيق الأصغر لرفاعي يفشل في الإلتحاق بسلك النيابة رغم تفوقه العلمي الواضح لأنه يحمل أوزار أخيه رفاعي”الأسطورة” تاجر السلاح” لن يقبل الجمهور المتعطش لإقامة العدل ونصرة المظلوم الإ أن ينتصر ناصر لحقه المهدر ودم أخيه المهدور غدرا حتى لو كان ذلك عبر سلسلة من البطش يقوم به المظلوم نفسه فتصبح شريعة الغاب قمة العدل الدرامي. الممثل الهندي أميتاب باتشان يقول في احد حوارته الصحفية ” سألت أبى وأنا صغير عن سر نجاح الافلام الهندية فقال لى : لأنها تحقق العدل على الشاشة فى ظرف 3 ساعات فقط بينما قد تعيش وتموت دون أن تراه فى الواقع ” هي العدالة الناجزة إذن والإ لما أحب الناس أدهم الشرقاوي وأرسين لوبين والأسطورة.

المسلسل دراما رجالي -إذا صح التعبير- بإمتياز تستطيع أن تلاحظ بسهولة أن معظم متابيعها من الرجال لذلك ليس غريبا أن تزخر بهم المقاهي وقت عرض المسلسل كما تزخر بهم أثناء مبارايات كرة القدم، وهذا لافت بعض الشئ حين أن منشأ الدراما التلفزيونية كانت لمخاطبة النساء اللائي يبحثن عن شئ مسلي أثناء تأديتهم الأعمال المنزلية من ترتيب وتنظيف البيت وطهي الطعام وغسيل الأواني وهذا ما حدا بصناعها الأوائل في أمريكا بتسميتها Soap opera أو مسلسلات الصابون الموجهة خصيصا لربات البيوت، لكن الدراما هنا في الأسطورة تغازل الرجال بكل قوة حتى أن بطلهم ناصر الدسوقي يتزوج ثلاث نساء ، لذلك صممت الدراما في هذا المسلسل لإشباع غرائز الرجال من قوة غشيمة وأخذ الحق بالذراع وإقامة دولة العدل والتعدد!

مسلسل الأسطورة يعمد عامدا متعمدا منذ الوهلة الأولى من اختيار عنوانه لصناعة الأسطورة الذاتية لنجمه محمد رمضان.. هو يدشن اللقب “واللوك” لكي يصبح بطله بطلا خارج الشاشة أيضا..خاصة أن محمد رمضان ممثل يشبه الكثير من عموم الناس لذلك هو واحد من الناس لذلك يحبه هؤلاء الناس الذين يعجبهم أن رجلا يشبههم يملأ الدنيا والشاشة ضجيجا ونجاحا وجدلا،ربما ذلك جعل صناع العمل ومنهم رمضان يبالغ بعض الشئ في صنع الشخصية ولازمتها وإن كنت أرى البعض في أحياءنا الشعبية يسيرون ذات المشية التي يسير بها رفاعي الدسوقي ويتعمدون أن يتحدثوا بلهجة خشنة وصوت قاسي كي يلقوا الرعب في قلوب الذين كفروا بقوتهم وبأسهم، إذن لا بأس أن يتحدث البطل هكذا ويمشى كأنه يخرق الأرض أو يبلغ الجبال طولا.

المظلومية بناء أساسي في نشأة فكرة البطل الشعبي لاحظ أن كل المطربين الشعبيين أغانيهم تدور حول تيمة واحدة ظلم الايام وغدر الأصدقاء وقيود الظالمين حول أعناقهم، وحتى تتم عملية استرداد الحق كاملا فلابد للقيد أن ينكسر ولابد لليل أن ينجلي ولابد أن ينتصر البطل الشعبي حتى تزأر الجماهير في المقاهي وأمام الشاشات في البيوت فرحة بالنصر وباسترداد الحقوق، لذلك ليس غريبا ولا مصادفة أن يتحول ناصرطالب الحقوق المتفوق لمانح نفسه كل الحقوق في أن يسترد مظلمته حتى ولو على حساب الآخرين.، ومن اهم الحقوق التي أعادها لنا هذا المسلسل عودة الفنانة المبدعة فردوس عبد الحميد والتي تؤدي دور الأم للبطل بمنتهى السلاسة واليسر، كما منح العمل حقوقا متاخرة للظهور بقوة لنجمة هُضم حقها كثيرا وهي روجينا في دور حنان.

سيظل محمد رمضان نجم مثير للجدل ومتهم من البعض بالتسطيح وصناعة العنف وصياغته مما يسهم بشكل كبير على الجانب المقابل أن يرى البعض في ذلك مظلومية كبيرة له، وهي –المظلومية- التي كما أتفقنا السبب الأول في صناعة الأسطورة.

[ads1]