ياسر الزيات يكتب: بورتريه لرئيس التحرير كمدمن 'جوجل أناليتكس'

نقلاً عن العرب اللندنية

تغيرت كثيرا صورة رئيس التحرير في غرفة الأخبار الحديثة عن الصورة التي نعرفها، وسلوكياته أيضا، ومن أهم ملامح هذا التغيّر أنه يجلس الآن كثيرا أمام شاشة الكمبيوتر، لا ليتابع تدفق دورة العمل فقط، ولكن ليتابع “جوجل أناليتكس” أيضا. وليس هناك ما يمكن أن تفعله، إلى الآن على الأقل، لعلاج رؤساء التحرير والمسؤولين التنفيذيين في المؤسسات الصحافية، من إدمان “تحليلات جوجل”.

يتيح تطبيق “تحليلات جوجل” للصحافيين أن يتعرفوا على أعداد زوار مواقعهم الإلكترونية لحظة بلحظة، أو كل يوم، أو أسبوع، أو شهر، أو حسب المدة الزمنية التي يرغبون فيها، بالأرقام أو من خلال رسوم بيانية تعطي مؤشرات على صعود الموقع أو هبوطه.

ولا يكتفي التطبيق بتقديم أعداد الزوار، لكنه يعطيك أيضا عدد الصفحات التي يقرؤونها، ومتوسط المدة التي يقضيها الزائر على كل صفحة، وهو ما يعتبر مؤشرا على جودة محتواها، إضافة إلى بيانات عن نوع الزوار، ذكورا أو إناثا، وأعمارهم، ومواقعهم الجغرافية، وأي أجهزة يستخدمونها للدخول إلى الموقع (لابتوب، ديسك توب، موبايل…)، وأي متصفح إنترنت، وهل يدخلون عبر موقع من مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك أو تويتر مثلا)، أم يبحثون عن اسم الموقع مباشرة.

هل هناك رئيس تحرير يمكنه أن يقاوم رغبته في معرفة كل هذه البيانات عن جمهوره؟ لكن هذا لم يكن يحدث في الماضي.

لم تكن عملية إنتاج الصحيفة بكل هذا التعقيد. وكانت المعادلة الإعلامية، التي يدرسها طلبة الإعلام في الجامعات، بسيطة جدا وواضحة؛ رسالة، ومرسل، ووسيط، ومستقبل. وفي الصحف، كان الأمر يجري بمنطق صيادي السمك، فرؤساء التحرير يلقون بشباكهم يوميا، دون أن يعرفوا، على وجه الدقة، أي قراء سيصطادون، وإذا ما كان الطُعم الذي ألقوه مرغوبا أم لا، وقد يحدث أن تخرج الشباك فارغة إلا من عدد ثابت من القراء الدائمين.

عملية إنتاج الصحيفة نفسها كانت تنمو بشكل خطيّ له بداية في اجتماع الصباح، ونهاية بإرسال التصميم “الماكيت” إلى المطبعة، وبعدها تُطفأ أنوار الصحيفة إلى اليوم التالي، باستثناء بعض الأضواء الخفيفة التي تأتي من مكاتب مسؤولي الطبعات التالية.

اختلف كل هذا مع الدخول إلى عالم الصحافة الإلكترونية، التي يحتاج المتلقي فيها إلى خدمة إخبارية على مدار الساعة وطوال الأسبوع. تغيرت عملية الإنتاج، فتغيرت غرفة الأخبار بالتبعية، من مكاتب مغلقة على صحافييها، إلى صالة تحرير مفتوحة تضم الجميع، من المحرر المبتدئ إلى رئيس التحرير.

لم يعد رئيس التحرير يجلس في مكتب مغلق، بل بين جنوده، ومع مساعديه، في قلب غرفة الأخبار. هو الآن يتحدث، ويناقش، كما كان يفعل في غرف الأخبار القديمة، لكنه ينظر من وقت لآخر إلى شاشة الكمبيوتر، متابعا “جوجل أناليتكس”.

لكن تحليلات جوجل، وحدها، لا تكفي، إذ يتعين على رئيس التحرير أن يتابع “جوجل تريندز” أيضا، وهو تطبيق يتيح له أن يعرف أكثر الأخبار والفيديوهات التي يقبل المتلقون على متابعتها في هذه اللحظة، ما يسمح له بركوب موجة القراء سريعا وإنتاج محتوى يناسب أمزجتهم المتنوعة.

بإمكانك، الآن، كرئيس تحرير، أن تعرف كل ما تريد عن قرائك، وأن تنتج لهم كل ما يريدون، لتبقى، ولتبقى مؤسستك الصحافية على قيد الحياة.

نرشح لك

بالفيديو : أحمد الطيب يعود على هذه القناة

التفاصيل المتوقعة لنهاية مسلسل “الأسطورة”

القائمة الكاملة لنجوم مهرجان إعلام.أورج – رمضان 2016

شارك واختار .. من الممثلة الشابة الأكثر جاذبية في رمضان 2016؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن