مينا فريد يكتب: فيلا للبيع بكومباوند يوتوبيا (كلام في الكنافة 6)

(1)
يوتوبيا

“كلمة مشتقة من لفظ يوناني هو توبوس معناه ” لا مكان ” أول من استخدم هذا التعبير هو توماس مور قبل خمس قرون عام تقريباً (1516) كان مور قد ألف كتاب باسم يوتوبيا صور فيه دولة مثالية يتحقق فيها الخير و السعادة و الرفاهية للناس و بدون شرور و بعدها أصبحت الكلمة تستخدم لوصف كل عمل أدبي أو فلسفي بخصوص المدينة الفاضلة”.

(2)

في العام الثامن بعد بداية الألفية الجديدة طرح أحمد خالد توفيق رواية يوتوبيا تدور أحداثها عام 2023 في مصر.. بعد أن تحولت مصر إلى طبقتين.. الأولى تعيش في كومباوندات فارهة تسمى يوتوبيا يحرسها منظومة أمنية من الأجانب و الأخرى تعيش كما هي في مصر التي نعرفها بعد أن تحولت لعشوائيات و يتقاتل أهلها من أجل أي شئ حتى أمعاد الدجاج الفاسدة لمجرد الحياة.

(3)

قابل إعلان ” بابا مات بس للأسف سابلنا فيلا بجنينة واحدة ” و غيره من إعلانات الكومباوندات الفارهة ردود أفعال سلبية من مختلف الطبقات… و الحقيقة أن كل من غضب من الإعلان لا يقصد الإعلان أن يحادثه أصلا… والحقيقة أيضا أن كل غضب من الإعلان صاحبه دعاية إيجابية عن تميز الفئات التي تشتري في هذا المجمع السكني الجديد…
ببساطة سنبدأ القصة من البداية…

ما هو الإعلان ؟

الإعلان هو وسيلة لتعريف المستهلك بسلعة أو خدمة جديدة .. حتى يتحقق الطلب على المنتج فتزيد المبيعات.. و هذا عن طريق خلق شهوة الشراء بتلميع المميزات…

ثمن الدعاية يوضع على ثمن المنتج الأصلي و يتم حساب هامش الربح بعدها…

(4)

هل يجوز أن تعرض هذه الإعلانات في مجتمع فقير ؟

طبعا يجوز لأسباب عديدة… أولا تعريفك لمجتمعنا بالمجتمع الفقير هكذا في المطلق تعريف خاطئ.. هو مجتمع يحمل قدر كبير من تفاوت توزيع الثروة… المجتمع الفقير كمثال حقق ثورة إقتصادية شرائية عند طرح أسهم قناة السويس بمليارات في ساعات معدودة… المجتمع الفقير من أهم دول الشرق الأوسط في الإستثمار العقاري و من أهم الأسواق في شراء السيارات الكورية و اليابانية… المجتمع الفقير .. أطلق عليه فقير لأن الأغلبية فقراء… الحقيقة أن لو نسبة الأغنياء في مصر 5 % فقط فهم يمثلون قرابة الخمسة مليون صاحب قدرة شرائية…
خمسة مليون غني على الأقل في مصر مما يعني قدرة شرائية تفوق عشرات الدول ذات الكثافة السكانية المنخفضة…
فإعلانات الشاليهات و الفيلات و القصور مقبولة جدا لأن لكل إعلان قطاع يستهدفه.

(5)

بيوتهم غير بيوتنا … أحلامهم غير أحلامنا … متعهم غير متعنا ..جرائدهم غير جرائدنا .. إعلامهم غير إعلامنا …إعلاناتهم غير إعلاناتنا ..” هكذا تكوّن مجتمعان إحدهما يملك كل شيء والأخر لا يملك أي شيء”
(رواية يوتوبيا ص107).

(6)

و لكنه إستفزاز كيف يتبع هذه الإعلانات إعلان للتبرع للغارمات المحبوسات من أجل ألف جنيه مثلا؟

هذه هي قواعد الأنظمة الرأسمالية.. هناك فقراء … و هناك أغنياء.. هناك طبقات.. هناك سوق مفتوح يحكمه العرض و الطلب …كما أن الإستفزاز نسبي.. بمعنى.. أنك من الممكن أن تشتري قميص من محل في مول بمبلغ 200 جنيه.. و هو مناسب لك و لدخلك… في نفس المول هناك قميص ب ألف جنيه قد تراه سعر مستفز “على حتة قميص” … هل تعلم هناك من يرى أن ما إشتريته ب 200 جنيه سعر مستفز أيضا ؟

تختلف المكاييل بمقدرة اليد على حملها.. لكل منّا مكياله الخاص.

مايزيد من قلقنا بخصوص هذه الإعلانات ليس إستفزازها و لا لأنها خرافية.. ببساطة لأنه لا يوجد من هو بالغباء الكبير الذي يدفع الملايين للدعاية و هو غير متأكد من نجاحه في بيع منتجه , مايزيد من قلقنا هو دعوات البعض أن تعرض هذه الإعلانات بصورة منفصلة..

(7)

دستوبيا

هي عكس يوتوبيا.. مجتمع مخيف خبيث خالي من الفضائل.. ملئ بالكوارث و الصراعات و الشر

(8)

لماذا الربط بين الإعلانات و الرواية.. هل لك ميول شيوعية ؟

بالعكس …ولكن الفجوة تزداد… علنا أصبحت الدعاية تعتمد على تسويق خطر و خطر جدا ” أن تعيش مع من هم شبهك” .. ” أن تبتعد عن العشوائية”.. ” ألا تتعامل مع الغوغاء محتلي أماكن إنتظار السيارات…و مخالفي القواعد المرورية”…” الشهوانيين الذين قد يأكلوك بنظراتهم”.. ” أن تشعر بالأمان” … و غيرها من طرق التسويق المشروعة و الحقيقية…

لا تلوموا الإعلانات و لا تلوموا من يريد الأفضل له و لأهله… طالما شريفا مجتهدا .. كلنا نبحث عن التميز و كلنا نبحث لنا و لمن نحب عن الأفضل..

قبل أن تطالبوا بعزل هذه الإعلانات عنكم حتى لا ترى الحقيقة التي نسير نحوها … لوموا عدم إحترام القانون.. لوموا من يعيشون في دستوبياتهم و لو بنسبة قليلة من الشر و البلطجة.. لوموا من حوّلوا كل جميل لردئ …

زيادة الفجوة ليست في صالح أحد..

أؤمن بالرأسمالية و أؤمن بحرية رأس المال و أؤمن بالسوق المفتوح.. و أؤمن أكثر بالقانون الذي يمكن تطبيقه أن يحقق يوتوبيا.. الحقيقية

نرشح لك

مينا فريد يكتب: مزازيك رمضانية (2) (كلام في الكنافة 5)

القائمة الكاملة لنجوم مهرجان إعلام.أورج – رمضان 2016

داعية إسلامية تعنف متصلة: دا تهريج!

شارك واختار .. ما هو “أسوأ” مسلسل في رمضان 2016 ؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن