إبراهيم عيسى يكتب: لماذا لا يُعيِّن السيسي ياسر برهامي رئيسًا للحكومة؟

نقلًا عن “المقال”

كلنا نعرف أن المهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة، اسم على مسمى، شريف فعلاً ورجل وطنى مخلص، ولكن الأكثر وضوحًا وبروزًا فى ميزاته أنه رجل مطيع جدًّا ومنكر للذات، حتى إن مسؤولى الدولة ينسون كتابة اسمه أصلاً على رخامات افتتاحات المشروعات الحكومية، والرجل لا يغضب ولا يزعل، ومن البيت للشغل ومن الشغل للبيت فى منتهى الدعة والطيبة والاحترام، حتى إنه لا يعرف حتى الآن لماذا قرر الرئيس السيسي تعيينه رئيسًا للوزراء، ولم يسأله من باب الفضول ولا من باب معرفة الصفات التى أعجبت الرئيس فيه!

وفى المحصلة فحكومته شأن كل حكومات العهد المباركى حكومات سكرتارية للرئيس ولا تملك أن تفكر أصلاً فى كونها شريكًا فى وضع السياسة العامة مع الرئيس (كما ينص الدستور) بل هم مجموعة سكرتارية منحنية أدبًا وتهذبًا (وبعضهم نفاقًا طبعًا) لكل ما يأمر به الرئيس، خصوصًا أن الرئيس يمارس دور رئيس الحكومة الفعلى ولا يتوقف عن استدعاء الوزراء فرادى ودون حضور شريف إسماعيل لتكليفهم بمهام ومتابعة تنفيذ تعليماته.

كذلك فإن حكومة شريف إسماعيل شديدة الأدب والتهذيب شأنها شأن كل حكومات مصر السابقة تخضع لأوامر ونواهى وزواجر الأجهزة الأمنية، وتبدو الحقيقة الساطعة أن أى ضابط أمن وطنى قادر على تعطيل قرارات أى وزير والتدخل فيها بإلغائها أو تعديلها كما يشاء ويحلو له، فلا يوجد وزير قادر خمس دقائق على بعض على الصمود أمام التعليمات الأمنية الصادرة من الضابط المسؤول عن وزارته، فجملة الاعتبارات الأمنية هى مفتاح اتخاذ القرار الوزارى فى مصر، سواء من تعيين مسؤولين ومديرين حتى إصدار قرارات تخص أعمال الوزارة، فالجهاز الأمنى هو الذى يقول لوزير التعليم العالى لا تصدِّق على انتخابات اتحاد الطلبة، وهو الذى يقول لوزير التعليم غير العالى لا تلغِ الامتحانات، وهو الذى يقول (طبعًا «يقول» كلمة مخففة للكلمة الأصلية «يأمر») وهو الذى يقول لـ«التضامن» لا توافقى على هذه الجمعية، وهو الذى يقول لوزير الرى هذا ملح أُجاج وهذا عذب فرات، وهو الذى قال أول من أمس لوزارة العدل ارفضى إلغاء مادة ازدراء الأديان.

وبالمناسبة هذه فعلاً هى عقيدة أجهزة الأمن فى مصر، فهى سلفية يقينًا ولا تؤمن لا بحرية الرأى ولا التعبير ولا الكلام الفارغ ده كله، ولا تحترم الدستور بمثقال حبة من خردل، وبالنسبة إليها فياسر برهامي بما يقول هو ومحمد حسان أقرب إليها من كل ما يقوله أى مفكر أو باحث إسلامى، ثم إن الدولة متحالفة مع السلفيين وتراهم نصيرها الرئيسى وخزينها للملمات وتعتمد عليهم كتيار داعم للرئيس فى مواجهة الإخوان (وذلك حتى يتم توقيع صفقة المصالحة النهائية مع الإخوان قريبًا)، وفى التصدِّى لهذه النخبة الرخمة من الأفندية الأراذل الذين لا يقدسون الرئيس بل ويجرؤون على الاختلاف معه هم و2000 عيل بتوع «تيران» و«صنافير».

ومن ثَمَّ فإن شريف إسماعيل لا يملك إلا أن ينحنى من ضمن انحناءاته اليومية العديدة لقرار الأمن الوطنى وتطلب حكومته من البرلمان (الذى لا تبعد عنه أذرع الأمن الوطنى أيضًا) عدم إلغاء مادة ازدراء الأديان، لم يفكروا حتى أن يبقوا على المادة ويلغوا الحبس فيها تطبيقًا للدستور، لا، بل إمعانًا فى رضا ياسر برهامى وشركاه، فإنهم مستعدون للاعتداء على الدستور مقابل شفاء صدور السلفيين من الغل ضد المبدعين والمفكرين!

ولهذا فالرئيس السيسى لن يغيِّر من الوضع كثيرًا لو قرر أن يعيِّن ياسر برهامى رئيسًا للحكومة، فلن يجد منه إلا نسخة طويلة اللحية من شريف إسماعيل!

نرشح لك

إبراهيم عيسى يكتب: لكن الإرهابيين لا يموتون!

بالساعة والدقيقة.. مواعيد مسلسلات رمضان 2016

شارك واختار أي من هذه البرامج أو المسلسلات تتابعها وقت الإفطار؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن