محمد أحمد حسن يكتب: يا صناع الدراما الرمضانية ..بزياداكوا كده

أسابيع قليلة وينطلق ماراثون الدراما الرمضاني واسمحوا لي أن أستغل هذه المناسبة لإثارة قضية قد يراها البعض تافهة أو قليلة القيمة ولكنها من وجهة نظري قضية هامة وهي قضية تورط الدراما المصرية في فخ القولبة والتنميط لقطاعات عديدة من المجتمع المصري وإظهار سكان المحافظات البعيدة عن القاهرة وكأن المدنية قد ضلت طريقها إليهم وكأن سكان القاهرة هم فقط الذين يعيشون حياة عصرية، مما يخلق صورة ذهنية مضللة عن سكان المحافظات والأقاليم الأخرى.

ولعل أبرز مثال على التنميط  والقولبة هي تلك المسلسلات والأفلام التي تتناول مجتمع صعيد مصر والتي تظهر الصعايدة إما بوصفهم سذجا بُلهاء، أو مجموعة من الهمج لا يتحاورون إلا بالبنادق والرصاص، أو أشخاصا يتميزون بالعناد و(نُشوفية الراس اللي كيف الحجر)، أو أن المتعة الوحيدة لأطفال الصعيد هي نزول الترعة.

ترونني متجنيا أو مبالغا أو أعطى الموضوع أكبر من حجمه؟! لا بأس سأحكي لكم حكايتين؛ الأولى عايشتها بنفسي، والثانية حكتها لي إحدى قريباتي.

القصة الأولى حدثت في مستشفى قصر العيني الفرنساوي بالقاهرة، حيث قضيت أيامى الأولى هناك في رحلة العلاج من إحدى أمراض الدم منذ تسع سنوات، حيث سألتني الطبيبة التي كانت تقوم بفحصي: “هو إنت بتنزل الترعة؟”، وهنا شعرت بالصدمة والدهشة من هذا السؤال فأنا لم أكن أرتدى -أنا أو أحد من أهلى- ملابس سكان الأرياف، بل كنا نرتدي ملابس عصرية مثلنا مثل سكان القاهرة، وصحيح أننى من سكان مدينة المنيا ولكنني لا أعطش الجيم كما يفعل صعايدة الأرياف –الذين أكن لهم كل احترام وتقدير، ولي أصدقاء من أصول ريفية- و أتحدث كما يتحدث سكان القاهرة بالضبط ولم أنزل يوما إلى الترعة في حياتي.

القصة الثانية  حدثت في إحدى نوادي مدينة المنيا حيث تبادلت قريبتي أطراف الحديث مع فتاة قاهرية اضطرت أسرتها للذهاب إلى المنيا بسبب ظروف عمل رب الأسرة في المنيا حيث قالت الفتاة إنها كانت متخوفة من الذهاب إلى المنيا بسبب ما تراه في المسلسلات من ثأر ودماء وعنف، إلا أنها اكتشفت أن مدينة المنيا مدينة عادية مثلها مثل القاهرة.

كُلّا من الطبيبة والفتاة معذورتان، فقد قاموا باستقاء الصورة الذهنية عن الصعايدة من تلك المسلسلات التي ظلمت الصعايدة وأظهرتهم بمظهر المتخلفين عن ركب الحضارة، وحتى كتاب السيناريو المنتمون إلى الصعيد وقعوا في فخ التنميط والقولبة، وقاموا بكتابة مسلسلات ترسخ تلك الصورة الذهنية الخاطئة عن أهل الصعيد  ولذلك أتوجه برسالة إلى صناع الدراما الرمضانية باللهجة الصعيدية الريفية: بزياداكوا (كفى) تنميط، بزياداكوا بهدلة وقلة قيمة وقولبة.