فاطمة خير تكتب: إعلام مقاولي الأنفار

كل من يعمل بالإعلام ،يعرف جيداً أن التحديات التي تواجه هذهِ المهنة هي أعمق من مجرد النظر إلى الأزمات الحالية في سوق العمل، وأن العقبات التي تقف أمام ممارسيها في سبيل الحصول على فرصة عمل مناسبة، أو حتى مجرد فرصة لا أكثر؛ لهي مجرد رأس جبل الجليد، أما من لا يدرك ذلك فهو محظوظ بالضرورة حيث أنه لا يعاني من القلق الذي لا بد وأن يعتري أي مخلص لمهنته حين تقف أمام محك صعب،فما بالنا إذا كان المحك هنا هو “البقاء”، وبرغم إحساسي بالحقد على الممارسين غير المهتمين بأمراض المهنة،حيث “لا صداع ولا وجع راس” ؛إلا أنني موقنة بأن مهنة تعنى بالفكر ( إلى جانب التسلية) و تحتاج ممارستها إلى الرؤية ،فإن مآلها في النهاية للعقول القادرة على التكيف والتطور ، أما الدخلاء فمصيرهم إلى خارج السوق مهما طال الوقت.

بطبيعة الحال،فإن التطورات المتسارعة بأعظم ما تكون في عالم التكنولوجيا،تترك أثراً يحتاج استيعابه إلى مهارات فريدة، تحديداً على المجال الإعلامي، حتى أن التحديات أمام الإعلاميين أصبحت ذاتها تقريباً في كل بقاع الأرض! ، تحديات تتمحور حول “الهوية” : من نحن؟ ما الدور المهني المطلوب منا ؟ ما الأدوات المهنية التي نحتاجها ؟ ما العقبات القانونية التي علينا إزالتها ؟ ما الفرق بين الإعلامي المحترف والمواطن الإعلامي ؟ ، وغيرها أسئلة تطرحها عجلة الحياة يوماً بيوم ودولاب العمل الإعلامي في كل بقعة من بقاع الأرض، وهذا في حد ذاته شىء مدهش للغاية، لمن لم يفقد قدرته على الاندهاش بعد !،تصور أنك تعمل في مهنة يعاني ممارسيها من التحديات نفسها تقريباً في كل العالم ..بالنسبة لي هذا أمر مدهش!.

هل تدركون زملائي الأعزاء، أن الإعلاميين في العالم كله:ممارسي الصحافة بأنواعها (المقروءة المطبوعة والإليكترونية ،المسموعة ،المرئية ) ومنتجي الفيديو بأنواعه، مقدمي البرامج وصانعوها،كل هؤلاء يتجادلون عبر منصات متعددة ،باحثين عن أجوبة لأسئلة صارت تطرح نفسها ، تبدأ بما هو الجديد؟ ولا تنتهي هل يجب علينا الاستمرار في المهنة أم تركها؟ ، نحن وحدنا في هذه المنطقة البائسة من العالم ،الذين تتمحور أسئلتنا حول محل “السبوبة” القادمة! ، ذلك أننا ننظر تحت أقدامنا فحسب ، نمارس البحث عن الخلاص الفردي في صورته البدائية جداً ! ، غير مدركين أننا بهذا السلوك”غير العاقل” نمارس الانتحار الجماعي ، طال الزمن أم قصر .

زملائي الأعزاء.. الزمن بيتطور جداً ،آه والله ، المهنة تركض بجنون بسرعات قياس لا تشبه تلك التي نشأنا عليها، “الإعلام” صار يواجه تحدياً جديداً من نوعه وهو : رسم معالم الهوية ، أما نحن فلنا الله إذا أخلصنا البحث عن مبرر لوجودنا ،عن ممارستنا لمهنة صعبة بمعنى الكلمة، الثمن الذي ندفعه لممارستها أكبر من أي عائد اللهم إلا التحقق المهني والسعادة والإيمان بأفكار لا تجد سبيلها سوى عبر آلة الإعلام، أما إذا تقاعسنا عن حمايتها من الدخلاء والمستغلين ومن الجهلة ومن استهتار أنفسنا بها في لحظات الضعف وضغوط الحياة،فالنهاية قادمة لا محالة، والبحث عن مهنة أخرى هو ضرورة حتمية،فحينها لن يكون الخيار لنا، السوق سيلفظ كوادرنا إن آجلاً أو عاجلاً، أعزائي..العالم لا يبحث عنا ولا يحتاج إلينا ، لقد تطورت أدواته لأبعد من حدود تصورنا.

اقـرأ أيضـاً:

فاطمة خير تكتب : إعلامى على ما تفرج

فاطمة خير تكتب: أقول .. ما أقولش عن الطوفان

فاطمة خير تكتب: إعلام بكرة.. وسوق ضبابية   

فاطمة خير تكتب: إلى الإعلام المصري ..إنتى جاية اشتغلي إيه؟

فاطمة خير: إعلام الشبر مية.. إلى متى؟

فاطمة خير: أنا ماسبيرو .. إنت مين؟

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا