رائد عزاز
في أول ديسمبر عام 1988، أقيمت مباراة اعتزال اللاعب محمود الخطيب، والتي حضرها أكثر من 80 ألف متفرج هتفوا له جميعًا بصوت هادر حزين: "لا بيبو لا، لا ملكش حق". واليوم، وبعد مرور 37 عامًا، يُعلن الكابتن القدير عن تقاعده وعدم نيته في الترشح مجددًا لرئاسة النادي الأهلي خلال الانتخابات المقبلة، ومن المتوقع أن يتكرر السيناريو ذاته للرفض الجماهيري الجامح، لكن هذه المرة سيكون على صفحات التواصل الاجتماعي، وكل وسائل الإعلام بدلًا من مدرجات الملعب.
المؤيدون لرغبة الخطيب في الابتعاد بعد مشوار استمر 50 عامًا لاعبًا وإداريًا، يرون أن الأوان قد حان لاستراحة البطل المحارب في ميادين الرياضة، وتسليم الراية الحمراء الخفاقة عاليًا لمن بعده، استجابةً للتقارير الطبية التي تؤكد أن استمراره في بذل جهد كبير خلال عمله التطوعي يُمثل خطرًا حقيقيًا على حياته. أما الرافضون لقراره فيعتقدون أنه من الممكن أن يظل في الإدارة لسنوات قادمة بأفكاره ورؤيته دون أن يكون مُلزمًا بالتواجد خلال الاجتماعات والفعاليات، تمامًا مثل الراحل صالح سليم الذي استمر في قيادة مجلس إدارة القلعة الحمراء رغم مرضه الشديد وإقامته شبه الدائمة في لندن، دون أن تتأثر المنظومة التي تعودت أن تدار بطريقة مؤسسية وليست فردية.
الحقيقة أن تمسك الجماهير الشديد بضرورة استمرارية تواجد الكابتن في صدارة المشهد الأهلاوي الرسمي، يرجع أولًا إلى تعلقهم الكبير بهذا الإنسان الخلوق الذي استجابت السماء لدعاء والدته: "ربنا يحبب فيك خلقه"، فتحول اسمه بين الناس من "محمود" إلى "محبوب". أما السبب الثاني فيرجع إلى تاريخه المجيد في خدمة النادي العتيد الذي تشهد ملاعبه وجدرانه على موهبته الفذة لاعبًا، وتفانيه الخالص إداريًا ثم رئيسًا، حيث تحققت خلال عهده إنجازات هائلة على مستوي الإنشاءات؛ أبرزها إضافة فرعين جديدين.
كذلك نتائج الفرق الرياضية المتنوعة التي استحوذت على معظم الألقاب المحلية والقارية، وقفزت إلى مصاف المنافسات العالمية التي جعلت من اسم "الأهلي" علامة تجارية مميزة يتهافت عليها الرعاة المصريون والأجانب، الذين يتبارون في دفع المبالغ الطائلة للاقتران بها، وهو ما يُمثل طفرة هائلة في موارد النادي ستساعده على التقدم والتطور أكثر و أكثر. نعم، خلال فترة رئاسته كانت هناك قرارات تنظيمية وتعاقدات فنية وتعيينات إدارية لم تثبت نجاحها، وكبدت النادي خسائر مادية ومعنوية، وسببت صدامات قوية لكنها بالحسابات الرقمية لا تمثل سوي نسبة ضئيلة أمام حجم النجاحات الهائلة التي تمنح لمجلس الإدارة الحالي تقدير "امتياز" طبقًا لكل الآراء المحايدة في الداخل والخارج.
أحباب "الخطيب" سيغنون له الآن هذا المقطع من رائعة أم كلثوم: "ابقَ فأنت حبيب الشعب"، لكنه سيرد عليهم بأبيات من أنشودة فيروز: "أنا صار لازم ودعكن، بكرة برجع بوقف معكن، أنتوا احكوني وأنا بسمعكن، حتى لو الصوت بعيد". أما أنا، فسأرسل له هذه الكلمات التي أبدعها عبد المطلب: "حبيتك وبحبك وهحبك على طول".
نرشح لك: "ستاند باي Ai" ضمن أفضل ثلاث مبادرات شبابية عربية في جائزة الشارقة للاتصال الحكومي 2025