القصة الكاملة لأزمة حي الفنانين في مدينة "هرم سيتي"

أطلق عشرات الفنانين التشكيليين المقيمين في حي الفنانين بمنطقة هرم سيتي بطريق الواحات استغاثة بعد إنذار وجهته لهم شركة "أوراسكوم للإسكان التعاوني" بإخلاء مراسمهم التي مضى 15 عاما على تأسيسها، وتضم حوالي 100 فنان وفنانة، كان قد تم الاتفاق على منحهم هذه المساحة بالتعاون بين "أوراسكوم" المملوكة لرجل الأعمال سميح ساويرس وبين وزارة الثقافة متمثلة في قطاع الفنون التشكيلية.

الحي الذي أصبح واقعا ومركزا منيرا للفن والإبداع، يعاني الآن من مصير مجهول بسبب تغير الإدارات بمدينة هرم سيتي وتنامي رغبة استغلال المراسم أو موقعها بشكل استثماري حيث توقفوا عن تحصيل المقابل المادي المتفق عليه مسبقا من الفنانين، وتوالت المضايقات لإجبارهم على الرحيل.


تواصل إعلام دوت كوم مع الفنان التشكيلي أحمد مجدي أحد الفنانين التشكيليين الذي يمتلك مرسم بمدينة الفنانين لمعرفة تفاصيل أكثر عن الأزمة، والذي أوضح أن شركة أوراسكوم متمثلة في المهندس سميح ساويرس تواصلت عام 2008 مع وزارة الثقافة من أجل مشروع للشباب للإسكان المتوسط وهي مدينة "هرم سيتي"، وأبلغه بوجود فكرة حول بناء حي للفنانين، تلك المباني يبلغ مساحتها نحو 36 مترا، وبُنيت بالحجر الجيري ومكونة من دور واحد وحمام ومطبخ وطرقات بينهما.


لفت إلى أنهم وضعوا وقتها بروتوكولا وبناء عليه دعت وزارة الثقافة الفنانين الذين يرغبون في مرسم أن يأتوا للمدينة مقابل دفع رسوم للخدمات وكان وقتها مبلغا زهيدا نحو 50 جنيها في الشهر. موضحا أن الفنانين ليسوا مستأجرين، فقط يدفعون خدمات كالمياه والكهرباء، والشركة مضت معهم عقود روتينية لمدة عامين وتُجدد من تلقاء نفسها، وجرى الأمر على ذلك الوضع لسنوات.

تابع أن الفنانين استلموا مراسهم وبدأوا في تعميرها على مدار سنوات، واستمروا في دفع رسوم الخدمات حتى وصلت قيمة أقصى رسوم دفعوها نحو 300 جنيها، دون أدنى مشكلة نحوها، خاصة في ظل عدم وجود عقود إلا العقد الذي يُجدد من تلقاء نفسه وكُتب عند الاستلام.


نرشح لك: خصم بسبب "بطن" مديرها.. القصة الكاملة لتريند موظفة شركة "جمال تك"

*بداية الأزمة *

منذ 5 سنوات ظهرت شركة جديدة باسم "نيو سيتي" بعضو منتدب جديد، ستدير المدينة وأخبرونا أن نعتبرها جزءا من أوراسكوم، وطالبوا وقتها بتقنين أوضاعنا، وبيع المراسم لنا. لافتا إلى أن بعض الفنانين رفضوا الفكرة خاصة أنها ليست مشروعا تجاريا ولم تقم على هذا الأساس منذ بداية الاتفاق معهم، وبعض الفنانين بلغ عددهم نحو 34 فنانا، اشتروا مراسمهم بمبلغ وصل ل 120 ألف جنيها، بالإضافة إلى 10 آلاف جنيها خدمات صيانة. مضيفا: "لو تم احتساب الأمى فستكون قيمة الأموال التي دفعها الفنانين الذين اشتروا هي نفسها قيمة المرسم وقت بداية المشروع.. فكيف تطالبنا بالإخلاء!".


تفاقم أزمة حي الفنانين

لفت إلى أن الشركة فيما بعد رفضت تحصيل قيمة الخدمات التي كانت تحصلها شهريا، رغم محاولة تواصلهم معها باستمرار. مشيرا إلى أنهم فوجئوا بتلقي إنذارات بالطرد من أسبوعين.

أضاف أحمد مجدي أحد فناني حي الفنانين بالمدينة، أنهم علموا بأن الشركة اتجهت لرفع دعاوى قضائية بالطرد على الفنانين. متابعا: "السؤال الآن أين المهندس سميح ساويرس مما يحدث؟! فهو من بدأ المشروع ولم يحدد مدة زمنية له".


نوه إلى أنه خريج كلية التربية النوعية قسم الفنون جامعة أسيوط، وبناء على ذلك المشروع جاء للقاهرة وعاش بها، حتى أنه اشترى شقته السكنية داخل المدينة ويعيش فيها مع أسرته منذ سنوات. مضيفا أنه وغيره فعلوا نفس الأمر، والبعض لا يعيش في المدينة. مردفا: "فالمراسم هي جزء منا، وبعضنا رتب حياته بالأساس على وجودها.. فهل بعد كل تلك السنوات يتم طردنا؟!".

نرشح لك: الأهلي يعاقب قفشة بعد تصريحاته مع إبراهيم فايق

أوضح أنهم حاولوا على مدار كل تلك السنوات التواصل مع المهندس سميح ساويرس لكنهم لم يقابلوه، والرد الذي كان يصلهم أن الموضوع مجرد تقنين للأوضاع ولن يتم طردهم. مضيفا: "لكن فعليا نحن نواجه دعاوى قضائية بالطرد".

تابع "مجدي" أن المسؤولية تقع على الشركة وكذلك الدولة التي اتفقت مع تلك الشركة. مؤكدا على وجود تحايل من الشركة ونية مُبيتة تجاه طرد الفنانين. لافتا إلى أنهم تواصلوا مع محاميين من أجل مواجهة ما يحدث قانونيا، وبالفعل قدموا توكيلات لهؤلاء المحامين في ذلك الشأن.


أكد أن الأرض التي يُقام عليها المشروع هي في الأساس أرض للدولة منحتها لشركة أوراسكوم من أجل بناء مشروع سكني للشباب، وتعود لجهاز حدائق أكتوبر وهيئة المجتمعات العمرانية، لذلك الدولة جزء من ملكية المشروع. موضحا أنهم لم يرتكبوا أي شيء، وحتى فكرة البيع لا يمانعوها ولكن بأسعار منطقية، فالمكان ليس شققا سكنية أو حتى فيلا.


أشار إلى أن سعر الشقة في المنطقة السكنية وقت بدء المشروع، كان يصل نحو 300 ألف جنيه. وشراء نحو 34 فنانا لمراسهم بمبلغ 120 ألف من أصل 105 فنانا يتجاوز سعر الشقة وقتها. مؤكدا على أن الشركة الجديدة تبحث عن كل قطعة أرض لاستغلالها في مشروعات تجارية ومولات تجارية، لافتا إلى أن الشركة هدت بعض الحدائق وكذلك ملعب للأطفال من أجل بناء مولات تجارية، مضيفا: "هي شركة ضد الحياة.. شركة خرسانية تسعى لتحويل كل مبنى لمشروع تجاري، ولا يهمهم القيمة الثقافية".


اختتم الفنان التشكيلي أحمد مجدي: "نحن الآن مهددون بطردنا في الشارع بأدواتنا ومراسمنا". لافتا إلى أن الفنانين التشكيليين أغلبهم لا يعمل وظيفة ثابتة، فما يملكه هو مرسم الذي يتكسب منه ويحصل على مصدر رزق، مؤكدا على أنهم لا يملكون رفاهية وجود بديل للمكان، خاصة أنه لا يتحمل الفنان وأدواته سوى فنان آخر.

أوضح أن فكرة بيع المراسم للفنانين ينبع رفضها داخلهم، لأنها ستدمر الفكرة نفسها وهي وجود "حي للفنانين"، ويمكن لأي شخص امتلك الأرض أن يبيعها أو يستأجرها لأي مواطن آخر فيصبح الفنان مهددا بمصدر رزقه.


كان 27 من الفنانين وقعوا على رسالة استغاثة موجهة لشركة "أوراسكوم" ومكونة من 6 نقاط هي كالآتي:

أولا: الحفاظ على الصياغة الأساسية التي أقيم عليها المشروع الثقافي الفني منذ عام 2008 إلى الوقت الحالي.

ثانيا: تقنين وضع الفنانين بما يتناسب مع مجالاتهم الفنية بطريقة تقسم بالديمومة وعدم وجود تهديدات بالإخلاء من قبل الإدارات المتعاقبة، ويكون ذلك من خلال توثيق المشروع كمراسم واستوديوهات الممارسة الأعمال الفنية في اقرب وقت وليست كوحدات سكنية.

ثالثا: التواصل المباشر والدائم ما بين ممثل لمجلس ادارتكم ومجموعة مختارة تمثل فناني المراسم درءا لسوء الفهم أو اللبس.


رابعا: إمكانية التعاون في مشروعات فنية تفيد المدينة ومشروعات الشركة ذات العوائد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

خامسا: الحفاظ على البيئة الخضراء في المنطقة المواجهة لحي الفنانين والتي خصصت في التخطيط السابق كمكان مفتوح للعرض والفعاليات الفنية وإقامة الورش.


سادسا: أنه لا يجوز إخلاء أو إزالة مراسم الفنانين لما له من أثر تعسفي على المشروع الثقافي المبرم بين المهندس / سميح ساويرس وبين وزارة الثقافة متمثلة في قطاع الفنون التشكيلية وأكاديمية الفنون والذي دعمه الفنانين على مدار 15 عاما وأكثر بكل ما استطاعوا من وقت وجهد ومال لضمان استمراره كمركز إشعاع فني و ثقافي.


نرشح لك: ملخص تصريحات قفشة المثيرة للجدل