مي سعيد تكتب: نخبة العنكبوت

فى بلادى يشعر الناس بالعوز وهم مصابين بأمراض مزمنة من ضيق المعيشة والفقر وسوء المزاج بالإضافة إلى أنهم يعانون من تصلب حاد فى شرايين الرغبة والعمل  والحياة والحب والضحك.

وبناء عليه فالناس فى مثل هذه الأحوال الإجتماعية و الإقتصادية والنفسية قطعة صلصال نيئة لم تنضج بعد فى إنتظار من يأتى ليشكلها، هم قلب عليل فى حاجة لمن يجرى له عملية قلب مفتوح ليستبدل الشرايين الفاسدة بأخرى تنبض بالحياه.

خاصة أن هذا الشعب لا يعرف  بالتحديد لماذا هو فقير؟ لماذا هو مهان؟ لماذا يعانى ضنك العيش وهو لا يعرف كيف يواجه هذا الفقر والضيق وموت الرغبة وسوء المزاج،  هو فى حاجة ملحة وعاجلة لنخبة تشبه أجنحة الفراش الملون الرقيق لترفع عنه الهم و تنير أمامه الطرق الوعرة المظلمة، فإذا به يحظى بنخبة تشبه أنثى العنكبوت على وشك أن تقتله بدم بارد أو ربما أنثى البطريق التى قررت أن تتركه حاملًا البيض لحمايته وتنطلق هى لتلهو و تلعب.

فالمريض الذى يشكو آلامه للطبيب ينتظر من هذا الطبيب أن يوصف له العلاج و يخفف عنه الألم.

فبدلًا من إقتراح الحلول وتوفير الراحات وطمأنة القلوب العليلة، نجد نخبة تعتلى المنابر الإعلامية تطل علينا من الشاشات ليست أكثر من صدى صوت أجوف لكل آلام هذا الشعب لتزيده إيلامًا بعد إيلامًا.

تمضى تلك النخبة باحثة عن الشهرة المجردة من أى مبدأ، تمضى لاهثة خلف لقمة عيش عفنة تلوكها دون أن تدرى أنها لا تسمن و لا تغنى من جوع.

و كأنهم مجرد سرب من البغبغاوات يرددون ما يقول الناس على المصاطب و المقاهى وفوق الأرصفة وفى جلسات النسوة، لكن السؤال ما حاجة الناس بصدى هزيل لأصواتهم المكتومة؟

لذلك عليهم أن يعلموا أنهم ما إذا إختاروا أن يكونوا مع الناس فعليهم أن يسمعوا وينصتوا إلى قلوب الناس قبل مشاكلهم  لأن الخطاب الديماجوجى ما هو إلا مشاعر وأحاسيس ممتزجة ومعجونة بالخيال المحمل بالإنطباعات التى ينتج عنها طرح الأسئلة ثم الحلول.

فعليهم أن يطرحوا عنهم ما يحملون من أيدولوجيات وأن يمتزجوا بهذا الشعب ويرشدوه بدلاً من الدوران اللانهائى فى دوائر ألمه ومعاناته.