بسام سرحان: "مسار إجباري" حدوتة بطلها يشبهك

بطل يشبهك

أهم ما يميز العمل أن أبطاله "عاديون" وجدوا أنفسهم يواجهون قوة جبارة فأصبحوا في "مسار إجباري" سويا فلا يوجد في صفاتهم وصفة البطل الشعبي الذي يملأ المسلسلات لنجاحها المضمون، ففي قصتنا هنا نشاهد ناس يشبهوننا يتم توريطهم بغير قصد بدفع ثمن غلطة أبيهم "أن تدفع ثمن لحظة شهوة أو عاطفة أبيك".

تباين شخصية "علي" و"حسين" جعلت بينهما كيمياء تخدم الحدوتة في مواجهة الشر الذين يواجهونه، وأدى إلى متعة للمتفرج ليشاهد شخصان عاديين تماما يشبهونه سواء كان من بيئة متوسطة أو بيئة شعبية يواجه الشر.

استخدام المخرج أدواته لخلق أجواء الإثارة

من مميزات العمل أيضا هو إتباع قاعدة "هيتشكوك" في خلق الإثارة بمعرفة المشاهدين الخطر الذي يعتري الأبطال والأبطال لا يعرفون فيجعل هذا المُشاهد مرتبكاً وخائفا على الأبطال ربما اهتزت هذه القاعدة في بعض الحلقات ولكنه عاد مرة أخري ما بعد الحلقة الثانية عشر بشكل جيد من الممتع ايضا هو الصورة الحية التي تُرجمت بالتصوير في وسط العاصمة وكذلك فواصل اللقطات بأحوال العوام والصنايعية "الناس العادية" في المدينة.

كذلك حركة الكاميرا "dolly zoom” التي تبين مدى تأثر المخرجة "نادين خان" ب"هيتشكوك" خصوصا في مشاهد رشدي الشامي "مجدي حشيش" وكأنها تريدنا أن نسبح في عقله الممتلئ بالفلاسفة والشر.

ما دافع الأبطال لملاحقة الأشرار وما دافع المشاهد لتكملة للمشاهدة؟

ربما يتوه المشاهد بعد أول عشر حلقات من المسلسل لإتمام الأبطال الهدف المعلن من البداية بتبرئة "صفوت مصباح" نور محمود والحفاظ على سمعة أبيهم "عمر البرنس" محمود البزاوي ويبدأ المُشاهد في التساؤل عن هدف الابطال لمعرفة القاتل الحقيقي لشخصية "حبيبة" ففي البداية تم توريطهم عن طريق ابوهم قبل أن يُقتل ولكن بعد تحقيق المراد ما الدافع؟

وبالنظر إلى أهم عنصر في كتابة السيناريو "الشخصية" سنجد الإجابة فشخصية عصام عمر "علي" تعتبر أهم محور للأحداث، "علي" التائه العالق في كليته للهروب من واقعه الذي لا يحب من أب يوجد بينه وبينه حاجز وأم تفتعل المشاكل مع أخته الصغيرة الفنانة المتميزة "ياسمينا العبد" وأخ صغير يشعر بالمسؤولية تجاهه بسبب عدم وجود الأب دائماً فتراه قبل وفاة الأب مسئول بسبب تقصير الأب والحل في ذهنه هو "المنحة" بوابة الخروج من هذا الحِمل الذي لا يجعله يحقق ما يريده، وبعدما يموت أبيه يظهر له أخ "حسين" أحمد داش يعتقد في البداية أنه ليس في حاجة له على عكس "حسين" الذي أبدى شعور واعتراف بحاجته لأخوه ولكن مع تسارع الأحداث نلاحظ أن "علي" هو من في حاجة لأخيه الذي شاركه المسؤولية التي يخشاها ويريد الهرب منها من البداية ومع ظهور "خديجة" مي الغيطي يتغير حال "علي" ويخرج من منطقة راحته العالق بها ويجد معنى لحياته في مساعدتها في رحلتها هي في معرفة قاتل بنت خالتها "حبيبة" ويكون هذا دافع "علي".

أما "حسين" فحبه لأخيه كافي وتكوين شخصيته التي تتسم بالعاطفة وحمو الدم يحتم عليه معرفة الجاني الذي قتل "حبيبة" وكذلك من قتل أبوه.

وهنا تأتي الاجابة من خلال الشخصيات التي تم كتابتها بعناية

"عصام عمر" موهبة يجب تشجيعها

ما يميز "عصام عمر" في هذا العمل تحديدا أنك تشعر أنك تشاهد شخص حقيقي يسمي "علي" لا تشاهد انفعالات زائدة أو أداء يشعرك بالتمثيل لا يوجد أداء مفتعل ليقول المشاهد "ها هو يمثل بشكل جيد".. فهو يمثل الشخصية كما هي بدون أن يحاول أن يظهر بشكل جيد وهذا ما جعله يؤدي الشخصية بشكل جيد.. وما فعله "عصام عمر" هو تعريف تكنيك التقمص في التمثيل الذي نفذه ببراعة.

الخاتمة الحق ينتصر على الفلسفة

في النهاية بعد أن ضاقت الحلقة على "على" و"حسين" بذكاء "مجدى حشيش" وقال لهم بأن "الخير لا ينتصر في النهاية كما في المسلسلات " انتصر "على" و"حسين" لأنهم يملكون الحق أولا ولاتحادهم ثانيا مدركين قيمة الاخوة في مواجهة الشر وفلاسفته الزائفة.

ونأمل بأن انتصار الخير يكون في الواقع كما في المسلسلات بوصفة "علي" و"حسين" حتى لا نؤكد كلام "مجدى حشيش".

نرشح لك :إيمان سراج الدين تكتب: تقديم ذكي للأفكار الشائكة في صلة رحم