إيمان سراج الدين تكتب: تقديم ذكي للأفكار الشائكة في صلة رحم

بسم الله الرحمن الرحيم

لله - سبحانه وتعالى - ملك السماوات والأرض ومافيهما، ولله الحكمة من كل شيء، يهب لمن يشاء من خلقه إناثًا ويهب لمن يشاء ذكور، ويعطى لمن يشاء الذكر والأنثى ويجعل من يشاء عقيمًا لا مولود له.

لابد أن يرضى الإنسان بقضاء الله، فالمنع والعطاء بيده لحكمة هو وحده الذي يعلمها.

نهاية غير متوقعة ومأساوية لمسلسل صلة رحم، ربما كانت مقصودة ورسالة غير مباشرة لها أكثر من تفسير، ولكن التفسير الأكبر هو ما كتبته سابقًا، فلا يمكن معاندة القدر ولا بد من الرضا بقضاء الله.

"حسام" طبيب تخدير تتعرض زوجته لحادث، بسبب هذا الحادث تفقد جنينها وقدرتها على الإنجاب مرة أخرى، ورغم ذلك يستمر في البحث عن كيفية تنفيذ حلمه بإنجاب طفل، ضميره يحاسبه فيصبح أكثر إصرارًا على الإنجاب مهما كلفه الأمر، لذلك يبدأ بمخالفة مبادئه.

لا يوجد أحد مثالي ولا أحد معصوم من الخطأ

رسالة من ضمن الرسائل التي وجهها المسلسل من خلال أبطاله، مرت شخصيات العمل بمشاعر مختلفة ومتضاربة، منهم من غير مبادئه ومنهم من غير وجهات نظره وهذا واقع الإنسان" مفيش حد شرير طول الوقت ولا حد طيب طول الوقت".

شاهدنا ذلك من خلال شخصية دكتور "حسام"، دكتور "خالد" والممرضة "أبلة سهام"، فقد اهتزت ثوابتهم التي يؤمنون بها تجاه المواقف التي واجهتهم في رسالة غير مباشرة أيضًا بأننا جميعًا معرضون لذلك.

قضينا تسعة أشهر بدايةً من تأجير الرحم والحمل والسعادة الكبيرة لكل من الزوجين"حسام وليلى" للحظة الولادة وبداية وصول الجنين للحياة، لنهاية حياة من كان يعتقد أنها بداية تكوين الأسرة التي جازف من أجلها وحلم بتكوينها والتىطي غير مبادئه من أجلها.

لحظتان متضاربتان، شاهدناهما وتأثرنا بهما بسبب قرار خاطئ، قرار لم يحسب البطل تبعاته، قرار معاندة القدر الذي لا يُعَاند.

نجح "صلة رحم" في مناقشة قضية شائكة وجريئة، لم يتطرق إليها عمل درامي من قبل، ناقشها من كل الجوانب، الديني، الاجتماعي، والقانوني، ولم ينحز فيها إلى جانب على حساب الآخر، وكان لمشاركة الشيخ خالد الجندي الأثر الإيجابي لأنه وضح أشياءً ربما يغفل البعض عنها.

لم يناقش العمل فكرة تأجير الأرحام فقط، لكنه ناقش أيضًا قضية الإجهاض من زاوية القانون والشرع والإنسانية، والأخيرة لم يتم نقاشها في الدراما من قبل.

وعلى الرغم أن المواضيع التي تمت مناقشتها شائكة وسوف تثير جدلًا كبيرًا بين المشاهدين لفترة، إلا أن سلاسة السيناريو ودقة معالجة الفكرة، واختصارها في خمس عشرة حلقةً، وحسن اختيار نجوم العمل، ساعد على نجاح العمل ووصوله لقمة الدراما الرمضانية.

تحية كبيرة لكل من شارك في هذا العمل، فكلكم نجوم.