قبل ساعات من الانطلاقة المنتظرة.. زيارة لـ blinx أول ميديا هَب رقَمي شبابي ينطلق من دبي

خاص – دبي، الإمارات العربية المتحدة

الاستخدام المفرط لصفة "أول" أفقدها معناها، بلا شك للكلمة جاذبية خاصة، خصوصا في مجال الإبداع، تعكس الفرادة والأسبقية والقدرة على إيجاد شيء جديد، لكن الأهم هو أن تثبت كل ما سبق على أرض الواقع.

في مارس الماضي، تم الإعلان الرسمي عن اسم ومسمّى blinx، وحمل عبارة "أول ميديا هَب عربي من نوعه". في سبتمبر الجاري، حصل إعلام دوت كوم على فرصة معاينة التحضيرات النهائية قبل الانطلاقة المنتظرة للـ هَب فعليا، لتختلف التصورات المسبقة عمّا وجدناه في أحد أبرز المنشآت والمباني وسط مدينة دبي للإعلام، التي تأسست عام 2000 وتحتضن أبرز المؤسسات الإعلامية العالمية والإقليمية.


روح.. حيوية.. تنوع

التصورات السابقة انحصرت في إطلاق منصّة تعتمد على إنتاج المحتوى لرواية الأحداث وسرد القصص عبر مجموعة من الشباب العرب، مثلها مثل منصّات عديدة ظهرت في السنوات الأخيرة وقرأنا عن أخبار الاطلاق ربما أكثر ممّا شاهدنا المحتوى بعد ذلك.

لكن، وفور المرور من المدخل الرئيسي لـblinx بدا لنا أن هناك شيئا مختلفا بحق، مساحة المكان ربما توازي مساحة قناة تلفزيونية متكاملة، حاسبات آلية وكاميرات ومعدات من أحدث طراز، كل ذلك متوقع... لهذا جاء الاختلاف من "حيوية" اتسم بها الموقع ويلاحظها الزائر قبل مرور الدقيقة الأولى، خصوصا لو أن الزائر نفسه دخل من قبل صالات التحرير في القنوات الكبرى، التي تشبه إلى حد كبير ما وجدناه في blinx لكن "الروح" هي المختلفة.

عدد كبير من الشباب معظمهم تحت الثلاثين يتحرّك في كل الاتجاهات وفي نفس الوقت، مجموعات جالسة تحرر موادًا على الكمبيوتر، وأخرون يتدرّبون على تسجيل قصصهم وتوليفها، فيما الكاميرات تعمل في كل الزوايا لتسجيل القصص بعد التدقيق والتدرّب.

بلينكس blinxبلينكس blinx

هناك من يسجل واقفا، وهناك من يختار الجلوس، وأخر يتكلّم وهو يسير، ووسط كل هذا ستوديو تفاعلي افتراضي يجعل مقدّمي القصص يكلّمون الجمهور من أي مكان يتخيلونه، كل ذلك بقيادة المدير العام نخله الحاج، أحد أبرز المدراء التنفيذيين في شبكة "العربية" و"الحدث" سابقاً.

أما فريق الإبداع والابتكار فهو بقيادةالزميل فادي راضي، وفريق التحرير بقيادة الزميل إيل الأندري، والعمليات بقيادة الزميلة رُبى إبراهيم إلى فِرَق البرامج بإشراف الزميلة رناد بطاينة، والاستراتيجية والتسويق لسامي طبشوري، والتصوير الداخلي لسليمان الخطيب، والستايل للـ(stylist) فيكتوريا عبدولي التي تُتابع ملابس وإطلالات أكثر من منتِج ووجه إعلامي في الوقت نفسه... حتى جورجي الشاب المسؤول عن الـ الكافيه في وسط الأستوديوهات يطمئن أولا من أن الكاميرات off قبل تشغيل ماكينة القهوة.

بلينكس blinxبلينكس blinx

أما الطرف الثاني من المقر الرئيسي فيحتوى على مسرح لتصوير برامج بحضور جمهور، وقاعة لبرامج الألعاب، ومكان مخصّص للموقع الذي سيُقدّم القصص مكتوبة بجانب المحتوى المصور اللانهائي الذي تنتجه blinx.

ليسوا مذيعين ولا مقدمي برامج

قبل أن نكمل جولتنا داخل "أول ميديا هَب عربي من نوعه" لابد من استدراك متعلق بتغيير المسميات، نحن لسنا مع مذيعين، ونشرات وبرامج، ترك أبناء الـ "جيل زد" و"جيل الألفية" كل ذلك خلفهم وبدأوا من المستقبل، إنهم Storytellers - أي رُواة قصص، سواء كانت القصة خبرا عاجلا، "ترند" (trend) شغل الناس، معلومة تاريخية، أرقام واحصاءات، أخبار نجوم ومباريات، أو سوى ذلك. أيا كان المحتوى فهو في النهاية "قصة" و"فيديو" يجب أن تُمتع الناس وتفيدهم وهم يتابعونها.

لذا، قدّم لنا الشباب مؤسّسي blinx أنفسهم بأنهم "رُواة قصص" وليسوا مذيعين، وأضافوا تعريفًا آخر هو الـexplainers، حيث يقومون عبر المحتوى الإعلامي بشرح القصة أو القضية أو الحدث للمتلقّي عبر فيديوهات قصيرة، تعتمد في المجال الأول على دقة البحث وجودة الكتابة ودقة التفاصيل ثم تلاوة القصة بما يناسب الجمهور المستهدف... تحت شعار: "محتوى أكثر. صَخَب أقل".

بلينكس blinxبلينكس blinx

وسط هذه التفاصيل، ومع انغمار كل فرد في قصته، وكل مجموعة في تحويل القصة إلى منتج نهائي حسب تخصص كل عنصر، كانت هناك شخصية واحدة تتواجد في كل الأرجاء، يمكن أن تراه في غرفة الاجتماعات الكبيرة المجاور لاستديو الأخبار، وبعدها بدقائق في غرفة الإبداع، ثم بين فريق المونتاج، ولاحقا إلى جوار فريق الويب، لتنتظر بعض الوقت لعله يعود إلى مكتبه حيث حصلت على مقابلة مدتها 20 دقيقة طالبا من الزميل نخلة الحاج، المدير العام لـ blinx، أن يروي لي قصّة منصّة وُلِدت من الشباب وإلى الشباب بهدف رواية الأحداث وتلاوة القصص، من الألف إلى الياء.

قبل أن يتكلّم "الحاج" مهم أن نلخص قصته هو لأنها تعكس الفكرة التي انطلقت منها blinx، الإعلامي البريطاني - اللبناني المخضرم يمتلك خبر ممتدة لأكثر من 3 عقود، بالتأكيد ليس في المحتوى الرقمي حصراً فلم نعرف المسمّى إلا قبل سنوات، وإنما في غُرف الأخبار داخل "مجموعة MBC" وتحديداً في شبكة قنوات "العربية" و"الحدث" اللتيْن كان الحاج أحد مؤسسيهما والمشرف على برامجهما وتغطياتهما الإخبارية الكبرى لمُدّة تزيد عن 20 عاما. ترك الحاج كل ذلك وراءه، وقرّر أن يجمع حوله قرابة 150 شخصا بينهم 50 "راوي قصص" (Storyteller) و"منتج محتوى" (Content Creator) ليُطلق blinx كمؤسسة إعلامية ناشئة (startup)... ويكون بالتالي من الشخصيات المعدودة في عالمنا العربي الذي يجمع بين العمل في الميديا التقليدية وميديا المستقبل.

أن تولد رقميا

في مكتبه كان سؤالي الأول عن الفرق الأساسي بين العمل في مؤسسة إعلامية تقليدية تتحول رقميا وبين تأسيس blinx، يقول الحاج إن وسائل الإعلام التقليدية تعاملت مع السوشيال ميديا في البداية باعتبارها أمر "مزعج" نوعاً ما، فيديوهات تنتشر عبر المنصّات ومطلوب من العاملين في كل محطة إخبارية تدقيقها والتعليق عليها.

خرجت برامج عديدة مهمتها متابعة "الترندات"، في الوقت نفسه كانت القنوات التقليدية مضطرة للتحول رقميا أي الوصول لجمهور تلك المنصّات، لكن بلغة رصينة ومحتوى لا يختلف كثيرا عمّا يظهر على الشاشة.

محمد عبد الرحمن خلال حواره مع نخلة الحاجمحمد عبد الرحمن خلال حواره مع نخلة الحاج

وسط كل هذا وذاك، وجد الجمهور المتلقّي نفسه – كما يقول الحاج – بين حيوية ودينامية شبكات التواصل ومصداقية القنوات التقليدية، ليخرج blinx اليوم وقد وضع مؤسسوها على عاتقهم الجمع بين الحسنيين، محتوى أكثر من حيث الكم والتنوع والتدفق، وصخب أقل من حيث عدم الجنوح نحو اثارة الجدل والتضخيم أو الوقوع في فخ الترويج للأخبار الخاطئة أو المضللة وغيرها من أمور قلّلت من رصيد شبكات التواصل الاجتماعي.

باختصار – يتابع الحاج – المنصة الجديدة هي نتاج نظرة إلى المستقبل ملخصها أن الجمهور يريد محتوى ذو صدقية ومصداقية ومنفعة وطرافة وسلاسة وتعدُّد وتنوّع، لكن ربما بنفس الأدوات التي وفرتها السوشيال ميديا للناس وتحديدا لـ "جيل زد" و"جيل الألفية" المستهدفان بشكل رئيسي من blinx.

إذاً، القصة هي البطل كما يؤكّد نخلة الحاج، أيا كان موضوع القصة، جاد أو خفيف، شعبي أو نخبوي، المهم هو المحتوى وطريقة العرض، وأن يكون هناك إلهام وإفادة للمتلقي، وأن يشعر بأن راوي القصة في blinx يكلّمه بنفس لغته أي بالمنطق المشترك الذي يجمع الجيل الجديد.

في معرض حديثه، يُشير الحاج، أكثر من مرّة، إلى سعادته بالوقوف وسط جيل كامل جلّه وُلِد بعدما احترف هو العمل الإعلامي، والآن هم زملاءه الذين يطلقون معاً رهانا إعلاميا جديدا على تجديد المحتوى الرقمي العربي... وهو يعترف بأن دوره هو النُصح والإحاطة وليس صياغة المواد التحريرية. الكل في blinx بما فيهم موظفي الأمن والاستقبال يمكنهم طرح أفكار قصص، والمجال مفتوح أمام الـ storytellers لصياغة القصص التي يتفاعلون معها وتقديمها مباشرة للجمهور.

يُضيف الحاج بأن هؤلاء الصاعدون قادرون على مخاطبة جيلهم، لكنهم في الوقت نفسه يحتاجون إلى التواصل مع الأجيال الأكبر سناً، وهنا تكمُن مهمة فريق الإدارة التنفيذية ورؤساء الأقسام لتحقيق التواصل المطلوب بين الأجيال.

بلينكس blinxبلينكس blinx

هل سيكون التطبيق مجانيا؟ الإجابة نعم لأن المهم الآن هو تشجيع الجمهور على المتابعة، سواء عبر التطبيق الخاص، أو تطبيق الـ التلفزيون الذكي (Smart TV)،أو شبكات التواصل الاجتماعي على تنوّعها واختلافها، والتي سيتم فرز المواد لبثها عبر المنصة المناسبة، ليست كل الأخبار العاجلة تصل مثلاً إلى تيك توك blinx، كذلك ليس كل ما يُعرض على انستجرام سيتكرر على فيس بوك. 

ولمن يحب البرامج الطويلة نسبيا سيجدها على يوتيوب أو عبر تطبيق ـ التلفزيون الذكي (Smart TV) الخاص، والطول المقصود هنا لن يزيد غالبا عن 20 دقيقة للحلقة، فيما معظم قصص الـ هَب ستكون بين دقيقة وثلاث دقائق على الأكثر، بجانب البث الحي (LIVE) الذي سيقدم من خلاله برامج صباحية، وفي منتصف النهار، وأخرى بالمساء. أما العائدات التجارية فستأتي عاجلا أو أجلا، يرد الحاج بثقة حول هذه النقطة كون النجاح في كسب ثقة الجمهور سيتبعه بالتأكيد جذب اهتمام المعلنين والشركاء التجاريين.

لأن المستخدم لن ينتظر

بما إنه لا يوجد مذيعين ومقدمي برامج، فقط "رواة قصص" فلا توجد غرفة أخبار بالمعنى الكلاسيكي بل "ستوري هَب" في أحد جوانبها "غرفة الإبداع" تحت إدارة فادي راضي الذي شرح لنا عملية بناء الهوية البصرية والرقمية للـ هَب الجديد من الباء إلى الإكس .

يتمتّع راضي بخبرة تصل لـ 25 سنة في مجال الإبداع للمنصّات الإعلامية، لهذا لم يكن غريبا أن يركز مع فريقه على كل التفاصيل، بما فيها نوع الخط وكيف ستظهر حروف "بلينكْس" بالعربية والإنجليزية على المنصّات الرقمية.

بلينكس blinxمحمد عبد الرحمن خلال حواره مع فادي راضي

استعان راضي بالمُصمّم والخطاط المعروف مراد بطرس، للمساهمة في ابداع لوجو يناسب اللغتيْن ويعكس الروح التي يتمتّع بها الـ هَب، مع التركيز على رسم حرب الباء بشكل مرن بصرياً للدلالة إلى حرف الـ "b" في blinx... ووضع نقطة قبل الـ x تأكيدا على استعداد المنصة للدخول إلى "ويب 3" الذي تنهي فيه أسطورة الـ "دوت كوم" وسيكون من بين الامتدادات "دوت إكس".

إذاً، التخطيط للمستقبل مواكب لكل الخطوات، وأيضا الاهتمام بالتنوّع حيث تم اختيار 12 لون بحيث يكون هناك لون مستقل لكل تخصّص أو نسق من المحتوى. أما الكتابة على الفيديوهات فهي بالأبيض المحدد بإطار أسود خفيف، والهدف كما يقول راضي هو وصول القصة للمستخدم بأعلى وضوح ممكن، تطبيقا للشعار الذي تحول إلى مثابة دستور: "محتوى أكثر. صَخَب أقل".

وحتى الفيديو الذي انطلق للترويج للمحطة جمع بين التكنولوجيا والطبيعة، وهو ما يفضله الجيل الحالي أو لنقل يتماهى معه أبناء الـ "جيل زد" و"جيل الألفية"، فنرى مثلاً أسلاك الفايبر تخرج من اللوجو لكنها تتحول إلى أزهار ونباتات.

يؤكّد راضي سعادته بأن هذا الـ هَب بدأ من قمة ما وصلت إليه التكنولوجيا، إنها ليست كالبناية التقليدية التي احتاج ساكنوها توسيعها لتناسب المعطيات الحديثة، كما يحدث في المؤسسات الكلاسيكية أو التقليدية. لكن blinx بدأ من المساحة الأوسع مباشرة، من نقطة القمة التي بلغتها التكنولوجيا الرقمية في مجال الإعلام، مع الانتباه لأن هذه القمة ترتفع باستمرار، وبالتالي الحرص على التوافق الدائم مع أي منتجات وأدوات وارد ابتكارها في المستقبل القريب.

مُشاهد التلفزيون كان مضطرا لأن يرى التتر قبل بداية كل حلقة، مشاهد المنصّة الرقمية يمكنه تخطى التتر في ثانية، بل وتخطي الفيديو نفسه. لذا، وضع فريق الإبداع في blinxعلى عاتقه ابتكار قوالب تجعل المشاهد يجد نفسه في قلب القصة قبل مرور الثواني الأولى، خصوصا وأن المنافسة هذه المرّة ليست بين قنوات وبعضها البعض حيث الكل يمسك بالريموت كونترول ويفكر في تغيير المحطة، بل المنافسة مع عدد متناهي من صُنّاع المحتوى حيث الفيديوهات المرشحة للمشاهدة تظهر للمستخدم من كل جوانب شاشة الهاتف الذكي والرهان على قدرة كل قصة في أن تجعل مستخدمها قادرا على الصبر للنهاية، ثم تقرير مدى مشاركتها، أو التعليق عليها، أو إعادة نشرها، أو حتى تحميلها.

يدير فادي راضي فريق مكون من نحو 70 شخص، عددهم أكبر من رواة القصص لأن مهماتهم تبدأ قبل وأثناء وبعد صناعة المحتوى، مهمتهم وضع كل اللمسات الإبداعية المناسبة لكل قصة أو فيديو. وإذا كان مجهودهم الأوفر يكون قبل الانطلاق فالمهمة الأصعب تبدأ بعده حيث تأتي متابعة ردود الأفعال، ورصد استجابات الجمهور،وذلك من أجل التغيير المستمر وجعل المتلقّي يعتاد على أن الجديد هو الأساس وقصصblinx لا تنضب ولا تتكرر. 

نرشح لك: مازن حايك: شركات الإعلام بحاجة إلى استراتيجية "مواكبة للمستقبل"