إعلانات رمضان 2023.. التشابه والتكرار يخسر التجار!

إعلانات رمضان 2023
إيمان مندور

قرأت ذات مرة عن الباحث الراحل نصر حامد أبو زيد، أن إعلانًا استوقفه في محطات المترو في باريس. في مركز الإعلان غلاف كبير لكتاب “نقد العقل المحض” أشهر كتب الفيلسوف الألماني كانط. وكان الإعلان عن لبن أطفال، فيما يعني أنه إذا شرب الطفل هذا النوع من اللبن سيصبح ذكيًا لدرجة أنه يستطيع قراءة فلسفة كانط.

حلّل نصر هذا الإعلان بأن المعلن عن السلعة يعمل دائمًا على الأشياء المعروفة، وهذا معناه أن الفيلسوف كانط معروف لدى غالبية الفرنسيين، وهو ما يكشف مستوى الوعي الثقافي لديهم وقتها.

وبالتطبيق على مجتمعنا المصري، نجد هذا التحليل يحمل دلالة قوية على أسباب اختيار المشاهير الذين يظهرون في الإعلانات الآن، وتحديدًا فئة الممثلين والمطربين يليهم لاعبو كرة القدم، ومؤخرًا فئة الإنفلونسرز أيضًا، باعتبارهم ضمن الأكثر شهرة في المجتمع.

لماذا الفنانين؟!

طريقة الاختيار هذه وإن كانت منطقية دومًا، إلا إنها لم تعد كذلك في السنوات الأخيرة، لا سيما في المواسم الرمضانية، فقد أصبح حصر الإعلانات على فئة الفنانين لا يحقق النتيجة المرجوة بالقدر الكافي، لأن الموسم الرمضاني بالأصل يكون به زخم فني كبير.

وبالتالي تكون الإعلانات كلها فنانين، والمسلسلات كلها فنانين، والبرامج أيضًا تستضيف فنانين، فتحدث حالة تشبّع وتكرار ظهور وتشتيت للمستهلكين، خاصة أن بعض النجوم ظهروا في أكثر من حملة إعلانية لجهات مختلفة في نفس الوقت، أو حتى ظهورهم في الإعلانات تزامن مع مشاركتهم في البرامج والدراما الرمضانية الحالية.

على سبيل المثال، الفنان محمد منير يغني في أكثر من إعلان تلفزيوني، مثل إعلان “كريستال” و”سيتي هال” و”سالوجي”، فضلا عن مشاركته بغناء تترات مسلسلات “عملة نادرة” و”سره الباتع“.

أما محمود العسيلي فقدّم أغنية إعلان بنك مصر، وأغنية إعلان مؤسسة مجدي يعقوب، وأغنية إعلان “زهرة هي” من معمار المرشدي مع رزان جمّال، التي ظهرت بدورها هي أيضًا في إعلان شبكة زين للمحمول.

نتائج عكسية

وعليه، فإن تعدد النجوم والمشاهير واعتماد أغلب الحملات الإعلانية عليهم، بقدر ما يشكّل محاولات منطقية للوصول للجماهير، بقدر ما يكون عامل تشتيت وتكرار كبير أمامهم. لا سيما إذا انتقل نجم الإعلان من جهة لجهة منافسة، مثلما فعلت ياسمين عبد العزيز حين قدمت العام الماضي إعلان “وي” والعام الحالي إعلان فودافون.

أيضًا دنيا سمير غانم التي تنقلت بين إعلانات شبكات المحمول المتنافسة أورانج وفودافون والعام الحالي “وي”، الأمر الذي يقلل من إمكانية تصديق المستهلك لتلك الحملات الإعلانية.

موسم الأغاني

هذا بالإضافة لكون هذا التغيرات تتزامن مع موجة تحوّل الإعلانات الرمضانية لأغاني موسمية، فأصبحت أفكار الإعلانات محصورة في تقديم الأغاني فقط.

صحيح أن هذه الظاهرة متزايدة في السنوات الأخيرة، لكن حتى الآن موسم 2023 هو الأكثر توضيحا لها، فلا يكاد يكون هناك إعلان بفكرة كوميدية أو موقف أو كلام أو أسلوب مختلف. فقط الكل يغنّي، الكل ينافس بالغناء، الكل يغنّي حتى وإن لم يكن مطربًا.


التلفزيون أصبح عبارة عن مسلسلات تتخللها أغاني وليس فواصل إعلانية. حتى هذه الأغاني لا توجد بها أفكار مختلفة، بل أصبحت عبارة عن “اسكيتشات” معبرة عن البهجة والسعادة ولمة الشهر الفضيل والأمل في الحياة، مما يؤدي في النهاية لتشابه جميع الحملات الإعلانية أمام المستهلك، رغم اختلاف المنتجات والخدمات.

وفي هذا المعنى، نجد روبرت هيث أحد كبار المُحاضِرين في مجال الدعاية والإعلان، يشير في كتابه الشهير “إغواء العقل الباطن: سيكولوجية التأثير العاطفي في الدعاية والإعلان”، إلى مصطلح “فرط الخيارات” لوصف الحالة الذهنية التي تنتاب المستهلكين، لأن فرط الخيارات وتشابهها يربكهم.

وعلى الرغم من أن كثرة الخيارات تكون جذابة في البداية، إلا إنها تكون غير مرضية في نهاية المطاف ولها تأثير مرهق من الناحية النفسية، مثلما نشعر نحن الآن تجاه زخم الأغاني طوال الوقت على القنوات.. رغم أنها في الأصل إعلانات لجذب الانتباه!

نرشح لك:

ليس كل المشاهير أهلاً لتقديم النصيحة.. حتى اسألوا سمية الخشاب

ريهام عبد الغفور.. نجاح منتصف العمر

ضيوف “صادقين” وزملاء “داعمين”.. ملك صالح تفك شفرة نجاح “أهالينا”

فنانة ومذيع ومخرج.. لقاء منتظر على “شرف” المرأة!