ليس كل المشاهير أهلاً لتقديم النصيحة.. حتى اسألوا سمية الخشاب

ليس كل المشاهير أهلاً لتقديم النصيحة.. حتى اسألوا سمية الخشاب

إيمان مندور

يردد كثير من المشاهير أن السوشيال ميديا صنعت صوتاً لكل من لا صوت له، يكفيه فقط هاتف محمول وباقة إنترنت ليدخل ويبدي رأيه في هذا وذاك، يوبخ الفنان الفلاني أو يمدح النجم العلاني، يرفع هذا العمل للسماء ويفعل النقيض مع عمل آخر حتى يصل به لسابع أرض. أُزيلت الحواجز فلم يعد بين المشهور والجمهور أية موانع حقيقية سوى على أرض الواقع فقط، أما افتراضياً فالجميع داخل كرة زجاجية واحدة، حتى وإن ظنوا خلاف ذلك.

هذه السيولة الرقمية بقدر ما سهّلت ظهور نماذج سلبية من الجمهور تسب وتلعن وتكتب تعليقات مسيئة للمشاهير ولأقاربهم أيضاً، بقدر ما كشفت عن نماذج سطحية من مشاهير ليسوا أهلاً للنصيحة أو المنفعة، ويتساوون في حجم الإساءة الإلكترونية مع هؤلاء المتخفين في التعليقات بأسماء مستعارة وحسابات وهمية، بل ربما يكون ضرر هؤلاء المشاهير أكبر لأنهم يوجهون نصائح خاطئة ويروجون لسلوكيات مغلوطة يقلدهم فيها الآلاف دون تردد، اعتماداً على نجوميتهم في المجتمع. فالشتّام وإن كتب تعليقا مسيئا فقد أساء لفنان وربما لأسرته أيضا، أما النصائح والتوجيهات والتصرفات الخاطئة من الفنان قد تضر الآلاف وربما ملايين!

تريد أمثلةً؟!.. إليك ذلك.  سمية الخشاب

من خلال جولة بسيطة داخل حساب الفنانة سمية الخشاب على تويتر، وبمراجعة تغريداتها خلال اليومين الماضيين فقط، نجدها نصحت شابًا بعدم حضور سكاشن الجامعة التي تبدأ في الثامنة صباحاً، بل تقسم إن مناقشة مشروع تخرجها لو كانت في هذا التوقيت المبكر لما حضرت. ثم تنصح فتاة بعدم التأقلم مع أصدقاء الدراسة، فالجامعة يتوجه إليها الطلاب لإثبات الحضور فقط، أما الزملاء فـ “ثقي في بياع كرنب ماشي في الشارع ولا تثقي في صحاب الجامعة عشان متاخديش كشاف حلو منهم”، على حد تعبيرها ومستواها في التعبير.

وبمناسبة عيد الحب فنصحت الفتيات بإلقاء باقات الزهور في وجه من يهديهن إياها، لتنصحهن بالبحث عن هدايا ذات مصلحة ومنفعة مادية، أن يكتب لها شيكاً مثلا. ثم تعود وتنصحهن بالابتعاد عن الحب نفسه، كاتبة: “بلا حب بلا هم بلا مصاريف”، وأن حب الأكل أهم وأفيد من المشاعر العاطفية.

هذا بالإضافة لتغريدتين محذوفتين؛ الأولى بها لفظ خارج (خارج أوي.. خارج فوق ما تتخيل) وصلتني عن طريق إشعارات تويتر، وحين ضغطت كانت قد حذفتها فورا، والثانية صباح اليوم حين كتبت “اصطبحنا وأصبح الملك لله”، حيث فهم الجمهور “اصطباحة الفنانة” بمعنى آخر.

الفنانة سمية الخشاب فشلت في تجاربها العاطفية فقررت نصح الجميع بالابتعاد عن الحب، وعدم جعل الزواج هدفا من أهداف الحياة، فضلا عن الهجوم المستمر على “الذكور” عموما، وغيرها العديد من منشورات الترغيب في “السنجلة”، وأنها أفضل بكثير من الزواج وتكوين أسرة.

كلام سطحي ونصائح مغلوطة، المؤسف ليس فقط كونها صادرة من شخصية محسوبة على مهنة تقوم على الإبداع والثقافة، ويسبق اسمها لقب “فنانة”، بل أيضاً في حجم الاستجابة الكبيرة من الشباب لنصائحها، وهو ما يتضح جليًّا في التعليقات.

ربما يقول البعض إن هذه النصائح من باب السخرية والمداعبة والهزار، والحقيقة إنها ليست كذلك، ولو افترضنا أنها كذلك فالمصيبة أكبر لأنها تمثل غياب كامل لعملية التوعية، واستخدام السخرية بطريقة مؤذية ومؤثرة في تفكير الشباب وصغار المراهقين.

وبالأصل فكرة ترغيب الجمهور في عدم الزواج تتكرر من عدد من المشاهير في الآونة الأخيرة، وتحديدا من فشلوا في تجاربهم العاطفية لتنتهي بالطلاق، فنجد الإعلامية رضوى الشربيني مثلا توجه نصائحها قبل عيد الحب لكل فتاة بأن تظل “سينجل”، لأن هذا الأمر به العديد من المميزات مثل عدم العيش في نكد وضغوط نفسية، وأن تكون صاحبة قرارها دون الرجوع لزوج أو خطيب، لا سيما في قرارات الخروج والسفر، وأنه أفضل وقت يمكن للفتاة أن تحب نفسها فيه.

سؤال حقيقي: هل تنصح رضوى الشربيني ابنتيها بهذه الأمور؟ هل ترغّبهن في حياة العزوبية أم تتمنى لهن الاستقرار والزواج؟

لماذا يتم الترويج لهذا الأفكار المخالفة للفطرة وللمجتمع، وتوجيه نصائح غريبة امتلأت بها عقول الشباب حول عظمة العزوبية وجمال الابتعاد عن المسؤولية وروعة التخلي عن أي علاقات بها مشاكل، وكأن هناك علاقات في الحياة أصلا بلا مسؤولية أو تضحيات أو خلافات؟!

الأمر نفسه يتكرر مع المطربة شيرين عبد الوهاب، فحين تحب وتتزوج تنصح الفتيات بالزواج وأن الحب جنة يعيش فيها الزوجان سويا، وحين تنفصل تلعن الزواج وزوجها وعائلته وكل من على شاكلته، موجهة النصيحة للفتيات بعدم الزواج والابتعاد عن الهم، وحين تعود إليه مرة ثانية تؤكد أنها المخطئة وأن “مفيش زيه” وأن الزوج العاقل كنز لا يقدر بثمن، وتتمنى أن يرزقهن الله شخصا مثله.

والسؤال يتكرر هنا: هل تنصح شيرين ابنتيها بعدم الزواج؟ وتتمنى لهما حياة بلا زواج مثلما نصحت الفتيات والجمهور عموما من قبل؟!

في الحقيقة، الجميع لا يفعل ذلك، ولا يتمنى أحد لأولاده نفس الأشياء التي ينصح الجمهور بفعلها بهذه الكلمات “غير المسؤولة” التي لا يلقون لها بالا عبر حساباتهم أو برامجهم، بل مثل أي آباء وأمهات طبيعين تكون الأولوية في حياتهم لتنشئة أبنائهم تنشئة سليمة، ومنحهم فرص التحصيل العلمي الجيد، ثم الاطمئنان على استقرار حياتهم بالزواج، وتكون أمنيتهم الوحيدة في الحياة أن يعيش أبنائهم حياة سعيدة.

الخلاصة، الشهرة والموهبة والنجاح في مهنة ما ليست مبرراً مقنعاً لإعطاء الجمهور نصائح في الحياة عموما، فليس كل من يتحدث يستحق الاستماع والالتفات إليه، حتى وإن كان نجم النجوم. والأهم أن تنظر نظرة سريعة على مدى نجاحه أو فشله في الأمر الذي ينصحك عنه، ربما نظرة صغيرة على تجاربه الشخصية تجعلك تقرر إما الاستماع إليه.. أو أن تصم الآذان عنه إلى الأبد.

نرشح لك: 

ريهام عبد الغفور.. نجاح منتصف العمر

أزمة “بديهيات” بين شريف عامر وجمهور أحمد خالد توفيق

ماذا لو استمع موسيقار الأجيال لـ ويجز؟!

محمد رمضان ضيفا على منى الشاذلي.. “نمبر وان” تحت السيطرة

متى أصبح تامر حسني “أستاذ” الجيل؟

رجل و4 مشاهد.. زوج مصري حائر بين “ست البيت” و”سيدات الشاشة”