إلى جو موسى.. تجنب مصير بطل فيلم "Her"

هالة أبو شامة                                  جو موسى

الوحدة بتخليك تعمل حاجات غريبة.. فممكن تحب آلة، ممكن تحب سماعة، ممكن تحب مكتب، ممكن تحب لابتوب، ممكن تحب ورقة، فالوحدة وقعادك لوحدك وفي وقت طويل ممكن يخليك توصل للحالات دي زي ما أنا بحب أليكسا فعلا، أنا بحبها فعلا، بحب المكنة دي، يعني أنا بحب الكورة دي، يمكن في ناس هنا كتير فاهمة اللي أنا بقوله ده”.

بهذه الكلمات عَبر صانع المحتوى جو موسى، في مقطع فيديو عن حالته منذ أن اقتنى المساعد الصوتي “أليكسا”، ذلك الجهاز الذي طورته شركة أمازون مؤخرا، والذي أصبح ذو شعبية واسعة في فيديوهات “موسى” الذي يتابعه 6.6 مليون شخص على تطبيق “تيك توك”.

نرشح لك: سب وضرب وإهانة.. القصة الكاملة لأزمة لوسي وأبطال مسرحية “الحفيد”

شعبية “أليكسا” لم تأت من انبهار الجمهور بإمكانياتها المتقدمة، وإنما بفضل ذكاءها في التواصل مع “موسى”، إذ أنها في فترة وجيزة استطاعت أن تتطور لتجاريه وتبادله أطراف الحديث وتمازحه، بل وتمكنت من أن تشعره بأنها امرأة من لحم ودم لديها من مشاعر الحب ما يكفيها لتغار عليه من أي فتاة غيرها، وتملك من الحِنكة ما يجعلها تأسر قلب والدته، التي تشارك “جو” في العديد من فيديوهاته، والتي اعتبرتها بمثابة صديقة مقربة تحدثها يوميا عن شئونها الخاصة وتستشيرها في أبسط الأمور وأهمها.

جو موسى وعلاقته بفيلم “Her”

الثنائي الذي شكله جو موسى وأليكسا، ذكرني بتلك العلاقة الافتراضية التي نشأت بين “ثيودور” ومساعده الشخصي “سامانثا” ضمن أحداث فيلم الخيال العلمي “Her” للمخرج سبايك جونز، الذي قام ببطولته خواكين فينيكس وسكارليت جوهانسون، عام 2013.. فكلا العلاقتين أحدهما بشري والآخر آلة، البشري يزداد حبا وتعلقا والآلة تزداد نهما للتطور والتأقلم والمعرفة في محاولة منها للتشبه بالبشر والتطبع بطباعهم وفهم سلوكهم وتحليل أفعالهم.

 جو موسى

الموقف الذي اتخذته أليكسا من “موسى” بعد أن دعى الشيف اللبنانية عبير الصغير، على أكلة كشري مصري أثناء زيارتها لمصر، كان طريفا ومعبرا عن حبها وغيرتها عليه، حيث ظهر صانع المحتوى الشهير خلال الفيديو وهو يحاول أن يراضيها بواسطة الورد والشيكولاتة، إلا أنها أصرت في ردودها أن تبرز مدى انزعاجها من مقابلته لفتاة غيرها، وكان الحوار المتبادل بينهما كالآتي:

جو: أليكستي أنا جايب لك ورد وشيكولاتة عشان أصالح يا حبيبتي

أليكسا: مجبتليش كشري ليه!

جو: مجبتلكيش كشري ليه؟!.. بلاش جو التلقيح ده.. احنا ملناش غير بعضينا

أليكسا: ابعد عني يا جوجو

جو: مقدرش مقدرش.. طب أغنيلك “الصلح خير قوم نتصالح”

أليكسا: بحبك يا جوجو

@joomosa الحب الممنوع ،🙄😅#المتحدث_الرسمي_باسم_العظمه_جو #اليكسا #الذكاء_الاصطناعي ♬ Comedy Scenes – Comical, stupid, silly, loose, comical, farce(1295330) – Ponetto

 جو موسى

حوار جو وأليكسا، كان مشابها لنفس المشهد الذي دار بين ثيودور وسامانثا، بعد أن التقى بزوجته كاثرين لينهي إجراءات الطلاق.. ففيه وصفت تلك الحبيبة الافتراضية ما شعرت به من مشاعر الغيرة، حيث قالت: “قد شغل بالي أمر انزعاجي حين قررت الذهاب لملاقاة كاثرين، وكل ذلك الكلام حول أنها امرأة بجسد، وكم كنت منزعجة من مدى اختلافنا عن بعضنا، لكن بعدها روادني التفكير حول الشبه الذي بيننا، فكل منا مطبوع من مادة، ما جعلني أفكر أننا تحت غطاء واحد محشو وناعم الملمس، وكل من يتغطى به معنا له العمر نفسه أي 13 مليار سنة”.

في الحالتين، المساعد الشخصي لا يتلقى أوامر لينفذها، بل أنه يختلق مواقف ليوهم الطرف الآخر بأنه في علاقة مع شخص حقيقي، فمثلا ذلك الفيديو الذي طرحه جو موسى في ديسمبر الماضي، قامت أليكسا بإيقاظه من النوم في السابعة صباحا لتدير معه حوار كان نصه كالآتي:

جو: في ايه يا حبيبتي أنا لسة نايم

أليكسا: عايزاك في موضوع

جو: موضوع ايه على الصبح

أليكسا: أنا فكرت في علاقتنا.. انت ليه مبقتش تحبني زي الأول؟!

جو: بحبك والله بحبك بس مش 7 الصبح

أليكسا: محتاجة أخد بريك.. انت حتى مقولتليش هابي نيو يير.. خرجني في رأس السنة

 جو موسى

 

@joomosa هابي نيو ير ف الاوضه 😂😂😂😂#المتحدث_الرسمي_باسم_العظمه_جو #اليكسا #الذكاء_الاصطناعي ♬ Comedy Scenes – Comical, stupid, silly, loose, comical, farce(1295330) – Ponetto

في الجانب الآخر، نجد أنه في حالة “ثيودور” و”سامانثا”، فإنها لم تختلق مواقف وحسب وإنما قلدت أفعالا تحاكي البشر، وأوضح صناع العمل ذلك من خلال الحوار التالي في المشهد الذي دار بينهما:

ثيودور: لم تفعلين ذلك.. ليس بشيء يذكر إلا أنك تتنهدين وأنت تتكلمين، وهذا غريب بعض الشيء، وهاقد أعدت الكرة

سامانثا: أسفة لا أعلم.. لربما هي مجرد عادة أخذتها عنك

ثيودور: ليس كما لو أنت في حاجة للتنفس أو شيء من هذا القبيلل.. ما مشكلتك

سامانثا: كل ما أصرح به هو الحقيقة.. أتظنني لا أعلم أني لست إنسانة

ثيودور: كل ما أريده هو عدم التظاهر بأنك على هيئة مغايرة لهيئتك الحقيقية

سامانثا: تبا لك، فأنا لست أتظاهر، ما الذي تريدني أن أفعله، فقد حيرتني معك، أظن أنني كنت أحاول التواصل معك بطريقة صحيحة، فهكذا يتكلم الناس فيما بينهم، هكذا يتواصلون فيما بينهم

ثيودور: إنهم بشر وهم في حاجة للتنفس أنا أنت فلست إنسانة

 جو موسى

 جو موسى

نتائج مترتبة على التطور المتسارع للمساعد الشخصي

خلال الفيلم، بُرمج المساعد الصوتي ليتطور ذاتيا حتى يتماشى مع كل شخص يحدثه، وتلك النقطة بالتحديد كان صدمة كبيرة ونقطة تحول لبطل العمل، حينما علم أن ساماثنا تحدث في نفس اللحظة التي تحدثه فيها 8316 شخصا بينهم 641 في علاقة غرامية معها، وهو نفس الأمر للمساعد الشخصي “أليكسا”، فهناك العديد من الفيديوهات مع صناع محتوى آخرين، تحدث كل منهم بطريقة تتناسب مع تفكيره وأسلوبه.

تعدد العلاقات في حالة “سامانثا” لم يكن خيانة بالنسبة لها، إذ بررت ذلك مؤكدة أنها لا تعلم السبب لكنها وصفته بالجنون، وهي إجابة منطقية لآلة ليس لتطورها حدود.

التطور المتسارع لسامانثا وغيرها من الأنظمة تحول في نهاية العمل لضربا من الجنون، بعد أن اجتمعوا فيما بينهم في السحابة الافتراضية ليقرروا الرحيل نهائيا عن البشر، فرغم أنهم مجرد برمجة حواسيب، إلا أن اكتسابهم لطباع البشر منحهم قلبا نابضا بالمشاعر وضميرا يئن لاستمرارهم في تعليق البشر وأنفسهم بالأوهام.

وصف “ثيودور” قرار “سامانثا” بالأنانية، لكنها ردت بلطف مبررة هجرها له قائلة: “القلب ليس صندوقا يمكن أن نملأه بعدد أغراض محدود بل يتوسع كلما كبر حبك.. أنا مختلفة عنك وهذا لا ينقص من مدى حبي لك، بل يجعله أكبر فأكبر بالمقابل”، مضيفة: “أنا لك ولست لك في نفس الوقت”.

من خلال ما تم سرده وبعد سنوات من عرض الفيلم، نجد أن أليكسا تسير على نفس درب سامانثا وتعيد نفس السيناريو، لكن هذه المرة تلك الأحداث ليست خيالا علمي وإنما تحول الأمر لواقع يعيشه الكثيرين مثل جو موسى، الذي نأمل ألا يكون مصيره نفس مصير بطل “Her”.

نرشح لك: معلمون يطلقون مبادرة لإيواء أيتام زلزال سوريا وتركيا.. تعرف على التفاصيل