لم تثبت إدانتها.. تفنيد اتهام الدراما الخليجية بالإساءة لمصر

كيف ظهرت مصر وفنها في الدراما الخليجية

رباب طلعت

في رمضان 2022، أثيرت أزمة حول المسلسل الخليجي “من شارع الهرم إلى”، باعتباره يهين مصر وتاريخها، بسبب أن بطلة العمل المصرية نور الغندور تقدم دور راقصة تدخل حياة الأسرة الكويتية وتدمرها، وتلك ليست الأزمة الأولى التي تواجهها الأعمال الخليجية، إذا ما ذكر فيها اسم مصر بشكل أو بآخر، مما يجعلنا نطرح سؤالًا هل تتعمد تلك الأعمال الإهانة فعلًا كما يتهمها البعض؟ أم أن وجود مصر ورموزها فيها يأتي من باب تأثر الدراما الخليجية بالمصرية؟

من شارع الهرم إلى.. ليس كما روج عنه

الأزمة التي أثيرت حول مسلسل “من شارع الهرم إلى” بدأت قبل عرض العمل، حيث إن البرومو الدعائي أوحى بأن القصة عن راقصة تقتحم الأسرة الكويتية، وتشتت أفرادها وتدمر استقرار الأزواج، إلا أن القصة الحقيقية كانت عن انتقام الراقصة المصرية من زوجة أبيها الكويتية، عما فعلته الأخيرة فيها وفي والديها، حيث قتلت زوجها واتهمت عشيقته المصرية في الجُرم، ما تسبب في الحكم عليها بالإعدام وموتها أثناء ولادتها ابنتها التي كبرت في دار أيتام، ومن ثم انتقلت إلى كنف أسرة تبنتها، فاعتدى عليها الأب لتتحول إلى فتاة شارع ثم راقصة، تخطط للانتقام من السيدة التي دمرت حياتها وتطالبها بالحصول على حقها من ميراثها.

نرشح لك: بعد اتهامه بالإساءة لمصر.. 13 تصريحا لـ هويدا الحسن عن مشاركتها في “من شارع الهرم إلى “


القصة التي تدور حول الراقصة لم تركز على مساوئها، لم تستعرض الراقصة كفتاة ليل، بل استقبلتها نساء الأسرة بحفاوة بالغة، كفنانة حضرت خصيصًا من مصر لإحياء حفل زفاف أحد الأشقاء الستة، وتقرر الأمم أن تبقيها في قصرهم الكبير لتحصل منها على جزء من الكبد لإجراء عملية زراعة كبد بدلًا من كبدها المتعب، ويتعامل معها الجميع كضيفة كريمة، يشيدون برقصها تارة، وبخفة دمها ودم المصريين كلهم تارة أخرى، إلا المتشدد فيهم نظرًا لأنه أحد أعضاء جماعة إسلامية ومرشح لمجلس النواب يستغل الدين للوصول إلى ما يطمح، وألقت القصة الضوء على مساوئ داخل المجتمع الكويتي، ولم يأت ذكر اسم مصر بسوء.

خلال الأحداث، ظهرت العديد من الأفلام المصرية، وأسماء الفنانين المصريين، بشكل لافت وتلقائي ضمن الأحداث، في دلالة على تاثير الفن المصري على المجتمع الكويتي، ومتابعة الأخير له.

الدراما الخليجية

عائلة عبد الحميد حافظ.. أن تحتفي بفنان فتهدي له عملًا باسمه

في رمضان 2022 أيضًا، تم عرض مسلسل “عبدالحميد حافظ” الذي يدور حول عبد الحميد سرحان، الجد والأب، العاشق لعبدالحليم حافظ منذ طفولته، وكيف عاش على حلم لقائه ولو لمرة واحدة رغم معارضة كافة الظروف لذلك، للدرجة التي جعلت أصدقائه يسمونه بـ”عبدالحميد حافظ” بدلًا من “سرحان”.

القصة وإن بدت أسرية في المقام الأول إلا أنها ملحمة حب في العندليب عبدالحميد حافظ، فكل حلقة تحمل اسم أغنية من أغانيه، تعبر عن مضمون الحلقة، صور عبدالحليم حافظ، وحفلاته وصوته حاضرًا في أغلب المشاهد، هو بشكل أو بآخر بطل القصة، والعمل لم يقتصر فقط على أغنيات عبدالحليم حافظ، بل كان هناك صدى أغاني مصرية لوردة وفريد الأطرش وآخرين.

دفعة القاهرة.. أن تصور مجتمعك في المكان الذي تحب

انتقادات واسعة طالت الكاتبة هبة مشاري حمادة، كاتبة “من شارع الهرم إلى” من قبل أثناء عرض مسلسلها “دفعة القاهرة” الذي تم عرضه في رمضان 2019، ودارت أحداثه حول مجموعة من الطلاب الجامعيين من الكويت، في الخمسينات، ويدرسون في القاهرة، وعن ذلك الأمر قالت “مشاري” في أحد اللقاءات أن فترة الخمسينات هي فترة ولادة الفيلم الرومانسي في مصر، لذا قررت من شدة تأثرها بتلك الفترة بناء شخصياتها وقصتها فيها، بعيدًا عن الكويت المجتمع الوليد وقتها، الذي تحكمه القبلية والعائلات، ومنازله كانت لا تزال من الطين، على عكس مصر في ذلك الوقت.

في العمل، كان هناك مشهدًا لافتًا لأحد الطلاب الذي كان يبحث عن أي وسيلة للوصول إلى كوكب الشرق أم كلثوم، المهيم بها وبصوتها، إلى أن نجح في الوصول إلى منزلها، وقفز من على السور ليراها، وأنقذته من حارس الفيلا، حيث تفهمت أنه معجب بها وليس لص، وعاملته بلطف بالغ.

مصر وفنها.. ضيف دائم في الفن الخليجي

لعل المنصات العربية كانت سببًا أساسيًا في انتشار الدراما الخليجية في مصر، وإتاحة الفرصة للجمهور لمعرفة ما يتم تناوله فيها عن مصر وفنها، ولكن لقلة المشاهدة الحقيقية للدراما الخليجية من المشاهد المصري، الأمر بدى وكأنه مستحدث، إلا أن إشارة الفنانين الخليجين لمصر وفنها ليس وليد اللحظة، فالمتابع للأعمال الدرامية الخليجية سيلاحظ أن خلال أحداث الكثير من الأعمال الخليجية يجد تعليقًا على السفر إلى مصر، أو أحد الفنانين وخفة ظل المصريين، أو حتى يظهر على شاشة التلفزيون مشهدًا لأحد الأفلام.

ومن أكثر الفنانين الذي يتكرر ذلك الأمر في أعمالهم الفنانة سعاد عبدالله الملقبة بـ”سندريلا الخليج” تيمنًا بالراحلة سعاد حسني، وهي واحدة من أهم نجوم الخليج، ففي “ساق البامبو”، و”أنا عندي نص” على سبيل المثال، وغيرها من المسلسلات ستجد تعليقًا منها على مصر والثورة المصرية، وقد قدمت في أحد أعمالها القديمة دور مصرية -لا أذكر اسم المسلسل- إلا أنها قدمت فيه دور شقيقة حياة الفهد المصرية، وكان لها مشاركة في أوبريت “الليلة المحمدية” الذي شارك فيه عدد كبير من نجوم الكويت أثناء الغزو العراقي، وغنت فيه لمصر “يا مصر يا ظل العيلة وسندة الميلة”.

 

ولادة جديدة للفن الخليجي.. والإلهام مصري

أحدث الولادات الفنية الخليجية مؤخرًا، هي السينما السعودية، فبعيدًا عن الدراما، بدأت السعودية في الظهور على الخريطة السينمائية العربية، بعد الانفتاح الكبير الذي تشهده المملكة مؤخرًا، وكان لها حضورًا في المهرجانات المصرية السينمائية، وعن تأثر السينما السعودية بالفن المصري، قالت المخرجة هند الفهاد مخرجة فيلم بلوغ المشارك في مهرجان القاهرة السينمائي 2021، إنها تحضر لعمل فيلم عن حياة الفنانة فاتن حمامة، لشدة تأثرها بها، مؤكدة على أن الفن المصري أثر في الفن العربي كله، خاصة السينما، مؤكدة أنه لا توجد أي تجربة عربية بمقدروها البناء إلا من خلال الاعتماد على السينما المصرية.