رولا خرسا تكتب: آلان وراغب

منذ أن شاهدت صورة الطفل السورى الملقى على الشاطئ وبعده صورة أخيه الملقاة أيضاً على الشاطئ وأنا أشعر بغصة فى قلبى لا تتوقف.. لا أريد أن يمر المقال دون أن أذكر حكاية الطفل واسمه هو وأخيه. لا أريد أن أكون مثل الباقين الذين يكتفون بوضع صور ويكتبون تعليقا.. أريد أن أسرد حكاية «آلان» وهذا هو اسمه كى لا يكون مجرد صورة فى الأخبار.. كى يظل صرخة فى وجه ضمير الإنسانية التى تراجعت..

«آلان» هو ابن عبدالله الذى تنحدر أصوله من بلدة عين العرب «كوبانى»، وهى مدينة سورية تابعة لمحافظة حلب، تقع على بعد 30 كيلومتراً شرقى نهر الفرات وحوالى 150 كيلومتراً شمال شرق حلب. يبلغ عدد سكانها 44 ألفا أغلبهم نزحوا نحو تركيا نتيجة الصراع المسلح بين وحدات حماية الشعب وتنظيم داعش. ومن بين من نزحوا إلى تركيا عبدالله الذى كان يعمل فى الحلاقة الرجالية فى حى ركن الدين بدمشق، خرج من سوريا حاله كحال معظم السوريين باحثاً عن حياة أفضل، حمل معه ابنه الصغير «آلان» وعمره سنتان وابنه «غالب» ذا الأربع سنوات وأمهما ريحانة، على أمل أن يحظى بفرصة جديدة فى تركيا لعائلته الصغيرة بعيداً عن الصراع وأهوال ما يحصل. وعندما لم تتحسن الأحوال استدان من والده وأخته مبلغ أربعة آلاف يورو دفعها لمهرب تركى وآخرسورى كى ينقلاه وأسرته إلى أوروبا.. وجاء اليوم الموعود كانوا 12 شخصاً على متن قارب صيد فايبر، طوله حوالى خمسة أمتار فقط، وبعد مسافة قصيرة بدأت الأمواج تعلو بشكل كبير، قفز المهرب التركى إلى البحر ولاذ بالفرار، كما يفعل عادة كل المهربين، وتركهم يصارعون الأمواج وحدهم. كان البحر هائجا جدا، فانقلب القارب الصغير. تمسك عبدالله بولديه وزوجته وكان يقنعهم بالتشبث بالقارب المقلوب لمدة ساعة، بقى فيها الطفلان على قيد الحياة، ولكن وبسبب شدة الأمواج لم يحتمل آلان، لم يحتمل جسده الصغير ولا صغر سنه ضرب الأمواج وقسوتها، فاستسلم لها ومات..

هنا اضطر والده لتركه على أمل إنقاذ ابنه الثانى غالب، إلا أن غالب أيضاً توفى ولم تستطع سنوات عمره الأربع مقاومة قسوة الأمواج.. وبدأ الزبد يخرج من فمه، وهنا مرة أخرى اضطر عبدالله لتركه لإنقاذ ريحانة زوجته، لكنه وجدها قد توفيت هى الأخرى.. فقد عائلته كلها فى وقت قصير جدا، بقى بعدها ثلاث ساعات فى الماء إلى أن وصل خفر السواحل التركى وأنقذوه. وبعد أن كان مبحرا نحو الحلم الأوروبى وعلى أمل عيشة آدمية إنسانية له ولعائلته انتهى به الأمر إلى تسلم جثامينهم من الثلاجة.. البحر لم يكن أقسى على آلان وغالب وريحانة من البشر.. ألمانيا فتحت أبوابها لاستقبال اللاجئين السوريين ونحن كعرب مازلنا نطلب فيزا لزيارة أى بلد فى وطننا.. يتاجر الغرب بدمائنا ويقسموننا ويحتفلون بربيعنا العربى بقطف وروده وتقديمها للاجئينا.. لا أستطيع أن أتوقف عن التفكير.. مجموعة من الأسئلة تتزاحم فى رأسى.. لماذا حالنا كعرب فى تدهور مستمر؟ لماذا كنا من السذاجة بحيث وقعنا فى فخ الربيع العربى؟ لماذا كتب علينا دوما أن نعيش تقسيمات وصراعات وحروبا داخلية مذهبية طائفية وعنصرية؟ لست أدرى.. ما أعرفه هو أن عبدالله قد فقد أسرته وأن البحر كان رحيما بريحانة.. لم يحرمها من طفليها بل أخذها معهما كى تعيش قربهما فى عالم من المؤكد أنه أفضل بكثير من عالمنا هذا، أكثر رحمة وأكثر إنسانية…أما عبدالله فادعوا له أن يعينه الله على مصابه.. وأن يخفف عنه عذابه وإحساسه أنه لم يستطع إنقاذهم.. عزاؤه أن قضاء الله كان أسرع.. ومؤكد أرحم.

نقلاً عن “المصري اليوم “

اقـرأ أيـضًا:

16 تصريحًا لنجيب ساويرس مع خالد صلاح أبرزهم: إخواتي قاطعوني بسبب الإخوان

شوبير لأديب: شعرك وقع من قلة فوز الزمالك

 تعليق السيسي على غرق الطفل السوري “مضروب”‎ 

أبرز 10 تصميمات نعت الطفل السوري إيلان كردي

تفاصيل التقاط صورة الطفل السوري على شواطئ تركيا

سما جابر تكتب: لماذا برع نجوم “شوك توك” في تقليد وائل وريهام؟

بالصور ..8 معلومات عن الطفل السورى الذى أوجع قلوب الملايين

محمد عبد الرحمن يكتب: لماذا حققت صورة الطفل السوري كل هذا الانتشار؟

والد الطفل السوري يروي تفاصيل المأساة

.

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا