الرقابة على الدراما الرمضانية.. مقص بلا نصل

الرقابة على الدراما الرمضانية
إيمان مندور

في أول أيام الشهر الفضيل، وبالتزامن مع بدء عرض المسلسلات الدرامية المشاركة في الموسم الدرامي الحالي، قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وقف الحلقة الأولى من مسلسل “دنيا تانية” للفنانة ليلى علوي، نظرًا لعدم حصول قناة “النهار” على تصريح من الرقابة على المصنفات الفنية بعرض الحلقة، وأنه تمت إذاعتها بالتحايل، مؤكدًا على ضرورة إذاعة الحلقة الحاصلة على التصريح والمحذوف منها مشاهد تتعلق بزنا المحارم.

لهجة البيان القوية واستخدام مصطلح “زنا المحارم”، تجعل من لم يشاهد الحلقة يظن أن بها مشاهد ساخنة غير لائقة لأجواء الشهر الفضيل، لكن في الواقع المشهد مثار الجدل هو دخول البطلة (ليلى علوي) لغرفة زوجها في الفندق فتجد شقيقتها معه، بكامل ملابسهما، بدون أي حوار، فقط تقف “ليلى” مصدومة، وينظر الجميع لبعضهم البعض بدهشة كبيرة، ثم تنتهي الحلقة.

نرشح لك: صناع “دنيا تانية”: لا يوجد زنا محارم والبطلتين ليستا شقيقتين

 

عدم وجود لقطات ساخنة يعني أن الاعتراض هنا على فكرة خيانة الزوج مع شقيقة زوجته، أو كما أسماها المجلس نصًا في بيانه بـ “زنا المحارم”. وبعيدًا عن مدى ملائمة ذلك الأمر للعرض أم لا، لأننا لسنا بصدد تناول ذلك الآن، نجد السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يتم المنع في زمن الإنترنت من الأساس؟ فمثلا المشهد المثير للجدل والذي اعترض عليه المجلس موجود على صفحات القناة على مواقع التواصل الاجتماعي حتى الآن. لذلك فلنفترض أن القناة لم تعرضه ضمن أحداث الحلقة في التليفزيون لكنها عرضته كاملا على السوشيال ميديا.. هل يكون حدث المنع بذلك؟

مثال آخر.. في موسم رمضان 2019، حذفت الرقابة مشهدًا يجمع الفنان محمد رمضان والفنانة وفاء عامر من مسلسل “نسر الصعيد”، لكن بمجرد انتهاء عرض الحلقة تلفزيونيا قام البطلان، محمد رمضان ووفاء عامر، بنشر المشهد، بل وتم إرفاقه بتعليق (المشهد المحذوف من كذا..). هذا وقد سبقهما أصلا عرض الحلقة كاملة دون حذف على إحدى القنوات العربية، وبالتالي أصبح المنع هنا جزئيًا.

لذلك يستمر السؤال في تكرار نفسه: هل هكذا يتم المنع بالفعل؟! رسميا تم الالتزام بقرار الرقابة، لكن على أرض الواقع المشهد وصل للجمهور المستهدف.. وزيادة!

نرشح لك: أول رد من قناة “النهار” على مشهد “زنا المحارم” في مسلسل “دنيا تانية”

 

المعنى المراد توضيحه هو أن أغلب قرارات المنع من العرض التليفزيوني، لا يصاحبها قرار من الجهة صاحبة الأزمة بحذف المادة من حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، بل أحيانا يلتزم المنتجون بحذف بعض المشاهد اتقاء لغضب الرقابة، ثم يقوم النجوم بنشرها على حساباتهم بعد عرض العمل كما ذكرنا سابقا، أو تسريبها لصفحات خاصة، وبالتالي يصبح المنع مجرد قرار يزيد من شعبية العمل، لأن استخدام عبارة “المشهد المحذوف” يغري الجميع للمشاهدة، وهي حيلة شهيرة يجيد كثير من النجوم استخدامها.

هذا الحديث لا يعني رفض فكرة الرقابة كليًا أو حتى جزئيا، أو مناقشة حدود حرية الإبداع من عدمها، لكن الحديث هنا عن جدوى قرارات المنع في زمن لم يعد بالإمكان منع أي شيء فيه. وربما يفسر ذلك سبب الإقبال الكبير من صناع الفن والجمهور على المنصات الرقمية، التي تتنافس على تقديم محتوى جذاب لا يخش “مقص الرقيب” أو قراراته.. حتى وإن كانت ستظل حبرا على ورق ولا مجال لتنفيذها على أرض الواقع.