حسن شرف يكتب: وسائل الإعلام اليابانية
للأسف الشديد منعني جهلي باللغة اليابانية أن أتابع وسائل الإعلام هناك في “كوكب اليابان الشقيق” .
ولكن كنت دائماً أتسائل عن الإعلام هناك بحكم أن هذه هي مهنتي التي أكسب منها رزقي، ولطالما تمنيت في صغري أن أكون جزءاً فاعلاً منها.
دائماً كنت أتسائل ما هو دور وسائل الإعلام اليابانية في تقدم وتطور هذا البلد الذي ينظر إلي نهضته جميع دول العالم نظرة احترام وتقدير.
ولكن هل للإعلام بشكل عام في أي دولة من الدول دور ما في عملية التقدم والتطور، إذا كانت الإجابة بنعم له دور، فبالطبع سيكون له دور في التخلف والفشل .
شَغلت نهضة وتقدم اليابان الكثير من الباحثين حول العالم ، فقام كل منهم يبحث عن أسرار هذه الدولة التى أصبحت نهضتها مثالاً يحتذى به ، وعلى الرغم من أنهم من بلدان مختلفة وينطقون بلغات متعددة إلا أنهم اتفقوا على الأسباب التى اتبعها اليابانيون لتحقيق نهضتهم .
أحد أهم هذه الأسباب هو الإعلام .
حيث تعتبر شبكة الإعلام اليابانية شبكة هائلة وتشمل المطبوعات والصحف اليومية التي توزع بالملايين ومحطات تلفزيون قومية وتجارية قوية تقدم للمجتمع إعلاماً راقياً ومفيداً .
اليابانيون يقومون بدفع اشتراكاتهم للتلفزيون الياباني على غرار البريطانيين ولكن بطريقة تطوعية وقد بلفت نسبتهم 90% من المواطنين بانتظام دون مطالبة من الجهات اليابانية المسئولة .
وبما أننا سلمنا أن للإعلام دور مهم في عمليات التقدم والتطور او الفشل والتخلف، فما هو دور الإعلام المصري؟ سؤال يطرح نفسه بقوة بين سطور هذا المقال.
هل يوجد هناك في الإعلام الياباني، منظرين “بضم الميم” يجلسون أمام الكاميرات ولا يقدمون شئ سوي بعض الكلمات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وفي كثير من الأوقات تصبح هذ الكلمات كالرصاصات التي تصيب ولا تخطئ قلوب وعقول المشاهدين.
هل يوجد قنوات تلفزيونية هناك لا تقدم سوي الفضائح، والدخول في موضوعات هشة لا تفيد المجتمع في شئ.
وماذا عن المسابقات الغنائية ومسابقات الرقص الشرقي والغربي على شاشات التلفزيون الياباني؟! هل تعتقد في وجودها؟
لك أن تقيس هذا على كل ما تشاهده في قنوات التلفزيون المصري وفضائياته الخاصة، هل هذا الإعلام قادر علي المشاركة في تقدم وتطور المجتمع المصري؟
إن الإعلام المصري بقنواته الرسمية وفضائياته الخاصة، لا يقدم أي نوع من أنواع الإعلام، فهناك الإعلام التربوي والإعلام البيئي وكثير من أنواع الإعلام التي يجب تقديمها إلي الجمهور حتي يحدث نوع من أنواع التقدم والتطور.
ولكي لا نظلم القليل من صانعي الإعلام في مصر، الذين هم وحدهم يحاربون ضد التيار ويحاولون انتشال الإعلام في مصر من عثرته وكبوته، يجب أن نقول أن هؤلاء هم الذين يدركون خطورة الإعلام وقدرته علي التأثير في المجتمع.
مقدم البرامج الإخبارية الذي يدرك أنه لا يجب أن يدلي برأيه لأنه لا قيمة له لدي الجمهور، حيث أنه فقط ناقل أخبار وبالطبع كذلك الصحفي الذي يجب عليه أن ينقل الأخبار دون تحيز حتي في روايته للأحداث.
ومقدم البرامج الحوارية الذي يحاور الأطراف المتخصصة، يجب عليه أيضاً أن يحتفظ برأيه لنفسه، ويلتزم بمحاورة الجميع حتي وصول الفكرة لمشاهديه.
كما أنه لا يجب بأي حال من الأحوال وأعتقد أنه لا يوجد مثل هذه البرامج في اليابان، أن يخرج المذيع علي جمهوره بتسجيلات لشخصيات عامة مجهولة المصدر، بل يجب عليه أن يقدمها للنيابة العامة إذا كانت فيها ما يضر بمصلحة الوطن.
الكثير من الأخطاء والمشاكل المهنية المنتشرة في الإعلام المصري، قادرة وحدها علي سحق أي تقدم تنشده الدولة في الوقت الحالي، وهو الوقت الأهم في تاريخ الدولة المصرية في العصر الحديث ، سيتم مناقشته بعد سنوات عديدة.
هل كان للإعلام دور ما في نهضة وتقدم الدولة المصرية أم لا؟!