على خط التماس (1).. قبل العرض وفورة النقد

الناقد ماهر منصور

مقالة نقدية محكمة يقرأها المئات وربما عدة آلاف، لا تعني شيئاً امام رأي جماهيري واسع يعاكسها.. تلك هي القاعدة المستجدة في زمن “السوشيل ميديا” الذي أعاد للجمهور صوته الحقيقي، بعد أن تم التلاعب فيه تحت يافطة “الجمهور عاوز كده”، لصالح غايات تجارية لا جماهيرية.

ومع استعادة الجمهور صوته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وانهاء زمن وصاية المنتجين والنقاد عليه، على حد سواء، ربما من الأفضل ان نستبق بدء موسم العرض والنقد في رمضان، بمحاولة فهم سيكولوجية المشاهدة، التي يتم تحليلها وفق قواعد علم النفس والدراما، بأن المشاهد يميل للأعمال الدرامية التي توفر لها مساحة إشباع للنسق الأساسي الذي يمتلكه من دوافع ومشاعر ومعارف.. ولعل إدراك ان للجمهور رأياً تحكمه قواعد خاصة من شأنه أن يجعل الناقد يقترب من الجمهور أكثر، لا لرشوته ومهادنته وتجميل ما يحب، ولا لتأديبه والوصاية عليه كما يفعل كثير من النقاد اليوم، وانما لتسخير ما يعرفه الناقد لرؤية أوسع مما يعرفه الجمهور.

نرشح لك: 18 ملاحظة على تطور الدراما المصرية في السنوات الأخيرة


هنا لا ندعو النقاد إلى الكف عن الكتابة، وإنما البعد عن أسلوب الإملاء على القارئ/ المشاهد فيما يكتبونه من نقد وتحليل، أي أن ننتقل من تقديم قراءتنا النقدية من حيز ماذا نرى في عمل ما من نقاط سلبية أو إيجابية ومن مكامن قوة أو ضعف، إلى (ماذا نرى؟)، و(لماذا؟) و (كيف نرى؟).

حين يتحدث علم النفس عن دوافع ومشاعر ومعرفة تشكل نسقاً أساسيا لما يحب الناس من أعمال درامية، هو يتحدث حكماً عن عاطفة وعقل، فإن كان حب الناس لجمهورهم أعمى، فبلاشك ما يمتلكونه من معرفة هو بعينين مفتوحتين على اتساعهما.. وحين ندعو الناقد للالتزام بثلاثية “ماذا” و”لماذا” و”كيف” في قراءته النقدية ندعوه لمخاطبة العقل بالحجة، فذلك هو مفتاح القلب الذي قد يجعل العاطفة بعينين مفتوحتين أيضاً.