كيف ناقش اللبنانيون أزمة بلدهم على كلوب هاوس؟

محمد إسماعيل الحلواني

في استراحة نادرة الحدوث من الجدل الذي لا ينتهي على السوشيال ميديا التقليدية، وبعيدًا عن الاستقطاب الدائم في لبنان، تستضيف غرف الدردشة على تطبيق “كلوب هاوس” الصوتي نوعًا جديدًا من المحادثات في البلد المتضرر من أزمة طال أمدها.

وتصف صحيفة “دايلي ستار” ما يحدث بين اللبنانيين على “كلوب هاوس” بـ”معجزة”، فلأول مرة تنطلق النقاشات السياسية الحرة بوازع الصالح الوطني بعيدًا عن خطوط تقاطع المصالح الحزبية التي لا تجيد سوى تسديد الضربات تحت الحزام ضد الخصوم.

نرشح لك: “كلوب هاوس”.. عامل مشترك بين مشاجرات السوريين ومخالفات الخصوصية في فرنسا

وأضافت الصحيفة: “رحب اللبنانيون في الداخل والخارج بهذه المناقشات التي ابتعدت كثيرًا عن حدة التوتر المهيمن على غالبية برامج التلفزيون ومنصات التواصل الاجتماعي”.

ونقلت الصحيفة عن “بولا نوفل”، الصحفية البالغة من العمر 25 عامًا والنشطة على التطبيق، قولها: “ساعد كلوب هاوس الأشخاص الذين يعارضون أطراف الطيف السياسي على فهم وجهات نظر بعضهم البعض من خلال الاستماع لمخاوفهم وهمومهم”.

وأضافت بولا: “على عكس تويتر وإنستجرام اللذين لا يسمحان بالتفاعل الحقيقي، أتاح كلوب هاوس للمشاركين مساحة للاستماع”.

نرشح لك:كيف يوفر “كلوب هاوس” فرصًا جديدة للتسويق عبر السوشيال ميديا؟

تجدر الإشارة إلى أن تطبيق الصوت الحي، الذي تم إطلاقه منذ ما يقرب من عام، يمكن الوصول إليه فقط على أجهزة آبل المحمولة – ولكن جائحة كورونا عززت شعبيته في الشرق الأوسط.

واستخدم السوريون “كلوب هاوس” لإطلاقت مناقشات بناءة حول سبل الخلاص من الصراع المستمر منذ 10 سنوات وصعوبات الحياة في المنفى، بينما ناقش السعوديون الإصلاح السياسي ومساوئ العنصرية.

وفي لبنان الذي يعاني من ضائقة مالية، يعد كلوب هاوس خدمة متميزة، حيث تبلغ تكلفة جهاز آبل أكثر من عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور الشهرية. لكن الخبراء والصحفيين والمغتربين النشطين في “الغرف” الافتراضية يقولون إنهم يخصصون مساحة للمحادثات البناءة بين الأشخاص الذين لم يتفاعلوا أبدًا مع بعضهم البعض وعادة ما تنتشر بينهم الخلافات.

وقال جو خولي، صحفي لبناني يعيش في واشنطن: “أصبح كلوب هاوس مكانًا آمنًا للناس للاستماع إلى بعضهم البعض، والأهم من ذلك التعلم من بعضهم البعض ومعرفة لمحة عن بعضهم البعض، ويخلق التطبيق أرضية مشتركة للأشخاص من مختلف الأديان والانتماءات السياسية من أجل الالتقاء والتحدث افتراضيًا”.

كلوب هاوس.. ضد التقوقع والفقاعات

على عكس منصات الوسائط الاجتماعية الأخرى التي تديرها الخوارزميات، يتجنب كلوب هاوس الحسابات المزيفة وغرف الصدى وفقاعات الفلترة والتقوقع في لون واحد وصم الآذان عن الآراء الأخرى. هناك مجموعة كبيرة من المشاركين ذوي الميول المختلفة جذريًا يتحدثون في الوقت الفعلي حول سلسلة من الموضوعات، بما في ذلك قائمة طويلة من مشاكل لبنان.

تعرضت لبنان لسلسلة من الأزمات التي أدت إلى تفاقم الانقسامات السياسية بين مؤيدي الفصائل التقليدية ويبدو أن الجمهور ضاق بالطبقة الحاكمة بأكملها. وقال وسام فقيه، وهو منتج تلفزيوني لبناني مغترب يعيش أيضًا في واشنطن، إن كلوب هاوس ساعده على فهم آراء الشباب اللبنانيين الذين ما زالوا يدعمون الأحزاب القائمة.

وصرح فقيه لوكالة فرانس برس بأن البعض “يحاول البحث عن مخرج أو السعي الى اصلاحات من وجهة نظرهم”. وضرب مثالاً بحديث “كلوب هاوس” حول الإصلاحات اللازمة لوقف الأزمة المالية في لبنان.

وناقش المشاركون الحاجة إلى حكومة جديدة، منذ قرابة ثمانية أشهر منذ تقديم رئيس الوزراء حسان دياب استقالته. ولدهشة فقيه، انحرف الموالون للأحزاب في حديثهم الصادق عن روايات شائعة ينشرها قادتهم. وقال: “يبدو أن الجميع متفقون على أن الحكومة الجديدة بحاجة إلى كوادر من التكنوقراط، وإلا فإننا نقع في نفس الفخ” كما حدث في ظل الحكومات السابقة.

الرغبة في الاتصال

يعاني لبنان من الموجة الثالثة لوباء كوونا علاوة على الانهيار الاقتصادي والانفجار الكارثي العام الماضي في مرفأ بيروت – مما يعني وفرة في الموضوعات الساخنة للنقاش. ومن اشهر غرف الدردشة في كلوب هاوس “لا أحد قادمًا لإنقاذنا” و “ما الذي على الطاولة للتغيير في لبنان؟” وتطرقت غرفة ثالثة إلى الخلاف بين رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون حول تشكيل الحكومة في غرفة تحمل اسم “بين الحريري وعون: مع أم ضد؟”.

ومع القيود الصارمة المفروضة بسبب كورونا منذ يناير، والتي تحرم اللبنانيين من العديد من وسائل الترفيه والتسلية المفضلة لديهم، يقول الكثيرون إن كلوب هاوس يساعد في إشباع جوعهم للحديث الحقيقي.

قال علي فواز، الذي يدير خدمة The Write Words والمتخصص في الكتابة عبر الإنترنت: “ظهر التطبيق – من العدم – في وقت مثالي. كان الجميع في لبنان يتوقون إلى التواصل والمحادثة”.

وأضاف فواز، البالغ من العمر 28 عامًا، أن كلوب هاوس سمح له بالوصول والتواصل مع السياسيين والمحللين، بما في ذلك وزير سابق، وهؤلاء عادة ما يتعذر الوصول إليهم من قبل الجمهور.