تحنيط الجثمان وأمنيته الأخيرة.. ماذا كتبت الصحافة بعد وفاة العندليب؟

طاهر عبد الرحمن

رحل عبد الحليم حافظ عن الدنيا وأسلم الروح في الساعة العاشرة مساءا، بتوقيت لندن، يوم 30 مارس 1977، بعد أن فشلت جهود الأطباء في إنقاذ حياته في مستشفى كينجز كولدج.

وقد تعرض لنكسة صحية خطيرة، تسببت في نزيف حاد في الساعة الرابعة والنصف عصرا عقب عملية جراحية أجراها له الطبيب الإنجليزي وليم روجرز.

نرشح لك: علاقة الشيخ محمد رفعت بصوت عبد الحليم حافظ


وكان قد أمضى قرابة شهرين ونصف في المستشفى للعلاج من تأثير إصابته وهو طفل بالبلهارسيا.

أول رحلة للعلاج

من المعروف عن العندليب الأسمر أنه ظل لمدة تقرب من العشرين عاما يعالج من داء البلهارسيا ومضاعفاته الصحية، وأول رحلة له في حياته خارج مصر كانت للعلاج في لندن، صيف عام 1956، وأجرى له الجراح العالمي، تانر، جراحة استغرقت وقتا طويلا وشاركه فيها 12 جراحا وطبيبا متخصصون في أمراض الكبد والقلب والمعدة.

الصحافة تتأخر يوما كاملا

بالعودة إلى الأرشيف نجد أن الصحافة المصرية والعربية لم تنشر خبر الوفاة إلا في يوم 1 إبريل، متأخرة يوما كاملا، والسبب في ذلك هو فرق التوقيت بين لندن والعواصم العربية، وهو ما لم يمكنها من نشر الخبر في اليوم التالي للوفاة، كما هو معتاد ومعروف.

ووفقا لما كتبته جريدة الأهرام أن المستشفى في لندن قام بحقن الجثمان بمادة معينة لتحنيطه لمدة 4 أيام حتى يتم دفنه دون عجلة.

ولقد وصل جثمانه إلى القاهرة يوم 2 أبريل وشيعت جنازته من مسجد عمر مكرم بحضور عز الدين مختار، الأمين الأول برئاسة الجمهورية نائبا عن الرئيس السادات، وممدوح سالم رئيس الوزراء وعبد المنعم الصاوي وزير الثقافة والإعلام.

وكانت السيدة نهلة القدسي، زوجة الموسيقار محمد عبد الوهاب، هي آخر من زاره قبيل وفاته في المستشفى، ورافقت الجثمان إلى القاهرة مع علية شبانة شقيقته.

آخر حوار معه

كان آخر حوار صحفي مع عبد الحليم حافظ من نصيب مجلة “آخر ساعة” المصرية قبيل رحيله بأيام، وفيه عبر عن أمنيته أن يسترد عافيته ليقوم بتصوير فيلم “لا”، عن قصة الكاتب الصحفي مصطفى أمين وأيضا مشروعه مع محمد عبد الوهاب لإعادة تصوير فيلم “رصاصة في القلب”، كما صرح أن هناك فيلم آخر يحضر له، ولكن لم يعلن عن أي تفاصيل له.

المغني المثقف

تسابقت الصحف المصرية والعربية في الكتابة عن عبد الحليم حافظ وفنه وحياته وأسراره، وفي عدد يوم 1 إبريل كتبت جريدة الأنوار اللبنانية تحت عنوان: حنجرة مثقفة شغلت الشرق، تصفه بأنه كان من القلة القليلة جدا من الفنانين العرب الذين يقرأون كل ما يصل إليهم من كتب، وأنه كان مطلعا بصفة يومية على معظم الجرائد والمجلات العربية بكل أنواعها السياسية والفنية.

وكتبت الأنوار أن عبد الحليم كان في مرضه الأخير يقرأ في كتاب “الأغاني لأبي فرج الأصفهاني”، كما أنه طلب كتابا عن الشاعر العربي القديم عمر بن أبي ربيعة.

ونقلت عنه الجريدة أنه من عشاق القصص الطويلة (الروايات) وهو يعشق روايات إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ ويوسف السباعي.

وكدليل على إطلاعه وقراءته عرضت الجريدة لرأيه في روايتي نجيب محفوظ الشهيرتين “زقاق المدق وخان الخليلي” حيث قال: “إن المؤلف في زقاق المدق صور الجو فقط، أما في خان الخليلي فإنه صور الجو وأعطاني الحبكة وخلاني أتحرك مع أبطالها وأشعر بشعورهم”.

وأما عن رأيه في توفيق الحكيم فنقلت عنه الجريدة قوله: “لا أستطيع أن أقارن بين الروائيين وبين توفيق الحكيم، فهذا الرجل يتميز بخياله وفلسفته والرواية التي يقدمها من خلال الحوار، إن أجمل ما في الحكيم أنه يخضع خياله وفلسفته للكلمة”.



آخر مشاريعه غير الفنية

 

بعيدا عن الفن والموسيقى كان من المفترض – بحسب ما نشرته جريدة الأهرام – أن يتسلم عبد الحليم “عمارة” خلال شهر مايو 1977، وكان قد بدأ في بنائها قبل 6 سنوات في منطقة المهندسين وكانت من 5 طوابق، وقبل سفره الأخير إلى لندن بأيام كان قد زارها ليرى كيف يسير العمل فيها.

نرشح لك: تفاصيل الخلاف بين ورثة عبد الحليم حافظ ومحسن جابر