هل ستكون منصات البث سببا في تدمير صناعة السينما؟

محمد إسماعيل الحلواني

ساعدت منصات البث على إبقاء تجربة مشاهدة الأفلام على قيد الحياة منذ بدأت جائحة كورونا وانتشر الالتزام بالعزل المنزلي والتباعد الاجتماعي واضطرت دور السينما لإغلاق أبوابها لتجنب انتشار العدوى، مما يوفر بديلاً آمنًا بينما تظل دور السينما مغلقة.

لكن المخرج السينمائي مارتن سكورسيزي ليس معجبًا بهذه الأوضاع، وفقًا لـ بي بي سي التي سلطت الضوء على مقاله بمجلة هاربر، فقد حذر من أن السينما يتم التقليل منها وإهانتها من خلال طرحها تحت مظلة “المحتوى”.

نرشح لك: هل كانت منصات المشاهدة البطاقة الرابحة في 2020؟


انتقد سكورسيزي بشكل خاص نقص التنظيم على منصات البث، قائلاً إن الخوارزميات، التي تقدم توصيات بناءً على عادات المشاهدة الفردية أو الجماعية، تضر بالشكل الفني و”تعامل المشاهد كمستهلك لا أكثر”.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها سكورسيزي، الحائز على جائزة الأوسكار عدة مرات، فقد تحدث ضد أوضاع صناعة السينما في مناسبات عديدة. في عام 2019، أعرب عن أسفه لاعتماد أفلام هوليود على الأبطال الخارقين التي جعلت أفلام السينما أشبه بالملاهي.

ولكن كيف تعمل هذه الخوارزميات وهل هي حقاً مدمرة ثقافياً كما يؤكد سكورسيزي؟

تعمل الخوارزميات على تحديد ما تهتم به ومن ثم تعطيك المزيد منه -باستخدام أكبر عدد ممكن من نقاط البيانات التي يمكنهم الحصول عليها، ولكن سكورسيزي مؤمن على طول الخط بأنه “لا يمكن الوثوق بالآلات”.

ومع ذلك، تعتمد صناعة الترفيه بشكل متزايد على هذا المفهوم لإبقاء الجمهور في حالة انتظار وترقب. وتستخدم خوارزميات خدمات البث جوانب مختلفة من سلوكك لتحديد الطريقة التي ستصنف بها الشركة أنواعًا مختلفة من المحتوى ومن ثم تصفيتها وتقديمها لك كمشاهد. وتلك التنسيقات تمتد من الأفلام إلى برامج التلفزيون والموسيقى، في شكل قوائم التشغيل المقترحة على المستخدمين الآخرين الذين قد يشاركونك ذوقك.

كل هذا يُباع باسم التخصيص، كما توضح إلينور كارمي، الباحثة المساعدة بقسم الاتصالات والإعلام بجامعة ليفربول.

وتقول كارمي: “لتتبع سلوكك وتجميع البيانات، تتأكد هذه المنصات من ارتباط فرد واحد فقط بكل حساب، وحتى عندما تدفع مقابل حساب ما يمكنه تلبية احتياجات العديد من الأشخاص على نتفيلكس أو أمازون برايم أو آبل تي في، حيث تحرص المنصات على أن توفر لكل فرد مدخلًا منفصلاً يحتوي على جميع تفضيلاته وسلوكياته وأنماطه.

تعمل الخوارزميات في النهاية الخلفية للواجهة التي يراها الأشخاص عند تسجيل الدخول، وتستعين بطرق محددة للإشارة إلى الأشخاص وحثهم على ما يجب عليهم اختياره – من إعطاء الأولوية لأفلام وعروض في” الجزء العلوي “من أزرار البحث وخيارات العروض والألوان وحتى طريقة عرض الصور.

وكشفت نتفيلكس سابقًا أنها تقوم بتخصيص الصور المصغرة لبعض العروض، مع اختيار الخوارزميات الأكثر جاذبية اعتمادًا على سجل مشاهدات الفرد، وقالت المنصة: “ليس لدينا منتج واحد ولكن أكثر من 100 مليون منتج مختلف لكل عضو من أعضائنا مع توصيات مخصصة ومرئيات مخصصة”.

كان الهدف من نظام التوصيات الشخصية لنتفيلكس، تمامًا مثل أنظمة المنصات المنافسة لها هو “عرض العناوين المناسبة أمام كل عضو من أعضائنا في الوقت المناسب”. ولكن سكورسيزي يخشى أن التعلم الآلي يبسط تجربة المستخدم ويجعلها سطحية للغاية.

ويقول إن الخوارزميات تختزل كل شيء إلى “موضوع أو نوع أو صنف”، مما يجعل فهم القيمة الفنية بلا معنى. ويضيف أن هناك استثناءات ولكنها قليلة.

يقول في مقالته إن المحتوى أصبح الآن “مصطلحًا تجاريًا لجميع الصور المتحركة: سواء كان المقصود فيلم لديفيد لين، أو فيديو لعدد من القطط، أو إعلان لمشروب الطاقة “ريد بول” أو ملحق لمسلسل للأبطال الخارقين”.

في المقابل تنظر كارمي إلى مقال المخرج الكبير على أنه مؤشر لمعركة “بين حراس الفن والثقافة القدامى والجدد”.

وتقول: “في جوهره، كان التنظيم دائمًا يُجرى خلف الكواليس، مع القليل من الوضوح فيما يتعلق بالأساس المنطقي وراء الاختيارات التي يتم اتخاذها لإنتاج وتوزيع الفن والثقافة”، أي أن المشكلة الحالية تتلخص في دراية الجمهور بوجود تلك الخوارزميات.

نرشح لك: دراسات: تشجيع نتفيلكس لتلفزيون الواقع يثير قلق المنصات المنافسة