إعلان حرب.. هل أزالت شركة فيسبوك علامة التوثيق الزرقاء من صفحة آبل؟

محمد إسماعيل الحلواني

تداولت العديد من الصحف ووسائل الإعلام البريطانية والأمريكية الأنباء حول إزالة علامة التوثيق الزرقاء من صفحة شركة آبل الأمريكية، وسط تصاعد الخلافات بين عملاقي التكنولوجيا بسبب سياسة الخصوصية الجديدة التي تعتمدها آبل وتعارضها شركة فيسبوك. ثم تبعتها تقارير صحفية أخرى تقول إن صفحة آبل غير موثقة وأنها لم تحمل العلامة الزرقاء على الإطلاق.

خلال الأسابيع الماضية، قامت أكبر شبكة اجتماعية في العالم بنشر العديد من الإعلانات على صفحة كاملة في صحف “وول ستريت جورنال” و”نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” تهاجم تغييرات الخصوصية الجديدة التاي فرضتها شركة آبل الأمريكية، وتدعي شركة فيسبوك أن سياسة آبل الجديدة ستضر حتمًا الشركات الصغيرة ضررًا بالغًا، و”ستغير الإنترنت كما نعرفها – إلى الأسوأ”.

نرشح لك: بسبب مؤثرة.. الشرطة الأمريكية تحقق في واقعة اختطاف طفلين

ويعتقد خبير واستشاري السوشيال ميديا “جاستن باريسو”، في مقاله بمجلة Inc. Magazine، أن الشعور باليأس الذي انتاب فيسبوك مؤخرًا ليس مفاجئًا. إنه تتويج متوقع لسلسلة من الأحداث التي بدأت منذ سنوات، والتي كانت شركات وادي السليكون تتجه نحوها منذ فترة طويلة.

كلما تحركت بسرعة ستكسر الأشياء من حولك

“تحرك بسرعة وحطم الأشياء”؛ كان هذا الشعار الرسمي لفيسبوك على مدار سنوات متتالية. كان القصد من هذا المبدأ توفير التوجيه للمصممين والمديرين، لكنه أصبح جزءًا أساسيًا من الحمض النووي لشركة فيسبوك وينعكس بالفعل على كافة قراراتها.

حسنًا، فقد تحركت شركة فيسبوك بسرعة، وقد كسرت الكثير من الأشياء في غضون تحركاتها. وكسرت الشركة أشياء مهمة، مثل ثقة مستخدميها. بدأ الكثير منهم في فهم أنه بينما تظل منتجات شركة فيسبوك “مجانية وستبقى مجانية”، كانوا يدفعون الثمن ليس في شكل نقود ولكن في شكل قبول المستخدمين ضمنيًا بأن يتحولوا هم وبياناتهم ومفضلاتهم إلى منتج.

على سبيل المثال، في مقابل القدرة على التواصل مع الأصدقاء والعائلة، والحصول على موجز للأخبار التي تهم وتشغل كل مستخدم، ومقابل القدرة على مشاهدة مقاطع فيديو مضحكة عن القطط والسيارات والحيوانات البرية، تم تشجيع المستخدمين على بيع روحهم عبر الإنترنت، بدون مبالغة – في شكل بيانات تستغلها شركة فيسبوك في بيع الإعلانات ذات الصلة. ومع زيادة الفهم العام وإدراك خطورة استغلال البيانات على هذا النحو، بدأ الكثيرون في حملة “حذف تطبيق فيسبوك”.

لكن موقع فيسبوك بدأ يمتلئ بالغرور بقاعدة مستخدميه المتزايدة بحيث لم يدرك الخطر القادم، كانت الشركة قد صمدت أمام الفضيحة تلو الأخرى في حين استمر مليارات الأشخاص في استخدام فيسبوك.

ويعتقد جستن باريسو أن مشكلة فيسبوك تكمن في أن تحديث آبل على وشك تثقيف الكثير من المستخدمين ورفع مستوى وعيهم حول مقدار تتبع فيسبوك لهم بالفعل – وسيجعل من السهل جدًا على هؤلاء المستخدمين إلغاء الاشتراك. وتقاتل شركة فيسبوك بشراسة في هذه المعركة ضد آبل لأنها تتوقع ضربة كبيرة لأعمالها.

ماذا عن حجة فيسبوك بأن سياسة آبل الجديدة ستغير الإنترنت نحو الأسوأ؟

تزعم شركة فيسبوك أن هذا التغيير سيؤدي إلى احتياج مواقع الطهي أو المدونات الرياضية المفضلة لديك إلى فرض رسوم اشتراك، “مما يجعل الإنترنت أكثر تكلفة ويقلل من المحتوى المجاني عالي الجودة”.

ولكن هذه هي الحقيقة: لقد تم كسر نموذج المحتوى المجاني لسنوات. لهذا السبب انتقلت معظم المنشورات عبر الإنترنت بالفعل إلى طرق أخرى لكسب المال، سواء من خلال الاشتراكات أو بيع المنتجات أو الوسائل المماثلة.

بعبارة أخرى، فإن شركة فيسبوك لا تخوض هذه الحرب فقط ضد آبل، ولكنها تعتبرها معركة يجب أن تخوضها من أجل المستقبل.

بالطبع، يمكن أن تواجه الشركة ببساطة المستقبل وآبل وجهاً لوجه. يمكن أن تركز على تحقيق النجاح، والبدء في تكييف منتجها ونموذج أعمالها. بدلاً من ذلك، تهدر الشركة وقتًا ثمينًا وأموالاً طائلة في معركتها ضد سياسة خصوصية آبل، وهو أمر خارج دائرة تحكم فيسبوك ومن غير المرجح أن تعدل آبل عن قرارها بشأن سياسة الخصوصية الجديدة.

عاشت شركة فيسبوك في شرنقتها وعالمها الخاص لفترة طويلة، وما لم تنتبه إلى ضرورة إحداث تغيير كبير في توجهاتها، فإن عالمها مقدر له أن ينهار. لكن كان على زوكربيرج أن يرى هذا المستقبل وأن يتوقعه، فهو الذي اختا مبدأ “عندما تتحرك بسرعة، فإنك تكسر الأشياء من حولك”.