شهادة مجروحة في حق أحمد خيري

أشرف أبو الخير

القاهرة – أكتوبر عام 2000
كنت أتلمس طريقي، وأحاول جاهداً تكوين علاقات جديدة داخل أسوار كلية الآداب بجامعة حلوان التي التحقت بها لتوي، دارساً شئ لا أعلم عنه أي شئ في ذلك الوقت اسمه علوم المسرح!!

في لحظة غامضة، لفت نظري زميل لي بالقسم، يرتدي ملابس لافتة وغريبة، شعره أبيض تماماً كأن عمره يتجاوز الستين، وملامحه مازالت تفضح سنه الحقيقي الذي لم يقترب حتى من العشرين.. وفي ظروف لا أتذكرها بالتفصيل، صرت أنا وزميلي هذا أصدقاء.. وبمنتهى السرعة.

هكذا بدأت علاقتي بالممثل الشاب أحمد خيري… كنت وقتها ألتقيه صباحاً بالكلية، وأشاهده مساءاً على شاشة التلفزيون من خلال مسلسل (طيور الشمس) الذي أتاح من خلاله المخرج المختفي “هاني لاشين” الفرصة للعديد من الشباب صغار السن ليقوموا ببطولة مسلسل ظل عالقاً في الأذهان لفترة طويلة… وبعدها كنت أقابله ليلاً على مقهى قريب من بيته لأتعرف رويداً رويداً على أصدقائه من داخل الكلية و من خارجها، واستمرت الحياة بنا على هذا النحو طوال أربعة سنوات هي مدة دراستنا بالكلية.

1230045_10153185338460181_325139277_n

وكعادة الصداقات المتينة، لم تنقطع العلاقات بيننا حتى الآن، بل أننا صرنا جيراناً وبيننا علاقات متشابكة للغاية من الصعب سردها في مقال… ولهذا فإن شهادتي في حق “أحمد خيري” هي ببساطة شهادة مجروحة لكنها حقيقية للغاية.

علمتني الحياة أن هناك مواقف بعينها تجعلك أكثر قرباً من الآخر، كأن تقترض منه بعض المال، كأن تتزاملا في الجيش، كأن تقفا سوياً على خشبة مسرح!! .. مواقف تُظهر حقيقة الناس وتقربهم من بعضهم أو تنفرهم من بعضهم، وأنا قد جاورت هذا الممثل على خشبات المسارح مرات ومرات، وظل هو كما عهدته دوماً، نجماً للفريق، مسانداً الجميع بخبرته الطويلة (حيث أنه ممثل منذ أن كان طفلا صغيراً)، واضعاً كل طاقته وتركيزه في التمثيل.. والتمثيل فقط.

مشهد في هذا الفيلم، دور جيد في هذا المسلسل أو ذاك، ومحاولات مستمرة من كل ممن حوله لإثناؤه عن التمثيل، وكنت أنا – بسذاجة- من المتزعمين لهذا التيار الذي يحاول نفض أحلام التمثيل عن رأسه، فالشهور تمر، وهو لم يحقق بعد ما يمكن أن نقول أنه نجاح مبهر.

أحمد خيري

ورغم دراسته للتمثيل بالكلية، إلا أنه استمر في التحصيل الدراسي، فمن أهم ورش التمثيل في مصر مع المدرب والممثل المتمكن (أحمد كمال)، إلى ورش متعددة بالبرتغال ولبنان.. والكثير من الورش في مصر.. آخرهم كانت العام الماضي مع المدربة (مروة جبريل)… تخلل ذلك العديد من الأدوار “الجيدة جداً على مستوى الأداء التمثيلي” بعدد من الأفلام الروائية القصيرة والأفلام المستقلة، وكذلك أدوار “مفرقعة” نسبياً آخرهم كان في دور (سعد) بمسلسل (ذات).

أحمد خيري، فاجئني قبل يومين بدور صغير للغاية في مسلسل (استيفا) الذي يخرجه المخرج الشاب (محمد خليفة)… دور أكد لي بأن هذا الشاب مظلوم وسط بحر المواهب المعدومة الذي نعيش داخله، لكنه مجتهد للغاية، ومختلف للغاية عن كل أبناء جيله ليس فقط لأن شعره (أبيض).. لكن لأنه وببساطة شديدة، ممثل حقيقي ومتمكن، ومش بيمثل لأنه أمور.

أكتب هذا المقال لأحتفظ به مطبوعاً ومصوراً، لأذكره به بعد سنوات قليلة حين سيصبح هذا الشاب النجم الأول بإذن الله، محتفظاً لنفسي بحق عزمة ضخمة على حسابه بصفتي من أوائل المشيرين إلى تلك الموهبة.

لكم المودة بلا حدود.

 

تواصل مع الكاتب عبر فيسبوك من هنا

تواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا

اقـرأ أيضـاً:

 محمد عبد الرحمن: المدير الفني ..أحمد كمال

ظهور إعلامي نادر لـ “حسن حسني”

صورة لمحافظ الإسكندرية تظهر في تغطية قتلى الإخوان بأكتوبر

كيف استغلت الجزيرة دماء الجنود في سيناء؟

.