كيف تحول "أبو الروس" إلى أيقونة؟.. اسألوا "عم مجدي عبيد"

محب سمير

هل يمكن لدور واحد أن يخلد اسم فنان؟.. ممكن

 طيب، هل يمكن لمشهد واحد أن يجعل الممثل في صفوف العظماء في الفن؟

ممكن جدا طبعا.. وهو ما يمكن أن تعتبره “مكافأة الفن” للذين خدموه طوال عمرهم بإخلاص، عشقا فيه، لا أكثر ولا أقل.. غير مبالين بالنجومية أو وفلوسها.. فيكافئهم الفن بحفر اسمهم في صفحات مبدعيه الكبار.

نرشح لك: ابنة ممدوح وافي تروي قصة دفن والدها في مقبرة أحمد زكي

 هذا ما حدث مع الفنان القدير “مجدي عبيد”.. لا تذكر اسمه؟ طيب، هو “حسين أبو الروس” في “حديث الصباح والمساء”.. عرفته؟

محب سمير

اتفضلي.. نورتي بيتك يا أميرة 

 مسميش أميرة.. اسمي سميرة

سميرتي.. وأميرتي.. اقعدي يا سميره عايز أتكلم معاكي كلمتين.. أنا عارف إنك مغصوبة عليا.. آه خلقتي يمكن مش ولا بُد.. راس كبيرة وجتة عيل.. حاجه كدا مش راكبة على بعضها.. لكن اللى عايز أقولهولك يا بنت الناس ومسير الأيام توريهولك إني عمري في يوم ما هغصبك علي حاجة.

أنا تاجر أنتيكات ابن تاجر أنتيكات.. اتربيت أعرف قيمة الحاجة وأعرف أتمنها.. وأنتي جوهرة.. جوهرة غالية اتمنيتها، والمولى قسملي بيها، وهو اللي هيقدرني أسعدها، وأحافظ عليها.. البيت ده بيتك.. وأنا فيه ضيف.. وأوعدك عمري ما هبقى ضيف تقيل. 

ليلتك زي الفل يا أميره.. تصبحي على خير

مشهد واحد لا تتعدى مدته الدقيقة والنصف.. بين “أبو الروس” وعروسه الجميلة.. في تحفة السيناريست الراحل “محسن زايد”، “حديث الصباح والمساء”، عن رواية للعظيم في الأدب “نجيب محفوظ.. مشهد واحد تحول إلى “أيقونة” يتداوله الجمهور العربي على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره من أجمل مشاهد الحب في الدراما العربية.

يقول “عم مجدي عبيد”: كل الفضل للعبقري الراحل “محسن زايد” وكتابته للمشهد بهذا الشكل الإنساني البديع، والحوار غاية في الرقي والرقة”.. وأنا فقط جسدت “أبو الروس” خلال هذه اللحظة الإنسانية لشخص بسيط مثله.

في الأصل “مجدي عبيد” ممثل ومخرج مسرح.. إلا أن صداقته للسيناريست “محسن زايد”، جعلته شاهدا على إحدى تحف الدراما المصرية، منذ البداية، حتى أقنعه الراحل المخرج “أحمد صقر” أنه هو “أبو الروس”.

يحكي “عم مجدي” القصة من البداية

“محسن زايد الله يرحمه كان بمثابة أخ كبير لي.. وفي يوم شاهدني ممثلا في عرض مسرحي.. وشاهد عرض آخر من إخراجي للثقافة الجماهيرية.. أعطاني مسودة مسلسل (حديث الصباح والمساء) وهي لسه بخط يده لأقرأها وأقول رأيي فيها.. في البداية أنا أعلنت له أني مشفق عليه من التصدي للرواية الأدبية لمحفوظ.. نظرا لصعوبة صناعة سيناريو لها، بسبب صعوبة تكنيك كتابة هذه الرواية بالذات.. والتي كنت قد قرأتها من قبل.. لكن بعد قراءة مسودة السيناريو و الحوار.. وجدتني أطير لملاقاة عمنا محسن زايد.. لاحتضنه وأشيد بتناوله للرواية وفك رموزها.. ونسج عوالم إنسانية وتاريخية.. وقلت له بالنص.. (يا أستاذ.. وأنا اقرأ الورق كنت أشم ريحة لحاف جدتي تنبع من الورق).. ففاجأني بقوله (وأنا بأكتب كنت بلاقيك بتنطلي طول الوقت في شخصية أبو الروس.. عندك مانع تعملها؟.. أنا مش شايف غيرك فيها.. فقلت له أنا بتاع مسرح وما اشتغلتش فيديو وتلفزيون قبل كده.. ومحدش يعرفني غير بتوع المسرح قالي  ماتشغلش بالك.. بعد ساعة جاي لي المخرج أحمد صقر.. والنجمة ليلى علوي في جلسة عمل.. وهعرفك بيهم.. واكتشفت أن محسن زايد كان مكلم أحمد صقر عني في شخصية أبو الروس.. وأول ما دخل الشقة.. عرفه بي محسن زايد.. فرد عليا (صقر) أهلا ب أبو الروس.. وكذلك رددت النجمة ليلى علوي، وبقى اسمي طوال الجلسة (أبو الروس).. والحقيقة أن هذا الدور اعتبره مثل القبلة الأولى التي لا يمكن أن تنسى أبدا”.

كان من الممكن أن يتحول “أبو الروس” إلى “كاركتر” كوميدي ويحقق نجاحا وصدى جماهيريا، لكن الفنان مجدي عبيد التقط الخيط الذي نسجه “زايد” ومن قبله “محفوظ” لشخصية “أبو الروس”.. ويقول: اهتممت بأنسنة الشخصية، وصراعها الداخلي، أكتر من الاعتماد على الكوميديا واصطناعها، كما يحدث دائما مع تناول شخصية مثل “أبو الروس”.. مضحيا بالنجومية على حساب الدور.. لتأتي له النجومية بعد عقدين من عرض العمل، وانتشار مشهد ليلة الدخلة بين “أبو الروس وسميرة” ليؤكد أن البقاء للأجود والأمهر.. لكن لازمة حركة رأس “أبو الروس” للأمام والخلف كانت الإضافة الكوميدية الوحيدة للشخصية، وكان صاحبها “عم مجدي” نفسه، عندما فاجأ الجميع بالحركة في أحد المشاهر، فأعجبت المخرج وضحك الجميع عليها، وطلب منه اضافتها للشخصية.

أربعون عاما قضاها الفنان مجدي عبيد في رحاب الفن، ممثلا ومخرجا مسرحيا في الأساس، منذ عام 1968 وعرضه “جحا وبقرة السلطان” وحتى عرض “قوم يا مصري” وبيها عروض “السوس”، و”حكاية الفلاح عبد المطيع”، و”رحلات بن بسبوسة”.. لكنه يحلم بدور “حفار القبور” في مسرحية “هاملت” لشكسبير.. و”أحدب نوتردام” لـ “فيكتور هوجو” ليكون حقق كل ما يحلم به في المسرح.. مؤكدا على أنه “ماجراش حاجة يعني”، وهي لازمته الشهيرة على صفحته الشخصية على “فيسبوك”، التي ستجدها ممتلئة عن أخرها بالبهجة والمحبة الصادقة.. كما يمكنك أن تعتبرها “لوحة شرف وتقدير” لكل الممثلين والفنانين الراحلين، لاسيما المغمورين منهم، للتذكير بهم وبدورهم في اسعادنا.

كما شارك الفنان “مجدي عبيد” في عدد من الأعمال التليفزيونية الهامة، مثل “بدون ذكر أسماء”.. “أبو العروسة ” و”أفراح القبة” وعدد من الأفلام، مثل “الكنز” و”يوم وليلة” و”مولانا”.