صحف تلجأ لتقليل الصفحات بدلًا من إيقاف الطباعة.. رؤساء تحرير وقيادات يتحدثون

عرفة محمد أحمد

لم تكن المؤسسات الصحفية المصرية بعيدةً عن التداعيات الخطيرة التي تسببت فيها أزمة انتشار فيروس كورونا عالميًا، فهذه الأزمة «الطاحنة» أجبرت جرائد على وقف الطباعة بشكلٍ مؤقتٍ، والاعتماد على منصاتها الإلكترونية، بجانب تقديم محتواها عن طريق طرح النسخ PDF، بينما اختارت جرائد أخرى الاستمرار في الصدور ورقيًا، ولكن مع تقليل عدد صفحاتها، بدلًا من التوقف.

ومن هذه الصحف: «البوابة نيوز»، «الدستور»، «الوطن»، «اليوم السابع»، والتى تراجع عدد صفحاتها لـ«8»، بينما أصبح عدد صفحات «البورصة» و«ديلى نيوز»، الصادرتان عن شركة «بيزنس ميديا جروب» 6 صفحات فقط، فضلًا عن أنّ صحفًا قومية قللت من الصفحات المخصصة للملاحق؛ بعد توقف الأنشطة التي تتناولها.

وتحدث رؤساء تحرير وقيادات ببعض الصحف لـ «إعلام دوت كوم» عن تحرك تقليل عدد الصفحات، سواء فى الإصدار الرئيسي، أو الملاحق المتخصصة، لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا.

قال عبد الرازق توفيق، رئيس تحرير جريدة «الجمهورية»، إنّ الأمور تسير بشكلٍ طبيعي، والجريدة عدد صفحاتها 16، وتقدم يوميًا وجبةً شاملةً في جميع القطاعات، كاشفًا عن تقليل عدد الصفحات الخاصة بالرياضة؛ نظرًا لتوقف الدوريات الرياضية المحلية والعالمية.

نرشح لك: صحف مصرية تُعلق إصدارها الورقي بسبب كورونا.. رؤساء التحرير يتحدثون

وأضاف «توفيق» في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ«إعلام دوت كوم»، أنه جرى تخفيض عدد الصفحات المخصصة للملحق التعليمي بـ«الجمهورية» من 4 صفحاتٍ لـ2، وأن هاتين الصفحتين مخصصتان لـ«المرحلة الثانوية» فقط.

وأكدّ رئيس تحرير «الجمهورية» أنّ الصحافة المطبوعة موجودةٌ في الشارع المصري، ولا يمكن الاستغناء عنها، وتؤدي دورها بقوةٍ في معركة الوعي، لا سيما في الأزمة الخاصة بفيروس كورونا، بدليل أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجّه الشكر لـ«الإعلام» ودوره في الأزمة الحالية.

فى سياق متصل، كشف دندراوى الهواري، رئيس التحرير التنفيذي لـ«اليوم السابع»، أن الصحيفة خفضت بالفعل عدد الصفحات منذ فترةٍ، خاصةً بعد التحذيرات الشديدة من إمكانية انتقال العدوى بفيروس كورونا من الورق، فضلًا عن ارتفاع أسعار هذا الورق حاليًا.

وأضاف «الهوارى» في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ«إعلام دوت كوم» أنّ الصحيفة ستعود كما كانت سابقًا في ما يخص عدد الصفحات، ولكن ننتظر تحسن الظروف الحالية، وانتهاء أزمة فيروس كورونا.

بدوره، أكد الزميل محمود الحضري، مدير عام التحرير في مؤسسة «البوابة نيوز»، أنّ القرار الخاص بتخفيض عدد الصفحات هو «إجراءٌ مؤقتٌ»، اتخذته عدة صحفٍ بعد أزمة فيروس كورونا.

وكشف «الحضري» في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ«إعلام دوت كوم» عن أنّ هناك أسباب كثيرة وراء هذا القرار، منها ما يتعلق بالصحة العامة، خاصة أنه ثُبت أن فيروس كورونا ينتقل من شخصٍ إلى آخر عن طريق الورق، وبسبب هذا الأمر أُجبرت دولٌ على إيقاف طباعة الصحف أصلًا مثل الأردن، بينما تطبع دول أخرى كمياتٍ محدودةً تصل «مُغلفةً» إلى المشتركين.

وأشار إلى الأسباب الاقتصادية وراء قرار تخفيض عدد الصفحات، ومنها ما يتعلق بقلة الورق الموجود في السوق، لاسيما أنه يُستورد من الخارج، فضلًا عن تراجع الإعلانات، وارتفاع التكاليف التي تتحملها المؤسسات الصحفية عمومًا للاستمرار في الصدور.

نرشح لك: هل تتوقف طباعة الصحف؟.. مجلس الوزراء يرد

وأكد مدير عام التحرير في مؤسسة «البوابة نيوز» أنّ هذا القرار مؤقتٌ، خاصة أنّ الصحافة الورقية ثابتةٌ وستظل موجودةً؛ لأنها وثيقةٌ مهمةٌ على الرغم من التطور الكبير في المواقع الإليكترونية.

وقال الزميل محمد بصل، مدير تحرير «الشروق»، إنّ الجريدة لم تخفض عدد صفحاتها، ولكن حدثت تغيراتٌ في ما يخص «تبويب» تلك الصفحات؛ ضاربًا المثل بـ«الرياضة»، وكان هذا القسم مخصصًا له صفحتين، واكتفت الجريدة بصفحةٍ واحدةٍ، في المقابل زادت الصفحات المخصصة لقسم الدولي أو الخارجي؛ بسبب أزمة فيروس كورونا.

وأضاف في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ«إعلام دوت كوم» أنّ صحيفة «الشروق» متاحةٌ أيضًا بطريقة pdf، والعمل يسير بانتظامٍ من ناحية الصدور، وعدد العمالة.

من ناحيته، قال حسين عبد ربه، رئيس تحرير جريدة «البورصة»، إنّ المؤسسة لجأت لعنصر تقليل عدد الصفحات كمحاولةٍ للتعامل مع الأزمة الحالية الخاصة بـ«فيروس كورونا»، والمحافظة على الإصدار الورقي في وقتٍ تزداد فيه المصروفات، وتقل الإيرادات.

وأضاف «عبد ربه» في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ«إعلام دوت كوم» أنّ هناك العديد من الفعاليات والمؤتمرات الاقتصادية والندوات أُلغيت، وأن هذه الفعاليات كانت من عناصر الدخل للصحيفة، وبالتالي نحاول الآن تقليل التكلفة بقدر الإمكان، مع مراجعة قرار تخفيض عدد الصفحات كل أسبوعين.

وطالب رئيس تحرير «البورصة» المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، التحرك لدعم جميع الصحف؛ قومية وخاصة وحزبية، لأن كل القطاعات تجد الآن من يساعدها ويساندها إلاّ الصحف الورقية.

إلى ذلك، قال الدكتور محمود علم الدين، الأستاذ في كلية الإعلام بـ«جامعة القاهرة»، وعضو الهيئة الوطنية للصحافة، إنّ لجوء الصحف لتقليل عدد صفحاتها «إجراءٌ اقتصاديٌ مؤقتٌ»؛ لتجاوز أزمة فيروس كورونا؛ خاصةً مع تطبيق الدولة بعض الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار الفيروس، والتي كان لها تأثير على مبيعات هذه الجرائد.

وأضاف «علم الدين» في تصريحٍ خاصٍ لـ«إعلام دوت كوم»، أنّ كثيرًا من المؤسسات والشركات توقف نشاطها حاليًا، وبالتالي تراجعت نسبة إعلاناتها المخصصة للصحف الورقية، لافتًا إلى أنّ هناك مصدر دخلٍ مهمٍ فقدته هذه المؤسسات الصحفية.

ويرى عضو الهيئة الوطنية للصحافة، أنّ الأزمة الحالية قد تكون فرصةً أمام جميع المؤسسات الصحفية، لمراجعة خططها التحريرية، وتقديم محتوى صحفي احترافي، تستطيع من خلاله هذه المؤسسات مواجهة طغيان مواقع «السوشيال ميديا»، معترفًا في الوقت نفسه بوجود معالجاتٍ جيدةٍ في بعض الصحف الورقية القومية والخاصة للقضايا المختلفة.

وبشأن تحرك الهيئة الوطنية للصحافة لدعم الصحف المستقلة والحزبية في هذه الأزمة حتى ولو «بشكلٍ استثنائي»، قال «علم الدين» إنّ ما يستطيع فعله في هذا الأمر، أنّ يوصل هذه الرسالة للهيئة.

نرشح لك: استطلاع: رأي القيادات الصحفية في تجميد “المطبوع” للوقاية من كورونا