محمد فتحي: فرح السيسي.. مين ينقَّط؟

“مصر قبل السيسي حمادة، وبعد السيسي حمادة تاني خالص”، يقول السائق العصبي الأسطى مليجي، متبعا عبارته بسعال متحشرج، تعقبه دوما بصقة في الفراغ الذي يزدحم فجأة، فترتطم بصاحب أو صاحبة النصيب الذين يلمحهم مليجي من المرآة، بعد أن يعبر بجوارهم بالتاكسي الأبيض ماركة “بي واى دي” أو (بيض)، كما يُسمِّيها، فيردف في خشوع: “سوري يا حاجة”.
منذ أكثر من عام لم أقابل مليجي، وكنت أقضي مشاويري القريبة بالبسكلتة عملا بنصيحة رئاسية مبكرة، كما أن مليجي نفسه نصحني في آخر مرة بالصبر على السيسي “سنتين يا باشا، هو قال كده مع الست الحلوة اللي عملت معاه حوار، وكان باصص في الأرض ساعتها”. كان يقصد حوار الرئيس مع الزميلة العزيزة زينة يازجي قبل توليه الرئاسة، ووعده بأن يشعر المواطن بتغيّر بعد عامين.

“أنا بس اللي بيستفزني إن البهوات أصحابك فاكرينه فرح ونازلين ينقّطوا”.

الطريقة “الملحة” لعرض “إنجازات” الرئيس السيسي خلال عام من رئاسته في وسائل الإعلام المختلفة تبدو مستفزة لدرجة تدعو مليجي إلى البصق ثانية، إذ يتجه البعض، بإرادته الحرة ومع سبق الإصرار والترصد، أو حتى بمحض محبة مبالغ فيها، لعودة عصر “اخترناه”، حيث الإنجازات، ثم الإنجازات، ثم الإنجازات، ثم “كله تمام يا ريس” و….

يقاطع مليجي استرسال أفكاري “الإنجازات بقت بتنزل من الحنفية يا باشا.. كل ما أحوِّل على قناة ألاقيهم بيقولوا نفس الكلام، وكأنهم متملِّيين”.

لم أرِد أن أقول للأسطى مليجي إن زملاءنا الإعلاميين لم يبذلوا أى جهد من أى نوع في اكتشاف الإنجازات، إذ أكدوا فعلا أنهم يعرضونها من واقع بيان المكتب الإعلامي للرئيس، ولم يقم أحدهم بمتابعة، بزيادة حرف، بعمل تحليل موضوعى لهذه الإنجازات لرؤية ما إذا كانت إنجازات بالفعل أم أنها تستحقّ المراجعة.

يقول مليجي: “هى بس المشكلة إنهم كان ناقص يحطوا له جناحين ويبقى ملاك”، سألت مليجي متخابثا: “تقصد إنه شيطان يا مليجي”، فرد: “لأ يا باشا ماتلبِّسناش في الغلط.. أقصد إنه بنى آدم، والبنى آدم يعمل حاجات صح وحاجات غلط، مش كله إنجازات يعني”. أطلق سبة لأحد التاكسيات التي كسرت عليه، ثم استطرد: “وحتى علشان هو بنى آدم لما يلاقي الدنيا طحينة كده قصاده هينزل يغمِّس، وممكن يتغر من كتر الطحينة دى”.

سألت مليجى: “أمال إيه اللي مش عاجبك؟!”، فردّ: “أنا دلوقتى مواطن يا باشا، وفى الشارع طول اليوم، وشايف مصارين البلد، فلما تقول لى قناة السويس الجديدة أقول لك حلو.. فين بقى منابى كمواطن؟ يا فرحتى بقناة سويس بتتعمل، والبلد مش قادرة تفتح محطة مترو”، أوضحت لمليجي أنهم سيعيدون فتح المحطة، فقاطعني مرة أخرى: “أنا راجل مواطن لى حقوق، عايز أعيش بكرامة، وألاقي لقمة عيشي، وعايز أعلِّم عيالي كويس، ولمَّا أعيى ألاقي مستشفى محترم يخفّفنى مش يموِّتني”.

كالمعتاد، مليجي يعطي للجميع درسا في ما يجب أن يتذكَّروه، وكأنه يعيد صياغة “عيش.. حرية.. كرامة إنسانية.. عدالة اجتماعية”، بأسلوب “ولاد البلد”، ومع ذلك يكمل مليجي “بس ما تقدرش تنكر برضه يا باشا إننا أحسن من السنة اللى فاتت.
الكهربا أحسن، واللبش اللى فى الشارع بقى أقل، والراجل بيشتغل، بس يخرَّج الناس اللى محبوسة ظلم بقى ويبقى كفاءة”.

لم نجد فى “إنجازات” السيد الرئيس أى كلام عن ملف حقوق الإنسان، الذى يتم “تجريس” مصر به حرفيا فى كل المحافل الدولية، كما أن وعده الخاص بالإفراج عن عديد من المحبوسين ظلما، معطَّل، ولربما ذهب أدراج الرياح، فمتى يذكره الرئيس؟ وهل يلتفت إلى الأمر في عامه الثاني؟

هناك حاجة أيضا لمراجعة وإصلاح “بيت العدالة” فى مصر، إصلاح من الداخل وحقيقى برغبة حقيقية ومخلصة، بعيدا عن أى هدم للقضاء المصرى، وبحثا عن شموخه حقا وصدقا لا تاريخا وبلاغة، كما أن “الداخلية” هى هى، وإلا لما اعتذر الرئيس نيابة عنهم للمحامين، فما بالك بمواطنين يبحثون عن اعتذارات مماثلة!!

حين وصلت كان “مليجى” يشكو من أن “الأفورة جابتنا ورا”، وكان يُقسِم إن “العدَّاد مش بايظ يا باشا، بس خراب بيوت ليك ولىّ.. هات خمسين جنيه”! وحين تركني مبتعدا كنت “أحسبن”.

نقلا عن “التحرير”

اقـرأ أيضًـا:

 محمد فتحي: اللي مايدورش عن الحق .. مالوش خير في مصر   

محمد فتحي : كيف تحتقر زياطين السوشيال ميديا بدون معلم ؟؟

 مذيعة تطالب بحذف مشهد ذبح قطة في مسلسل رمضاني   

 خناقة على الهواء في “الاتجاه المعاكس”   

القنوات المصرية: مؤتمر أفريقيا يتصدر وجريمة الأقصر تتراجع

5 أزمات متتالية.. ماذا يجري في الأهرام؟

عشان لو جه مايتفاجئش” .. نجح “الأصل” فظهرت “الفروع”

عمرو أديب: إيه المانع من الإفراج عن شباب الإخوان؟

.

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا