أحمد فرغلي رضوان يكتب: عيار ناري.. سينما خلط الأوراق!

ترددت كثيرا من أين أبدأ كتابة عن فيلم “عيار ناري” فنيا أم سياسيا ولكن وجدت الفيلم وأحداثه تدفعك دفعا بكل جوارحك نحو السياسة وأفكار صناع الفيلم، فالعمل بجميع تفاصيله منذ البداية يذكرنا بأحداث 25 يناير 2011 وتوابعها من موجات للتظاهر راح ضحيتها عدد كبير من القتلى كانت السبب الرئيسي لمحاكمة اركان النظام الحاكم وقتها وكانت التهمة “قتل المتظاهرين” والتي قيل عنها الكثير والكثير، وهنا يقدم الفيلم وجهة نظره وهي أن هناك خلط في الأمور قد حدث من خلال قصة الفيلم والتي تدور حول مقتل أحد الشباب “علاء” يقال إنه قُتل في مظاهرات “لاظوغلي” عن طريق القناصة ولكن نكتشف الحقيقة والتي تكون مختلفة ومفاجئة وكما يريد أن يقول الفيلم أن للحقيقة وجوه كثيرة! وبالطبع هنا ممكن أن نقول “كل لبيب بالإشارة يفهم”.

خلال السنوات الماضية وأثناء محاكمات أركان نظام “مبارك” التهمة الاساسية وجود قناصة أعلى مباني ميدان التحرير وهم من قتلوا مئات من المتظاهرين، الفيلم يأخذنا لنكتشف بعض ما حدث في مصلحة الطب الشرعي وتضارب تقاريرها حول أسباب الوفاة للمتظاهرين!، وهو ما أصاب كثيرا من الجمهور بصدمة، ولا نجاوز الحقيقة اذا قلنا ان الفيلم يتعرض لأكبر هجوم “سياسي وفكري” من جانب مؤيدي أحداث “ثورة” 25 يناير 2011 لاعتبار ان الفيلم يحمل “سوء نية” تجاه تفسير الأحداث خاصة قتل شباب بريء لا ذنب لهم نزلوا في مظاهرات سلمية.

الفيلم لا يمكن أن تفهم منه شيئا أخر بخلاف ذلك، كما يشير أن هناك كانت حوادث قتل لأشخاص بعيدة عن تلك الأحداث ونسبت للمظاهرات والصقت التهمة بالقناصة، فيما يعني أن هناك خلط في الأمور قد حدث في تلك الأحداث الكثيرة وما تردد حينها عن وجود حالات قتل تم الزج بها بين المتظاهرين للفوز بشقة أو معاش من الدولة، وممكن القول أنه تم ضبط حالات مثل تلك فالحالة العامة للدولة كانت مرتبكة ومن يستطيع الفوز بشيء كان يفعل دون تردد.

فيلم “عيار ناري” على مستوى السيناريو الذي كتبه هيثم دبور، اعتمد على الغموض والألغاز والتي تنتهي لصدمة لدى المشاهدين فكل ذلك الغموض “الكبير” يكون بسبب “خناقة” على الميراث! بداية الأحداث كانت جيدة وبها قدر من التشويق، ولكن بعد ذلك كان السيناريو ضعيفا في سرد الأحداث بارتباك واضح رغم أنه يحمل شخصيات درامية تصنع حكايات جيدة ولكنه لم يحدث لأنه كان يبحث عن تفسير وجهة نظره فيما حدث فقط! مثلا مشهد الدكتور ياسين وهو يواجه خالد شقيق القتيل بمحل الموبايل غير مقنع وبه جرأة من الطبيب “كما لو كأنه ضابط مباحث” مقابل سلبية في ردة فعل القاتل. أيضا النهاية المتعجلة واعتراف الأم على ابنها بكل سهولة لأشخاص غرباء بارتكابه جريمة القتل! وتعامل أهل الحارة مع “الحادث”. هناك سذاجة في سرد جزء من الأحداث بعضها غير منطقي وكان يحتاج لمجهود أكثر من صناع الفيلم لحبكته، عنصر التصوير واختيار الاماكن الطبيعية للأحداث في وسط البلد كان موفقا جدا من المخرج الشاب كريم الشناوي والذي نجح في تقديم نفسه واستعرض في أكثر من مشهد إمكانياته.

التمثيل كان جيدا وخاصة عارفه عبد الرسول ومحمد ممدوح بينما أحمد الفيشاوي أقل من مستواه بكليشيه مكرر للشخص المهزوم والذي يريد أن يهرب من واقعه “بالخمر والسكر” ومشاهد مبالغة مثل أن يمسك بزجاجة الخمر بينما يقف أمام الجثة ليشرحها!! فظهر بلا مصداقية في أداءه، ولو قارنا أداء شخصية الطبيب “السكير” في الفيل الأزرق بعيار ناري تميل الكفة لصالح كريم عبدالعزيز، ويبدو أن المخرج تركه يجتهد في تفاصيل الشخصية كما يشاء، أما روبي في شخصية “الصحفية” فكان حضورها متوسطا فنيا وأقل من موهبتها كممثلة ولم تقدم مشاهد تتذكرها.

وأسماء أبواليزيد ايصا قدمت أداء جيد وتثبت نفسها كممثلة موهوبة، وهنا كدت أن انسى في الفيلم الممثل أحمد مالك والذي ظهر في مشاهد محدودة قدم خلالها أداء متواضع جدا وربما أصابه الغرور من كثرة المدح عن موهبته! وعليه الانتباه.

فيلم “عيار ناري” حتى توقيت ظهوره تأخر كثيرا ولذلك استقبال الجمهور غير كبير فكأنك تشاهد فيلم وثائقي “قديم”، انشغل بأفكار صناعه على حساب الدراما وشخصياتها ممكن أن نقول إنها سينما خلط الأوراق! والمهم أن يقول “كل حاجة ليها وشين أو أكتر” الجملة التي جاءت على لسان أحد الممثلين في الفيلم! والذي يجسد شخصية وزير متهم بالفساد، أو في جملة أخرى “إن اللي قاعد على الكرسي لا يعتمد على اللي حواليه لأنهم هم اللي بيودوه في داهية”!؟.

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: دمشق حلب.. يحقق حلم دريد لحام

نقدم لك|أبرز 7 تصريحات مثيرة للجدل للكاتب يوسف زيدان