كيف غير الفيلم الوثائقي "ماكوين" النظرة لعروض الأزياء؟

نورا مجدي

حينما تقلب التلفاز فتشاهد عرضًا للأزياء، غالبا ما يدور برأسك هذا السؤال: “من قد يدفع نقودًا لشراء تلك الأزياء التي لا يمكن ارتداؤها؟”، وجدت الإجابة على هذا السؤال بالفيلم البريطاني الوثائقي “ماكوين”، الذي غيّر نظرتي تماما وقد يغير نظرتك أيضا عن مصممي وعروض الأزياء.

“ماكوين” ذلك الشاب السمين الذي عكس ولعه بالملابس العاصفة التي كانت تدور بداخله ليخرج تلك العاصفة على هيئة عروض مختلفة صنعت منه مصممًا فريدًا.

يدور الفيلم الوثائقي الذي عُرض بمهرجان الجونة السينمائي بدورته الثانية حول قصة حياة “أليكساندر لي ماكوين” الشاب البريطاني السمين الذي لا يشبه مصممي الأزياء في إطلالاتهم، وكيف خاض رحلة نجاح قدم خلالها العديد من العروض المختلفة والناجحة إلى أن يقرر في النهاية إنهاء حياته بنفسه.

استطاع الفيلم أن يعكس الصورة الأخرى من عروض الأزياء والتي انفرد بها ماكوين، حيث بدأ بعروض ذات إمكانيات وخامات بسيطة فكان يصنع الملابس من أي شئ قد يقع عليه عينيه حتى أنه قدم عروضا بفساتين لا يتخطي تكلفة الواحد منها 10 دولارات ليجني بعد ذلك الملايين بسبب أفكاره الفريدة وطريقته المثيرة في العرض.

“الحياة الشخصية لماكوين”

كان ماكوين رجل يتجنب الأضواء ورفض معظم المقابلات رغم أنه ساهم في إنعاش صناعة الازياء في لندن بعد فترة من الكساد، لكنه كان قليل الظهور، وعلى عكس العديد من مصممي الأزياء كان له مظهر مختلف حتى رغم محاولاته في التغيير من شكله وطريقة ملابسه إلا أن صورة الشاب البريطاني الممتلئ ظلت تلاحقه

تطرق الفيلم الوثائقي لحياة ماكوين بصورة كبيرة حيث احتوى على العديد من اللقاءات مع الأصدقاء والمقربين من “ماكوين” والذين شاركوا برواياتهم عنه ذكريات قديمة أوضحت الجانب الخفي من حياة مصمم الأزياء العالمي أليكساندر ماكوين.

“فن صناعة العروض”

غالبا ما تتشابه معظم عروض الأزياء في الطريقة والأسلوب الذي يكاد يكون موحدًا رغم اختلاف المصممين لكن “ماكوين” اهتم بفكرة (صناعة العروض) نفسها إضافة إلى اهتمامه بالملابس والخامات، حيث امتلك القدرة على سرد الحكايات فأخرج عروضا أشبه باللوحات الفنية، فعروضه لم تكن لعرض الملابس فقط وأحيانا كان يصنع عروضا تؤدي للصدمة والانزعاج فكان شاغله الأكبر ألا يخرج المتفرج بنفس المشاعر التي دخل العرض بها، فمنح ملابسه بُعدًا أكبر من مجرد عرضا للأزياء على منصه.

أطلق “ماكوين” عدة أسماء على عروضه التي تتبلور حولها العديد من الأفكار مثل “وحشية الجمال” أو “اغتصاب هايلاند” الذي كان من أوائل عروضه والأكثر جدلية حيث منحه لقب مشاغب الموضة، كذلك عرض “ربيع وصيف” وهو العرض الأبرز لماكوين عام 2001 والذي تضمن عارضة أزياء عارية تماما تجلس على أريكة ضمن صندوق زجاجي شفاف مليئ بالفراشات وترتدي قناعا للغاز ومع بداية العرض فتحت جدران الصندوق الزجاجي لتطير منه الفراشات.

“الاكتئاب.. الطريق إلى النهاية”

عرض الفيلم أيضًا كيف كانت نهاية مصمم الأزياء الشهير الذي تمكن من الفوز بلقب أحسن مصمم أزياء في بريطانيا لأربعة أعوام بالإضافة لجائزة أحسن مصمم عالمي، كما أوضح ماذا قال المقربون منه عن تقلباته المزاجية في سنواته الأخيرة، وفكرة تخطيطه للانتحار في نهاية أحد عروض أزيائه لكنه عدل عنها لينهي حياته بطريقة تقليدية بعيدا عن الأنظار.

 

كان “ماكوين” يعمل على تشكيلته الجديد  لخريف/شتاء 2010 والتى قام بانهاء 80 % منها، حتى فوجئ العالم بانتحار “ماكوين” حيث وُجد في منزله مشنوقا صباح يوم 11 فبراير 2010.

البعض رأى أن الانتحار كان نتيجة للاكتئاب الذي مر به ماكوين بعد وفاة والدته بالسرطان قبل وفاته بتسعة أيام فقط، حيث أكد المقربون أن حالته النفسية لم تكن جيدة وكان يتعاطى المخدرات بكثرة.

بينما قال البعض الآخر إن اكتئاب ماكوين يمتد لسنوات حينما توفت صديقته المقربة إيزابيلا بلو في عام 2007 كانت هناك شائعات بأن علاقة المصمم بها لم تكن على ما يرام، بل هناك من قال إنها كانت مصدومة فيه لأنه أدار لها ظهره، وهو الأمر الذي نفاه بشدة، وأثر عليه في الوقت ذاته، وأهدى ماكوين تشكيلته لربيع وصيف 2008 لذكراها، ويقول المقربون منه إنه لم يفق من صدمة انتحارها طوال هذه السنوات.