كواليس صناعة فيلم "عيار ناري"

يعرض فيلم “عيار ناري” للمرة الأولى في مهرجان الجونة على هامش المهرجان في العروض غير المشاركة في المسابقة الرسمية، الفيلم الذي يرفع شعار “كل حاجة ليها وشين.. وساعات أكتر” يخرجه كريم الشناوي وكتبه هيثم دبور وتدور احداثه في جريمة قتل غامضة ضحيتها شاب تصدم أبطال الفيلم حول مفهوم الحياة.

نرشح لك: قصة ابن حارس العقار الذي تحول لبطل سينمائي في “يوم الدين”

ملخص طويل

في اشتباكات لاظوغلي.. تصل جثث الضحايا إلى المشرحة وبينها جثة علاء أبو زيد، يقوم بتشريحها طبيب سكير يعاني من مشكلات عائلية ليثير بتقريره جدلا بل هوسا شعبيا وإعلاميا، وتطاله الاتهامات السياسية والأخلاقية. يبدأ الطبيب رحلته بمعاونة صحفية متحمسة لإثبات صحة تقريره حيث يتغير مفهومهما عن معنى الحقيقة واليقين وما يؤمنان به من مبادئ ومعتقدات، ويضعهما أمام معضلة أكبر تحتاج إلى اتخاذ قرار.

صناعة الفيلم

رحلة طويلة قطعها صناع “عيار ناري” قبل تصويره، بدأت الرحلة في 2012 حين عرض مؤلف الفيلم هيثم دبور الفكرة على المخرج كريم الشناوي والذي تحمس لها ليبدأ “الشناوي” و”دبور” أول تعاون بينهما في فيلم روائي طويل، حيث سبق أن تعاونا معا في عدة أفلام تسجيلية وروائية قصيرة، من ضمنها الفيلم القصير “فردي” الذي شارك في عدة مهرجانات دولية.

ويقول “الشناوي” “تعاونت مع دبور في مشاريع عديدة، وبدأنا التحضير لـ(عيار ناري) في 2012 حيث صاغ دبور أول مسودة في ذلك الوقت، ثم التحقنا بعدة ورش تطوير حتى وصلنا إلى النسخة الأخيرة من سيناريو الفيلم، والتي تم تصويرها في 2017”.

ويوضح “الشناوي” أنه كان يركز في البداية على القصة بشكل أساسي، وأنه خلال مرحلة التطوير كان يستند إلى السيناريو لكي يتخيل الصورة وينقلها لـ”دبور” من أجل توحيد الرؤية ودمج الصورة مع الكتابة، لافتا إلى أن وجود رؤية مشتركة واضحة ساعد على تطوير السيناريو من خلال تقديمه لجهات مانحة.

ويشير “دبور” إلى أن مرحلة كتابة مسودات السيناريو شهدت تطوير بناء بكل شخصية وعلاقاتها مع الشخصيات الأخرى وبناء دوافعها، مضيفا أنه بعد الاطمئنان على الحبكة وبناء الشخصيات، ركز في النسخة التالية من السيناريو على تطوير الحوار فقط، ويؤكد “دبور” أنه رغم تعدد النسخ المكتوبة فإن الأساس الذي لم يتغير من النسخة الأولى حتى الأخيرة هو القصة الأصلية والحبكة الرئيسية، موضحا أن “عيار ناري” ليس فيلم جريمة بل فيلم يعتمد على الشخصيات وداوفعها التي تجعل المشاهد يتخيل نفسه مكان كل شخصية، ويفكر في أفعاله وجدواها وما إذا كان مصيبا أو مخطئا.

ويري “الشناوي” أن صعوبة تقديم فيلم كـ”عيار ناري” هي أنه ينتمي إلى تصنيف أو genre غير منتشرة بصورة كبيرة ولا يتم تقديمها كثيرا في السوق المصري، ومن ثم وضع أمام عينيه هدفا واضحا هو تقديم فيلما سهل الهضم والفهم للمشاهد دون أن يكون معقداً أو نخبويا، مع الحفاظ على طبقات التلقي أو القراءات المتعددة للفيلم منذ بداية كتابته حتى خروجه للنور، وفي نفس الوقت اهتم بالحفاظ على مساحات التشويق والمتعة في العمل، وهو ما يتطلب الاهتمام بأدق التفاصيل في العناصر الأخرى للعمل غير الكتابة والتصوير، مثل الديكور والملابس، بالإضافة إلى التأكد من فهم الممثلين للفيلم وأبعاده بصورة جيدة.

ويشير “دبور” إلى أنه دخل برفقة كريم الشناوي في معسكر مغلق لمدة 3 أسابيع لمناقشة النسخة الأخيرة من السيناريو قبل تصويرها، خاصة أن الفيلم من تلك النوعية التي يصعب فيها ترك حرية الارتجال للممثلين، حتى لا يؤثر هذا الارتجال سلبا على خطوط الفيلم أو الحبكة، وأن حجم التعديلات كانت طفيفة في هذه المرحلة لاتفاقهما على كافة التفاصيل في مراحل الكتابة السابقة، مؤكدا أن من مميزات العمل مع “الشناوي” هو وجود صورة كاملة للفيلم بالألوان والأجواء والموسيقى على الورق قبل البدء في التصوير.

وعن خلو الفيلم من أي خطوط رومانسية، يوضح “الشناوي” أنه وهيثم لم يتحمسا للفكرة التي طُرحت عليهما، لأنها ستبدو تقليدية للغاية، موضحاً أن الفيلم لا يبحث عن القاتل بل يبحث بشكل أكبر عن حقيقة ما حدث، وهو السؤال الذي تواجهه الشخصيات طوال أحداث الفيلم ويغير مفهومهم عن فكرة الحقيقة، ويتابع “الشناوي” أن الفيلم مبني على جريمة قتل لكنه بالأساس يستعرض حياة هؤلاء البشر بدوافعهم ومخاوفهم ما يخلق حالة من التوتر لدى المشاهد الذي يحاول استقراء الشخصيات، وتوقع وما ستفعله في الخطوة التالية.

ويعترف “الشناوي” أنه قلق من رد فعل الجمهور، خاصة أنه فيلمه الروائي الأول، مضيفاً أن رؤية الفيلم للقضية التي يناقشها لا تدعم معسكرا بعينه، بل يشتبك مع كافة الاتجاهات، متابعا أنه متحمس لما سيخلقه “عيار ناري” من حالة نقاش، وأنه يتوقع بعض الاعتراضات أيضا عليه، ويتفق معه “دبور” في أن الفيلم سيكون له قراءات مختلفة مع مرور الوقت، فمشاهدته في الوقت الحاضر لن تشبه مشاهدته بعد سنة أو سنتين وحتى 10 سنوات، فكل مرة سيكون لدى المشاهد انطباعات مختلفة.

مشاهد مميزة

يشيد المخرج كريم الشناوي بالتعاون بين الأقسام الفنية في الفيلم، مشيرا إلى أنه كان هناك تفاهم كبير مع مدير التصوير عبدالسلام موسى ومهندس الديكور علي حسام، وكان الاتفاق منذ البداية على أن الفيلم حقيقي وواقعي، وبالتالي راعى مهندس الديكور هذه الواقعية في تصميمه، كما تغلب “حسام” بمهارة على مشاكل محدودية المساحة المتاحة، واعتمد أيضا على “باليتة” ألوان محددة في كافة المشاهد.

المشرحة

ويقول “الشناوي” إنه تم بناء ديكور مشابه تماما لمشرحة زينهم، وأن فريق العمل أراد ابتكار شكلا لخيالات البطل في بعض المشاهد، توصل إليها من خلال النقاشات بينه وبين مدير التصوير، الذي يوضح أن فريق عمل الفيلم زار مشرحة زينهم في الحقيقة، لكن نظرا لصعوبة التصوير في مشرحة حقيقية، تقرر بنائها في الجامعة العمالية مع إضافة تعديلات لجعل المشاهد غنية.

المحجر

مشهد المحجر أيضا من المشاهد المميزة في “عيار ناري”، ويوضح “الشناوي” أنه اختار محجرا بالمنيا لأنه يحقق الصورة التي يرغب فيها وتخيلها بالفعل، كما أنه يخلق توترا للمشاهد وهو مسرح مناسب لبعض أحداث الفيلم، ويضيف “الشناوي” أنه كان هناك مقاومة أو تردد من جانب فريق العمل للتصوير في المنيا لعدم فهمهم الحاجة للسفر بعيداً عن القاهرة، وفي منطقة منعزلة أقرب فندق يبعد عنها 4 ساعات، لكن كل من شاهد صور المكان اقتنع بمميزاته، ويؤكد “الشناوي” أن محمد ممدوح وروبي تحمسا للتصوير في منطقة المحجر فور رؤيتها، وقد استغرق التصوير هناك يوما كاملا، وأردف أنه بفضل فريق الإنتاج بقيادة أحمد يوسف كان كل شيء جاهزاً ومعدا ومر اليوم دون أي أزمات. ويقول “الشناوي” “في النهاية يمكن إيجاد مواقع تصوير بسهولة ودون أي مغامرة، لكن عندما ترغب في صناعة عمل مختلف لابد من بذل جهد مضاعف، وعندما ترى سعادة المشاهد بالنتيجة ستتأكد أن الأمر يستحق”.

اللقطات الواسعة

يتضمن الفيلم العديد من اللقطات الواسعة long shots، ورغم صعوبة تصوير هذه اللقطات، يصر كريم الشناوي على استخدامها ويوضح ذلك بقوله إن القاهرة مدينة شديدة الزحام وعادة ما يتم رصدها بعدسات ضيقة، وقليلاً ما ترصدها عدسة واسعة رغم كونها مدينة مثيرة للاهتمام، وهو ما ظهر في مشهد تخيل الدكتور ياسين للجرائم وانتقاله من المشرحة إلى مسرح الجريمة الأولى في لقطة واحدة، وهو ما حدث أيضا في مسرح الجريمة الثانية ومشهد النهاية، ويوضح مهندس الديكور على حسام، أن تنفيذ مشاهد الفيلم تطلب جهدا كبيرا وأنه وضع نفسه أمام تحدي تحقيق الاتساق بين مواقع التصوير سواء المشرحة، صالة التحرير، الحواري وبيوت الأبطال، مع ضمان خلق إيقاع واحد طوال أحداث الفيلم.

ويضيف مدير التصوير عبد السلام موسى أن مشاهد اللقطة الواحدة الطويلة كانت صعبة نظرا لضيق الحارة، لذلك تم تنفيذ بروفة كاملة لمشاهد الحارة بحركة الكاميرا ودراسة كيفية تقليل مدة المشهد والتفاصيل الخاصة بتغيير الديكور والإضاءة والملابس الخاصة بالممثلين، مشيرا إلى أنه من أجل ضمان عدم وجود أخطاء “راكور” تم تصوير مشهد البداية ثم مشهد النهاية بغرض فهم المساحة التي تتحرك فيها الكاميرا، خصوصا مع وجود عدد كبير من الممثلين في مشهد واحد، وكل فرد يقوم بأكثر من حركة وقد استغرق ذلك وقتًا طويلاً وإرهاقا للمصور نديم جورج.

الملابس

عامل الملابس كان بارزاً في فيلم “عيار ناري” والذي أشرفت عليه ناهد نصر الله، وأوضحت “نصرالله” أن أول فكرة خطرت لها بعد قراءة السيناريو هي ضرورة أن تكون الملابس واقعية وحقيقية لتتناسب مع طبيعة الفيلم، حتى تصبح قريبة من المشاهد. وأشارت “نصرالله” إلى أن الوصول للشكل النهائي لملابس وهيئة الشخصيات استغرق الكثير من المناقشات بينها وبين مخرج الفيلم. وتشرح “نصرالله” “على سبيل المثال أن الدكتور ياسين (أحمد الفيشاوي) من أسرة ميسورة الحال، صحيح هو سكير، لكن هذا لا يعني أن يظهر بالشكل المتعارف عليه مرتديا ملابس غير مهندمة، بل على العكس ملابسه متسقة مع دوره دون مبالغة، فهو شخص شديد التركيز في عمله وناجح، أما شخصية خالد (محمد ممدوح) فكان ضروريا أن يتم تحديد مهنته التي لم تكن واضحة في القراءة الأولى للسيناريو، وهو يعمل في محجر وبالتالي صممت ملابسه بشكل ملائم لعمله، كما تؤثر طبيعة شخصيته طوال الفيلم والإحساس بالذنب المسيطر عليه على عدم تأنقه أو الاهتمام بملابسه، وهو يعاني من صراع حاد في المشاعر لأنه فقد أخيه وسيتزوج خطيبته الحامل، أما شخصية سلمى (أسماء أبو اليزيد) كان من الضروري أن توضح ملابسها أنها فتاة أعطت حبيبها أهم ما تملك عن حب وليس لأنها منحرفة، ودائما ما يبدو عليها الحزن وقليلاً ما تظهر الألوان في ملابسها، وبالتالي كان لابد من مراعاة ذلك في ملابسها وهيئتها، أما شخصية سيدات (عارفة عبد الرسول) فلابد أن توضح ملابسها أنها سيدة شهدت حادثا مؤلما وفي نفس الوقت لديها إحساس أنها مسؤولة عن هذا الحادث، وقد استوحيتها من الطباع الصعيدية، فهي ترتدي الأسود طوال الوقت لإحساسها أن ما حدث لها كان أقسي من مجرد شخص فقد ابنه في حادث موت طبيعي.

اختيار أبطال الفيلم

يوضح المخرج كريم الشناوي أنه عمل على اختيار الممثلين المناسبين لكل دور، مع النظر إلى مدى قدرة كل منهم على أن يضيف للشخصية، وربما ما أضاف بشكل كبير للفيلم هو الجمع بين الممثلين أصحاب الخبرة والوجوه الجديدة، مضيفاً أن جلساته مع الممثلين لم تكن لقراءة النص بقدر الحديث عن كل شخصية وأبعادها وخفاياها، حتى يستطيع كل منهم استيعاب شخصيته بشكل كامل، مع التشديد على عدم التدخل في أسلوب تمثيل كل ممثل، بل تركهم لتقديم ناتج استيعابهم للشخصيات أمام الكاميرا وهو ما أدى لنتائج ممتازة ظهرت في الصورة النهائية للفيلم.

دكتور ياسين – احمد الفيشاوي

طبيب تشريح يعمل في مشرحة زينهم، من أسرة ثرية ووالده وزير سابق متهم في قضية فساد ما يجعل ياسين يتهرب منه ويلجأ للعمل في المشرحة، حيث يستهدف حل ألغاز حوادث القتل من خلال الجثث التي تصل إلى المشرحة، ورغم ذكاؤه وقدرته على حل أعقد الجرائم فإن فضيحة والده تجعله في حالة صراع دائم مع نفسه، ويؤدي تقريره عن سبب وفاة أحد ضحايا اشتباكات لاظوغلي، إلى توجيه اتهامات أخلاقية وسياسية له، وخلال بحثه عن الحقيقة يكتشف أن هناك أكثر من وجه لها، ومن ثم عليه أن يدرك كافة جوانب الحقيقة قبل أن يتخذ قراره الذي سيتحدد على أساسه مصير العديد من الأشخاص.

مها – روبي

صحفية شابة، تحاول تحقيق مجدها الصحفي من خلال تتبع الحقيقة والتعاون مع طبيب التشريح لإثبات صحة تقريره الذي نشرته في جريدتها عن وفاة أحد ضحايا الاشتباكات وتم تكذيبه، ما يتسبب ذلك في تشويه مصداقيتها كصحفية، ومن خلال رحلتهما معا، يتغير مفهومها عن معنى الحقيقة والصحافة وتدرك أن الحقيقة ليست دائماً ما تراه أمامها واضحاً.

خالد – محمد ممدوح

شاب شريف يعمل في محجر، تدفعه الظروف إلى قتل أخيه علاء دفاعاً عن والدته بعدها شاهده يحاول الاعتداء عليها ويضطر إلى الادعاء أنه قتل في اشتباكات لاظوغلي لحماية سمعة أخيه، بعد وفاته تزوج من خطيبة أخيه الحامل لكنه يجد نفسه في صراع نفسي خاصة مع تلقيه منح ومساعدات باعتباره أخ لشهيد ومطاردة دكتور ياسين ومها له لكشف حقيقة ما حدث.

سيدات (أم علاء) – عارفة عبد الرسول

أم فقيرة لا تملك سوى ولديها خالد وعلاء، تحاول دائما حماية أبنائها وتصاب بصدمة نفسية بعدما يتعرض ابنها الأصغر للقتل وفي نفس الوقت تحاول حماية ابنها الأكبر خالد وهو كل ما تبقى لها، وتضطر للانعزال في منزلها خوفاً من كشف الحقيقة إلا أن مطاردة دكتور ياسين ومها تضطرها للخروج إلى العلن.

سلمى – اسماء ابو اليزيد

خطيبة علاء، شابة تتميز بعديد من الجوانب الإنسانية والنفسية ورغم الضعف الظاهر عليها فإن ردود أفعالها تكشف عن قوة شخصيتها. تجد سلمى نفسها في صراع بين الكشف عن حقيقة مقتل خطيبها علاء وبين شعورها بالامتنان لأخيه خالد وخوفها من الفضيحة خاصة مع محاولات الدكتور ياسين كشف حقيقة ما حدث.

علاء – احمد مالك

شاب صغير يتعرض للقتل خلال اشتباكات لاظوغلي، وتشير كافة أقوال أهل الحارة إلى كونه شابا جيدا يحظى بحب الجميع إلا أن الحقيقة مختلفة تماماً.

10 معلومات عن مهرجان الجونة السينمائي

هنا مهرجان الجونة 2018