أبرز 20 صورة من منزل خيري شلبي

شيماء خميس

لم أحظ يومًا بشرف مقابلة الكاتب الكبير صاحب القلم المتميز خيري شلبي ، إلا أنه أتُيحت لي فرصة الذهاب إلى منزله أثناء التجهيز لملف خاص عن “شيخ الحكائين“، يقوم بإعداده إعلام دوت أورج، ومن خلال السطور التالية سأحاول أن أنقل بعض التفاصيل الصغيرة التي تملأ أركان المكان.

هناك في أحد عمارات حي المعادي الهادئ، عاش الكاتب الكبير خيري شلبي سنوات عمره، وبمجرد دخولك لهذا المكان الذي يتسم بالأناقة والبساطة في آنٍ واحد، تشعر بألفة غريبة كأنك زرت هذا المنزل كثيرا من قبل.

كل تفصيلة في المكان تؤكد على كلام أسرة الكاتب أن شيئاً لم يتغير منذ وفاته، انظر إلى يمينك ستجد مكتبة كبيرة تملأ الحائط بطوله وعرضه، عامرة بكل أنواع الكتب، وتضم بين رفوفها أعظم الكُتاب والمؤلفين، ولن تكون مبالغًا إذا وصفت لأحدهم يومًا أن منزل خيري شلبي هو عبارة عن مكتبة كبيرة يتخللها بعض الأثاث، فأكثر ما تلاحظه أن الكتب في كل مكان وكل رف وكل زاوية من زوايا المنزل، وأكثر الكتب الموجودة بالمكتبة هي موسوعات ومجلدات في المجالات كافة.

انتظر قليلاً لا تدع انبهارك بهذا الكم المهول من الكتب المهمة يجعلك لا تنتبه إلى الكرسي الذي كان يستخدمه عندما يشعر بالتعب من الجلوس على المكتب لتورم قدميه بسبب الأملاح، وهو كرسي من الجلد الأسود له جزء يتم فتحه لراحة القدمين مغطى بغطاء من الصوف الأخضر كان يلتف به كاتبنا من برد الشتاء، وستجد أيضاً وسادة صغيرة كان يضعها خلفه.

لا تجعل المكتبة العظيمة تأسر انتباهك، وانظر على يسارك قليلاً جهة الحائط المقابل ستجد دولابًا كبيرا يحتوي بداخله الكثير من الجوائز التي حصل عليها كاتبنا العظيم، وكذلك شهادات التقدير المعلقة على الحوائط.

في طريقك ستجد على يمينك داخل مكتبته الكبيرة بعض الصور لأبنائه وأحفاده وصورة لابنه الأستاذ زين خيري مع الكاتب محمد حسنين هيكل وهو من أعز أصدقاء الكاتب خيري شلبي وظل يسأل عن صحته حتى وفاته.

انتظر لحظة وارفع بصرك بجوار المكتبة ستجد بروازًا معلقا على الحائط عبارة عن ورقة صفراء قديمة، واقترب لتقرأ السطور المكتوبة وستجدها أربع أبيات شعرية

البِشر أقبل برهانا على الخير
وكوكب الصبح يهدينا إلى الفجرِ
ونجمة العصرِ لنا أن علت سطعت
فكان من نورها مولودنا خيري

عندما تنتهي من قراءة السطور الأربعة ستجد عيناك تتسع، بعد أن تقرأ أن السطور مذيلة بتوقيع الشاعر العظيم حافظ إبراهيم، صديق والده، وقد كتب هذه السطور يوم مولد كاتبنا الكبير خيري شلبي.

في نهاية “الريسبشن” عند مدخل البلكونة ستجد على يسارك “برافان”. اقترب قليلاً لتتخطاه وستجد نفسك في حضرة مكتب الكاتب الكبير خيري شلبي. نعم إنه ذلك المكتب الذي قضى بداخله سنوات طويلة من عمره يقرأ ويكتب. لا تنسى أن تقرأ له الفاتحة.

أطلق لنظرك العنان وتجول بين كل تفاصيل المكتب وانظر للوجوه التي سيُخيل إليك للحظات أنها حية تنبض، فكل منها جزء من تكوين خيري شلبي، ورسم عنهم بسطوره العظيمة بورتريها يخلد سيرتهم ويقدم لهم جزءا من فضلٍ شعر أنه مَدين لكل منهم به، ثم قام بتعليق صورهم بنفسه في جوانب مكتبه. ستبدأ بوجه الكاتب الكبير يحيي حقي أقرب أصدقاء كاتبنا لقلبه معلقاً داخل برواز به شروخ وكأنه اعتراض زجاجي على فراق من علقه يوما على الحائط، وكذلك الكاتب نجيب محفوظ ومطربته المحببة لقلبه ليلى مراد التي كان يرى أنها صوت لن يتكرر مرة أخرى، وهنا صورة لأحد شعرائه المقربين صلاح جاهين، وكذلك بعض الصور الفوتوغرافية للكاتب خيري شلبي والصور المرسومة من محبينه، وتلك الصورة المعلقة على الزجاج قد رسمها أحد أحفاده.

عندما تنتهي من الاستمتاع بكل هذه البورتريهات، اقترب قليلاً، ستجد نظارته وساعاته وبعض الأغراض التي وضعها لتوفير أقصى سبل الراحة وقت القراءة والكتابة.

أمسك دموعك واربط على قلبك قبل أن تنظر هُنا على سطح المكتب وتجد بضعة أوراق مثبتة على لوح خشبي بكلبسات مكتبية ومشابك غسيل في محاولة لضبط وضعية الكتابة، واقترب أكثر تجد مقالا لمجلة “الوفد”، وهو المقال الأخير الذي شرع في كتابته كاتبنا الكبير خيري شلبي ولم يُكتب له أن ينتهي منه، تلك الليلة التي مكث يكتب حتى مطلع الفجر ووضع قلمه ليستريح قليلاً ويستأنف المقال في الصباح، إلا أنها كانت الليلة الأخيرة، وظلت الأوراق والقلم واللوحة الخشبية والمشابك والفوطة كما وضعها لم تتحرك لتشهد لكل من يدخل هذا المحراب أن هُنا عاش كاتب عظيم.