شريف البنداري ناعيًا ياسر المصري: كان مثالا للتفاني وتألق في شخصية عبد الناصر

محمد عبد الرحمن

روى المخرج شريف البندري لـ إعلام دوت أورج، التفاصيل الكاملة لاشتراك الفنان الأردني الراحل ياسر المصري في مسلسل “الجماعة 2” بدور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
أكد البنداري أن ياسر المصري كان الخيار الأول له في الدور، عقب ترشيحه من أحمد تمام الـcasting director بالمسلسل، ومراجعة لأدواره السابقة.
أوضح أنه بعدها التقى بياسر المصري للمرة الأولى، وأكد له اختياره لتقديم شخصية جمال عبد الناصر في المسلسل، ليطلب منه المصري مهلة 6 شهور ليقوم بالاستعداد للدور، وهو الأمر الذي لم يكن متاح لقصر الفترة بين التحضيرات وبدء تصوير المسلسل، ليتم الاعتذار لياسر المصري.

تابع مخرج مسلسل “الجماعة 2″، أنه اختبر أكثر من ممثل في الدور، لكنه لم يقتنع بما قدموه، سواء على مستوى الأداء،أو مستوى ماكياج الشخصية، الذي كان يتولى مسئوليته الماكيير الشهير؛ محمد عبد الحميد، وهو الأمر الذي اضطر البنداري للعودة مرة أخرى إلى اختياره الأول، ياسر المصري، وطلب منه تقليص فترة التحضير من 6 شهور إلى شهرين، مع تكثيف البروفات، التي حضرها الماكيير محمد عبد الحميد، لأنه كان يحتاج أن يتأكد أن الممثل صالح للدور من ناحية الشكل والأداء، وهوالأمر الذي كان يتوافر في ياسر المصري، حيث كان يمتلك في الحقيقة درجة شبه كبيرة بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

أضاف أنه استعان بمصحح لكنة ليساعد ياسر المصري على اتقان اللهجة المصرية، كما سجل أحد المخرجين المساعدين حوار الشخصية بالكامل، ليستمع إليه ياسر المصري ويستعين به كمرجع للهجة المصرية، وخلال الشهر الأول للتصوير، تم تصوير المشاهد البسيطة، غير المجهدة، لكي يبدأ المصري الاندماج في الشخصية.
اعترف شريف البنداري أنه جمعه مع ياسر المصري، شعور بالقلق بسبب عدة نقاط، أبرزها المقارنة مع الفنان الراحل أحمد ذكي وماقدمه في شخصية جمال عبد الناصر في فيلم “ناصر 56″، النقطة الثانية كانت اللكنة المصرية، وانتقادات الجمهور للممثلين العرب في حال عدم اتقانهم للهجة المصرية، وهو ما حدث في أعمال أخرى تناولت شخصية جمال عبد الناصر، أما النقطة الثالثة فكانت التناول العمري لشخصية عبد الناصر، من فترة الأربعينات وحتى منتصف الستينات، وهي الفترة التي لم يتم تناولها في أي عمل درامي سابق.

النقطة الأخيرة كانت، تناول الجانب الأيديولوجي لجمال عبد الناصر، لأنه العمل الأول الذي يظهر فيه عبد الناصر، وهو منتمي في بداية حياته لجماعة الإخوان المسلمين، وهو أمر موثق تاريخيا لكن كان يتم تجنبه في الدراما.
أكد البندري أن المصري كان متوترا في البداية، بسبب قيام بعض الممثلين المصريين بشن حملات بسبب إسناد الدور إلى ممثل غير مصري، لكنه نصحه بتجاهل تلك الانتقادات والتركيز في تقديم الشخصية بشكل يثبت صحة اختياره، وبالفعل اندمج ياسر المصري مع الشخصية وقدم عدد من المشاهد الهامة في المسلسل.

ومن أبرز تلك المشاهد التي يعتز بها شريف البنداري لصعوبتها، مشهد حادث المنشية عام 1954، حيث أن الفيديو المتاح للحادث على الانترنت لا تزيد مدته عن 42 ثانية، وقام ياسر المصري بتجسيده في المسلسل بنفس طريقة الكلام والسكتات في 42 ثانية أيضًا.
المشهد الثاني، كان مشهد التحقيق مع عبد الناصر عام 1949 في مكتب، رئيس الوزراء، بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، حيث نجح ياسر المصري في أن يجمع بين الظهور كضابط صغير السن يشعر بالتوتر للتحقيق معه، مع إظهار وجود بوادر الزعامة في شخصيته.

المشهد الأهم من وجهة نظر المخرج شريف البنداري، هو مشهد التصديق على حكم إعدام سيد قطب عام 1965، وهو المشهد الذي يظهر فيه تداخل مشاعر عبد الناصر، بسبب العلاقة التي جمعته بسيد قطب لأكثر من 15 عام، واتخاذه قرار التصديق على الحكم.

أوضح البنداري، أن أول مشهد صوره ياسر المصري، كان مشهد تظاهر الإخوان أمام قصر عابدين عام 1953، وظهر فيه المصري دون أن يتحدث، وهو يرفض رد التحية لأحد قيادات الإخوان في حضور الرئيس محمد نجيب.

وصف شريف البنداري، الفنان الراحل ياسر المصري، بأنه من أكثر الممثلين الذين عمل معهم تفانيًا ودأبًا، على تجسيد الشخصيات، وشدد أنه لا يقول ذلك بمناسبة رحيله، لكنها حقيقة يعرفها كل من اقترب من ياسر المصري، وهو ما ظهر في رسائل الوداع التي كتبها العديد من الفنانين عقب وفاته، وهو ما أكد عليه الكاتب الكبير وحيد حامد، أثناء تصوير المسلسل، حيث استحسن اسناد الدور إلى ياسر المصري.
أضاف شريف البنداري، أن ياسر المصري كان متابعا لردود الفعل عقب انتهاء التصوير وعرض المسلسل، وأنه كان سعيد بالإشادات التي نالها، حتى أنه تلقى تكريما من نقابة الفنانين الأردنيين خلال مهرجان الأردن الدولي للأفلام في دورته الخامسة، سبتمبر 2017، عن تجسيده لشخصية جمال عبد الناصر بمسلسل “الجماعة 2″، وأنه طلب منه تسجيل كلمة بهذه المناسبة وهو ما حدث بالفعل وقتها ليتذكرها البندراي أمس بعد وفاة المصري.