محمد الشناوي.. بطل موقعة أوروجواي

محمد حسن الصيفي

دخل المنتخب المصري مباراته الأولى في كأس العالم بتشكيل أغلبه متوقع ومعروف، بداية من الحارس محمد الشناوي وصولاً إلى المهاجم مروان محسن.

المنتخب خسر أمام أوروجواي بهدف صادم في الدقيقة 89 من عمر المباراة، بينما ذهبت جائزة أفضل لاعب في المباراة للحارس “محمد الشناوي” الذي فاز بلقب رجل المباراة في مباراته الرسمية الأولى.

 

نحو الطريق

قبل البطولة بأشهرٍ قليلة أصيب الحارس أحمد الشناوي، والذي يعد الاختيار الأول لكوبر نظريًا، فهو الذي بدأ بطولة الأمم الإفريقية بالجابون 2017 قبل أن تضربه الإصابة في المباراة الأولى أمام مالي. وقبل البطولة بأيام خرج عوّاد حارس الإسماعيلي من قائمة المنتنخب بعد سخط كبير من أغلب الجماهير والمتابعين.

قبلها خرج إكرامي “أحد رجال كوبر” من المنافسة الرسمية لحراسة المنتخب في المونديال بعد أن قضى موسمه على مقاعد البدلاء للشناوي، حتى أن اختياره جاء مفاجأة على حساب عواد المكافح المجتهد وأحد أهم لاعبين الدوري المصري الأعوام الثلاثة الأخيرة.

لم يتبقى في المنافسة سوى الحضري الحارس الأسطوري للمنتخب صاحب الستة وأربعين عامًا ومعه محمد الشناوي الحارس الأول للأهلي.

كوبر بعد ودية البرتغال وجد في الشناوي حارسًا هادئًا يتحمل الضغط في مباراة أنقذ فيها مرمى الفريق من أهداف محققة، يحتاج فقط لجرعات مكثفة من الثقة ورفع الحالة المعنوية ليصبح حارسًا ممتازًا، بينما قدم الحضري مردودًا ضعيفًا في الشوط الثاني للقاء بلجيكا، وبدا عليه التأخر في رد الفعل تجاه الكرات والبطْء ومن ثم الفشل في التعامل معها، وهو اللقاء الذي كان بمثابة الاختبار الأخير قبل ضربة البداية، وصل كوبر وناجي وقتها إلى أن الشناوي هو الحارس الأول في المونديال.

لا يأس مع الحياة

لا بأس، هل يمكنني المبالغة والفلسفة بعد مباراة مليئة بالشجن والمشاعر المشحونة؟

الشناوي هذا قصة كفاح وسيناريو مكرر للمرة الألف حول مفهوم الأمل في الحياة وليس فقط في كرة القدم.

الشناوي في كرة القدم رائع أو في الطريق إلى ذلك، ليست تلك القضية.

القضية في صناعة الأقدار والمنحنى والرسم البياني العجيب، لاعب يتربى بالأهلى، يلعب معه مباراة وحيدة موسم 2007/2008 يخرج بعدها لفريق طلائع الجيش يجلس بين صفوفه ثلاثة أعوام، ثم يخرج معارًا إلى حرس الحدود ثم يذهب إلى بتروجيت يقضي ثلاثة مواسم أخرى، ثم يعود للأهلي موسم 2016/2017، هل تنتهي القصة ؟!

لا، الشناوي ينهي موسمه الأول على مقاعد البدلاء للحارس شريف إكرامي الذي يقدم مردودًا سيئًا في مبارايات الفريق الإفريقية فينهي “الجزار” حسام البدري الجدل بعدها بإعطاء الشناوي الفرصة موسم 2017/2018 !

 

لكنه يُهيئ الأسباب !

تجد هذه الجملة منتشرة بكثافة على مواقع التواصل “لعله استجاب ولكنّه يُهيئ الأسباب”، هذا هو الجانب الخفي من القضية، الشناوي ملهم ليس لأنه بات سوبر مان أو سوبر هيرو، الشناوي ملهم لأنه أتى من بعيد، بهدوء، دون صخب ودون ضجة ودون مساندة أو أصدقاء يدعموه من خلف الكواليس، وكأنه أتى من باب العبرة والتفكر، فمنذ أشهر قليلة أو سنة جاء الرجل من بتروجيت محملاً بآمال وأحلام لحراسة عرين الفريق الأحمر والوصول للمنتخب، لكنها جميعا تبخرت بعد موسمه الأول ليجد نفسه حبيسًا خارج الخطوط، من كان يظن وقتها أنه سيقود بالفعل تلك الآمال والأحلام ولكن بعد قليل !

حتمًا لو فكر أحدنا في ذلك لكان محض هراء، لكن القصة لها زوايا دائمًا مختلفة، وما تظهره الأرض من الشجر تخفي أضعافه أثناء عملية الصناعة تحت الأرض.

صحيح خسر المنتخب اليوم بهدف محطم للمشاعر في لحظة “سرحان” لا يملها خط الدفاع المصري، لكن خرج اليوم بسعادة وفخر، يستحق كل لاعب اليوم كلمة مطولة عن الشرف والكفاح والوعي الشديد بأن تحمل أحلام شعب يجلس الكثير منه يجلس أمام الشاشات يتعبد لله بالدعوات والدموع بأن يحالفنا الحظ والنصر.

لكن لله حكمة لا نعلمها، ربما يخبأ لنا الأفضل، وفرحة أكبر في موعد قادم، ومن دبر لهذا القادم من المجهول أمره مخترقًا الصفوف حاملاً قفازه واقفًا أمام المرمى يصنع المجد والتاريخ.. سيدبر لنا فرحة أكبر في القريب، وما هدف التأهل على أوغندا ببعيد .. تفاءلوا.