نهى هنو تكتب: "رحيم" الحصان الرابح في رمضان 2018

تتنوع الدراما الرمضانية كل عام ما بين الدراما الاجتماعية والكوميدية ودراما الأكشن والدراما الكلاسيكية والتراجيدي منها، وفي هذا العام نجد أن كثير من الأعمال احتوت على قدر كبير من دراما الأكشن والإثارة، ليس فقط فى المحتوى بل لمشاهد تقترب من المشاهد السينمائية من حيث الجودة والتنفيذ، وربما أن هذا هو مضمون العمل الفنى في السينما أو التليفزيون وهو جذب المُتلقي دون ملل قدر المستطاع و القدرة على متعته بصريا وفكريًا وإبهاره إلى أطول مدة ممكنة، وهذا يتحقق عادة من خلال الديكورات والأزياء وكيفية التصوير والألوان والتي بالطبع تختلف من عمل إلى أخر بحسب نوعه و قصته.

وبحسب ذلك نجد أن هذا وضح جليًا في مسلسلات كـ”طايع” للفنان عمرو يوسف و”رحيم” لياسر جلال و”عوالم خفية” للنجم عادل إمام و”كلبش” لأمير كرارة وغيرهم، والتي تحقق تتابع الأحداث بمنطقية وسلاسة وبسرعة كبيرة حفاظا على الإيقاع العام للعمل، وبما لا يخل بالسياق الدرامي أو دخوله في حيز الرتابة والمماطلة.

أما عن “رحيم” فهو يعد الحصان الرابح حتى الآن في السباق الرمضاني، لما تميز به النجم ياسر جلال للعام الثاني على التوالي بعد نجاحه في “ظل الرئيس” العام السابق، ليكشف عن حجم موهبته وقدراته التمثيلية الكبيرة والمُتدفقة بشكل يبهر الجميع.

نرشح لك : مواعيد عرض رحيم #مسلسلات_رمضان_2018

يعد المسلسل من تيمة دراما الأكشن والإثارة، والتي تفوق فيها مدير التصوير زكي عارف خاصة في المشاهد التي تحتوي على مطاردات بين بطلي العمل تحديدًا ياسر جلال ومحمد رياض وبين الشخصيات الأخرى، فجاء التصوير متقنًا جدًا من خلال اختيار زوايا اللقطات وأحجامها المختلفة، بل والاعتماد على تقنية التصوير والمونتاج السريع أحيانًا أخرى، بالإضافة إلى المؤثرات البصرية لزيادة إضفاء روح المطاردات الحقيقية والاستمتاع بها.

توافر في العمل أيضًا عوامل النجاح المختلفة بداية من القصة والسيناريو والحوار مرورًا بالإخراج والإيقاع المنتظم، حتى أداء الممثلين والذي تميز من بينهم بطل العمل ياسر جلال وصبري فواز صاحب الأداء الهادئ المُتمكن. أما عن محمد رياض فجاء مميزًا مع وضوح علامات فرق السن قليلا مما أثر فى بعض المشاهد على أدائه، لكنه شكَّل ثنائيًا ناجحًا مع ياسر جلال الذى يثبت أن وصول الفنان حتى وإن جاء متأخرًا يبرز موهبته الحقيقة وليس العكس، جاءت نور في أداء سلس رقيق وحاد في بعض الأحيان لكنه أقرب إلى الاحترافية المعتادة منها حتى بعد غياب طويل عن التمثيل، لم تأتى دينا بجديد في هذا الدور عن الأدوار التي قدمتها من قبل، تألق أيضًا طارق عبد العزيز في دوره بالعمل، والذي اتسم بالشر الممزوج بالكوميديا، أما عن ياسمين غيث فلم تكن مُقنعة إلى حد كبير في تجسيدها لدور الشر.

جاء ظهور الفنان القدير حسن حسني مُؤثرًا ورائعًا وإضافة كثير من الإنسانية للعمل، فهو دائمًا قادر على إسعادنا من خلال تميزه وتاريخه الفنى الطويل.

نرشح لك : تعرف على أبرز 9 شخصيات في مسلسل “رحيم”

لم يكن الإيقاع العام للمسلسل مُنتظما بل شابه بعض البطء والمماطلة في منتصفه، فلم يكن كما بدأ في محطاته الأولى منه والتي كانت أكثر متعة وتشويقًا، جاءت القصة جيدة وموائمة لما تعيشه مصر من تغييرات سياسية واجتماعية منذ سنوات عدة من خلال تجسيد ياسر جلال لشخصية رجل الأعمال الفاسد صاحب السلطة والقوة والنفوذ والمال الذي يعمل بغسيل الأموال وتهريبها إلى خارج البلاد.

جاء التعبير الإخراجي لمحمد سلامة المخرج للعمل غاية في الدقة والاحترافية والتميز خاصة في الحلقات الأولى، وتوحد أيضًا البطل مع شخصيته بإتقان شديد، استطاع فيه أن يجذب المشاهدين حتى من قبل العرض وعند نزول التتر الخاص بالمسلسل، ولعل من أفضل تلك المشاهد مشهد البداية وعرض الشخصية الرئيسية للعمل وأبعادها الاجتماعية والنفسية من خلال نزول “رحيم” من طائرته الخاصة الهليكوبتر، عاملا على الاستعانة بصديقه “حلمى” حتى يتمكن من تهريب أموال إلى الخارج، مرورا بالدخول إلى حياته ومعيشته في ذلك القصر الفاره الذي يعيش فيه مع عائلته، جاءت تلك اللقطة مُحكمة وحجمها ممتاز ومعبر بشكل كافي عن رسالة المخرجن وإبراز مدى قوة تلك الشخصية وتحكمها، وهي من أفضل اللقطات بوجه عام.

 جاءت فى الحلقة الثانية تحديدًا أيضًا اللقطة الخاصة لرحيم وتواصله مع البنوك الخارجية لإتمام عمليته ومكوثه فى المكتب الخاص به، مُتلقيا خبر التنحى لرئيس الجمهورية الأسبق حسنى مبارك فى صدمة عالية، متحولا بأداء طبيعي إلى رجل متوتر يعمل على إنقاذ آخر ما لديه فى لحظات صعبة خشية انهيار كل شيء وهو الذي أبدع فيه ياسر جلال  فى التمثيل بحضور طاغٍ.

لم يكن إيهاب فهمي كعاداته في هذه المرة بل كان الأفضل والأكثر نضجًا عن الأعمال السابقة، فقد تميز بأداء مختلف وعمل فيه على مبارزة فنية جميلة مع ياسر جلال من خلال تلك المشاهد التى تجمع بينهما فى السجن، والذي بدوره يعمل ضابطًا في الأمن الوطني ومواجهته له بأن النظام الذي كان يعد بمثابة حائط الأمان له قد تغير، وأن البلاد لم تعد كما كانت من قبل، ليخرج رحيم من السجن للعالم الخارجي محاولا الانتقام من كل من نهب أمواله وممتلكاته في أحداث تتصاعد وتهبط بإثارة عالية.